مسؤولون عسكريون أميركيون: الأكراد يتلقون شحنات أسلحة من بلغاريا

تحدثوا عن تسلم أسلحة وذخائر جلبتها 3 طائرات «سي ـ 130» في سبتمبر

TT

أكد ثلاث مسؤولين عسكريين أميركيين تلقى مسؤولين أكراد ثلاث شحنات جوية من الأسلحة الصغيرة والذخيرة تم استيرادها من بلغاريا، وقالوا إن هذه الشحنات لم تأت عبر الطريقة المتبعة لآلية الشراء التي تقوم بها الحكومة المركزية.

تلك الكمية الكبيرة من الأسلحة وتوقيتها أزعج المسؤولين الأميركيين، الذين أعربوا عن قلقهم المتزايد بشأن المواجهات المسلحة بين الأكراد العراقيين والحكومة في وقت يحاول فيه الأكراد توسيع نفوذهم في مناطق الشمال العراقي.

وقال ثلاثة مسؤولين، قد تحدثوا، شريطة عدم ذكر أسمائهم، بسبب حساسية المعلومات، إن شحنات الأسلحة وصلت إلى مطار السليمانية في سبتمبر(أيلول) على متن ثلاث طائرات «سي ـ 130».

ورفض المسؤولون الأكراد الإجابة عن التساؤل الخاص بشأن الشحنات، لكنهم قالوا في بيان «إن الحكومة الإقليمية في كردستان لا تزال تقف على خط المواجهة مع الإرهاب في العراق، وأنه لا يوجد في الدستور ما يمنع الحكومة الإقليمية من الحصول على أغراض دفاعية من أجل دفاعاتها الإقليمية في ظل هذا التهديد المستمر».

ويتمتع العراقيون الأكراد بمنطقة حكم ذاتي تضم ثلاث محافظات من بين 18 محافظة عراقية، وقد حملت الشهور تدهورا في العلاقات بين الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة والتي تضم بين أعضائها وزراء أكراد في مناصب رفيعة وزعماء الأكراد بتوسيع رقعة الأراضي الكردية عبر نشر الميليشيات الخاصة بهم المعروفة بالبيشمركة في المناطق التي تقع إلى الجنوب من إقليم كردستان. ومن بين الأمور الأخرى لا يزال الصراع قائما بين الحكومة في بغداد والأكراد للسيطرة على مدينة كركوك الغنية بالنفط والتي تقع إلى الجنوب من الإقليم، وكذلك حول توزيع دخل النفط.

ومن المعروف أن الأكراد العراقيين يتمتعون بحكم ذاتي منذ عام 1991 عندما بدأت القوات الأميركية والبريطانية في فرض منطقة حظر الطيران في شمال العراق لحماية المنطقة من جيش صدام حسين. وفي أعقاب غزو العراق الذي قادته الولايات المتحدة عام 2003 تزايدت المخاوف من إمكانية إعلان الأكراد استقلالهم، إلا أن الأكراد أعربوا عن رغبتهم في الاستمرار كجزء من عراق فيدرالي.

كما صرح جواد البولاني وزير الداخلية العراقي في مقابلة معه بأن مسؤولي الحكومة المركزية لم يقدموا لمسؤولي إقليم كردستان تفويضا بشراء أسلحة من بلغاريا. وأشار إلى أن امتلاك مثل هذه الأسلحة سيشكل انتهاكا للقانون العراقي لأن وزراء الداخلية والدفاع هم المخولون بشراء الأسلحة.

ومن جهة ثانية، أعرب خبراء دستوريون عراقيون ان الوثيقة لا تحدد ما إذا كان المسؤولون في الأقاليم يتمتعون بالصلاحية لشراء الأسلحة، إلا أن مسؤولين عراقيين وأميركيين قالوا إن وزارتي الداخلية والدفاع هما الكيانان المخولان باستيراد الأسلحة، حيث تمد وزارة الدفاع الجيش العراقي بالأسلحة وتوفر وزارة الداخلية الأسلحة لقوات الشرطة في البلاد.

وصرح البريغادير جنرال تشارلز دي لوكي الذي يساعد الحكومة العراقية في شراء حاجاتها من الأسلحة اول من أمس بأن الحكومة العراقية حصلت على كميات كبيرة من الأسلحة عبر برنامج المبيعات العسكرية الخارجية، وهو نظام مشتريات تديره الولايات المتحدة، وأضاف انه لم يشهد من قبل قيام حكام الأقاليم بشراء أسلحة بصورة مستقلة من الخارج.

وبوجود آلاف الجنود الأميركيين الذين يعملون في تدريب القوات الأمنية العراقية، فان الحكومة الأميركية تعرف كل شيء عن الأسلحة التي تم استيرادها بصورة قانونية، وقال المسؤولون الثلاثة إن الشحنات التي قدمت إلى البلاد في سبتمبر (أيلول)، أدهشت الجيش الأميركي، إذ انهم علموا بشأن تلك الشحنات من بلغاريا. وقال الثلاثة إنهم لا يعلمون ما إذا كان المسؤولون الأميركيون قد واجهوا المسؤولين الأكراد بشأن تلك الشحنات أو حذروا حكومة رئيس الوزراء نوري المالكي. وقال أحد المسؤولين مشيرا إلى الميليشيا «إنه بالرغم من تمتع الأكراد بالحكم الذاتي والاحتفاظ بقوات البيشمركة، لكن التسليح الذاتي وجلب الأسلحة خلسة بهذه الطريقة.. إذا ما كنت في محل الحكومة العراقية فإنني لا بد وأن أبدي انزعاجي».

وفي الوقت الذي انخفضت فيه نسبة العنف في العراق بصورة ملحوظة في الشهور الأخيرة، تصاعدت التوترات السياسية بين القادة العراقيين الذين يستعدون لخوض الانتخابات البلدية والمحلية المقرر إجراؤها في العام المقبل. وأحد النزاعات الرئيسة ـ التي تتضمن التوتر بين السنة والشيعة والمنافسة بين الأحزاب الشيعية المختلفة ـ ذلك الشقاق بين الأكراد والحكومة العراقية الذي أصبح مثار انزعاج في الشهور الأخيرة، فقد تراشق مسؤولون حكوميون الاتهامات ودخلوا في حرب كلامية وكادت قوات الجيش العراقي ان تدخل في مواجهات مسلحة مع قوات البيشمركة.

وقال كنيث باتزمان المتخصص في شؤون الشرق الأوسط في مركز أبحاث الكونغرس في واشنطن «ليس من الصعب أن نشهد ثورة عنف في الشمال، إذا لم تحل أي من المشكلات المتعلقة بالأكراد».

ويحتفظ الأكراد بقوة سياسية كبيرة في محافظتي التأميم ونينوى نتيجة لمقاطعة العرب انتخابات عام 2005، ويمتلك الأكراد 75 مقعدا من أصل 275 هي عدد مقاعد البرلمان العراقي. وكانت أعمال العنف قد اندلعت في كركوك هذا العام وسط نزاع سياسي حول مقترح العرب بأن توزع المقاعد في مجلس المحافظة بالتساوي بين الأكراد والعرب والتركمان، لكن أعضاء مجلس النواب العراقي اضطروا إلى تأجيل خطط إقامة الانتخابات المحلية في المحافظة لأن الجانبين لم يتمكنا من التوصل إلى اتفاق.

وفي أغسطس (آب) حال المسؤولون العسكريون الأميركيون من وقوع صدامات بين وحدات الجيش العراقي وقوات البيشمركة في مدينة خانقين بمحافظة ديالي.

وخلال الأسابيع القليلة الماضية، وقع تراشق بالألفاظ بين المالكي وقادة أكراد بارزين حول ما يسمى بمجالس الاسناد التي شكلها المالكي، وقال المالكي إن المجالس التي تضم زعماء قبائل موالين للحكومة هم عين الحكومة المركزية وأذنها في المحافظات، لكن مسعود بارزاني رئيس إقليم كردستان والقادة العراقيين الآخرين اتهموا رئيس الوزراء باستغلال المجالس لتدعيم نفوذه في المناطق التي يلقى فيها دعما سياسيا ضعيفا. وقال بارزاني في آخر تصريح إخباري له إن المالكي «يلعب بالنار». وكان جلال طالباني، الرئيس العراقي، الكردي، قد بعث مؤخرا برسالة إلى المالكي يقول له فيها إن الأموال التي تنفق على هذه المجالس يجب أن تنفق على القوات المسلحة.

يذكر أن قوات البيشمركة الكردية التي بدأت كميليشيا تسيطر عليها العائلات الكردية ذات النفوذ، قد حاربت القوات العراقية عندما كان صدام حسين في السلطة، وكان دورها الرئيس عند الغزو حراسة المناطق الكردية في الشمال، بيد أن وحدات البيشمركة انتشرت شمال مدينة الموصل في 2004 لتقديم المساعدة في القضاء على التمرد الناشئ في المدينة، كما تم إرسال البعض منهم إلى بغداد كجزء من خطة زيادة عدد القوات الأميركية. وقد تراجعت الحكومة العراقية، في الآونة الأخيرة، عن استخدام قوات البيشمركة خارج نطاق إقليم كردستان واتخذت خطوات لإحلال قوات سنية وشيعية بدلاً من القوات الكردية في مدينة الموصل والتي تعد أكثر المناطق عنفا في شمال العراق.

وكان مسؤولون بالحكومة المركزية قد عبروا عن استيائهم من عرض بارزاني السماح للقوات الأميركية بإقامة قواعد في إقليم كردستان، بالقول إن الحكومة الإقليمية لا تملك حق تقديم مثل تلك العروض، خاصة وأن المسؤولين العراقيين يطالبون بانسحاب تدريجي للقوات الأميركية.

ويقول محمود عثمان النائب الكردي في البرلمان العراقي «الأجواء مشوبة بالتوتر، فالمالكي وأعضاء حكومته يتهمون السلطات الكردية بانتهاك الدستور، والأكراد يبادلونه نفس الاتهامات».

* خدمة «نيويورك تايمز»