البرادعي يؤيد تقديم دعم فني لسورية بالرغم من نظر وكالة الطاقة ملفها النووي

عارض الدول الغربية التي رفضت دعم جهود دمشق

TT

شدد الدكتور محمد البرادعي، مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية، على ضرورة التزام الوكالة، بالمعايير الفنية التقنية البحتة، فيما تقوم به من مهام، وما تقدمه من معونات ومساعدات لدولها الاعضاء، بعيدا عن اية مقاصد او مرام اخرى. داعيا لضرورة الحفاظ على الوحدة وروح الإجماع، الذي عرفت به قرارات الوكالة.

جاء ذلك كما علمت «الشرق الاوسط» في حديث للبرادعي صباح أمس، امام اجتماع مهم ومغلق، تعقده اللجنة الفنية للتعاون التقني، مع الدول أعضاء الوكالة، يتواصل طيلة يومين كاملين يسبقان الاجتماع الدوري القادم لمجلس امناء الوكالة، الذي يبدأ جلساته يوم الخميس، وتتضمن أجندته النظر في ثلاثة ملفات نووية لدولة كوريا الشمالية وايران بالاضافة لسورية، التي يتم النظر في ملف خاص بها للمرة الاولى.

من جانبها، تشمل اجندة اجتماع لجنة التعاون الفني، النظر في ميزانية التعاون التقني للاعوام 2009 ـ 2011 وتقدر ب 253 مليون دولار، مائتا مليون منها لتمويل 551 مشروعا جديدا تقدمت بها 115 دولة عضوا، بجانب 78 مشروعا اضافيا اخر. وتطلب معظم تلك المشروعات، اعانات فنية متنوعة لمشروعات غذائية وصناعية وزراعية وطبية وتقنية ذرية، اهمها العلاج بالذرة، فيما تزايد اخيرا الطلب لمعونات لانشاء محطات وقود نووي.   هذا وتشير متابعات «الشرق الاوسط» الى ان البرادعي، تصدى بوجه صارم لمحاولات غربية تسعى لحرمان سورية من عون الوكالة ودعمها لمشررع تقدمت به لاجراء دراسة جدوى، تكلفتها 350 الف دولار، لانشاء محطة كهربية بالطاقة النووية، وذلك ضمن 7 مشروعات اخرى. وكانت الولايات المتحدة الاميركية وعدد من الدول الغربية، قد عارضت تمويل ذلك المشروع بدعوى ان سورية «تخضع لعمليات تحقيق وتحر وتفتيش» من قبل الوكالة ومفتشيها الدوليين. مشيرين الى ان مجلس الأمناء سينظر في اتهامات موجهة لسورية حول نشاط نووي غير معلن بمفاعل الكبر «منطقة الزور» الذي دمرته اسرائيل سبتمبر 2007، بدعوى انه مفاعل نووي لاغراض نووية عسكرية، ما يهدد امنها.

فيما نفت سورية وما تزال تلك الدعاوى مؤكدة ان الموقع مجرد موقع عسكري مهمل، نافية الاتهامات الاسرائيلية. بينما لم تؤكد التحقيقات التي تقوم بها الوكالة او تنفي، ان كان المكان مجرد قاعدة عسكرية او مفاعلا نوويا.

ومعلوم ان سورية كانت قد سمحت لوفد من من الوكالة بزيارة للموقع في يونيو الماضي، حيث تمكن المفتشون من اخذ عينات بيئية تم تحليلها بمعامل الوكالة بمنطقة ساينزدورف، على بعد 31 كيلومترا، شرق العاصمة النمساوية فيينا حيث يقع مقر الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وكانت تلك العينات قد اثبتت وجود تلوث نووي ليورانيوم مصنع. اشارت سورية الى انه نتيجة للصواريخ الاسرائيلية التي دكت الموقع.  فيما اشار البرادعي في تقرير رفعه للدول اعضاء الوكالة، الاسبوع الماضي، عن الملف النووي السوري، ان الوكالة تطالب سورية بالسماح لها بزيارات اخرى لعدد من المواقع بالقرب من الموقع المذكور، وبتقديم بقايا الركام الذي تبقى من المبنى التي ازالتها سورية. كما ان الوكالة تطلب من إسرائيل تقديم المزيد من المعلومات، كما تطلب من الدول الغربية التصريح لها بعرض ما أمدت به الوكالة من صور وبينات كاملة على سورية. ولا تزال الوكالة تطمح لتكملة تلك التحريات، فيما اعلنت سورية انها لن تسمح بمزيد من الزيارات للمفتشين الدوليين، حفاظا على امنها القومي. مؤكدة ان مواقعها مواقع عسكرية. مشددة انها دولة في حالة حرب معلنة مع اسرائيل. هذا وتفيد متابعات «الشرق الاوسط» ان محمد البرادعي، قد ذكر المجتمعين، صباح امس، انه والوكالة، ملتزمان تماما بالنظام الاساسي للوكالة، وبالمعايير الواضحة لاختيار برامج التعاون الفني، ما لم تقرر الدول اعضاء الوكالة تغيير ذلك. محذرا من الانقسام على مبادئ نشاط التعاون الفني للوكالة. واصفا اياه بنشاط الوكالة الأساسي. مركزا على اهمية التركيز على الاسس والارشادات الواضحة التي تتبعها الوكالة عند اختيار مشروع من المشاريع التي تتقدم بها الدول الأعضاء. مفندا الدعاوى بضرورة حجب مشروع فني عن سورية، بدعوى ان سورية قيد التحقيق. مطالبا بالحذر عند استخدام عبارة «قيد التحقيق» مؤكدا ان المتهم بريء حتى تثبت ادانته. وان مجرد الاتهامات ليس مبررا كافيا لحجب تعاون فني عن اية دولة. موضحا ان الوكالة طيلة تاريخها، لم تقرر حجب تعاون فني إلا في اربع حالات هي: عام 1981 بقرار من مجلس الامناء ضد اسرائيل عندما ضربت المفاعل العراقي، ثم مرة ثانية ضد العراق عام 1991 بقرارين صادرين من مجلس الامن ومجلس امناء الوكالة الدولية للطاقة الذرية. ومرة ثالثة عام 1994 بقرارين من مجلسي الامن الدولي والامناء ضد مشروع كوري شمالي ثم مؤخرا عن ايران «بشكل جزئي» وذلك وفقا لقرار من مجلس الامناء، لعدم التزام ايران بمقررات المجلس الداعية لوقف تخصيب اليورانيوم. وتؤكد معلومات موثقة حصلت عليها «الشرق الاوسط» ان البرادعي، طالب المجتمعين بالعودة لاسترجاع الاتهامات التي انصبت على العراق بامتلاك اسلحة دمار عام 2003، ما ادى لحرب ما يزال العراق يعاني منها. وذلك رغم ما اكدته الوكالة حينها بعدم وجود أية أسلحة دمار بالعراق، بعد الأسلحة التي كانت الوكالة قد حصرتها عام 1991، بتوجيه من مجلس الامن. منبها لضرورة الاعتبار من تلك التجارب القاسية.