رئيس المفوضية الأفريقية يستعرض تقريراً عن عملية تنفيذ اتفاقية السلام في السودان

المشرف السياسي على منطقة أبيي الغنية بالنفط في السودان يحذر من صدام جديد بالمدينة

TT

استعرض رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي جيان بينغ تقريراً شاملاً امس في العاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، بشأن عملية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل الموقع في يناير (كانون الثاني) 2005 بنيروبي بين الحكومة السودانية والحركة الشعبية لتحرير السودان. وركز تقرير المفوض الذي قدمه لمجلس السلم والأمن الأفريقي في جلسة مغلقة استمرت يوماً واحداً بمقر الاتحاد الأفريقي على آخر تطورات ومستجدات الوضع وعملية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل والتطورات السياسية والأمنية ومهمة ترسيم الخط الحدودي الشمالي الجنوبي بين عدد من بنود الاتفاقية. وتناول التقرير أنشطة الاتحاد الأفريقي المختلفة لدعم عملية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل واتخاذ الخطوات الضرورية لتقديم الدعم الكامل لتنفيذ الاتفاقية. واستمع المجلس لتقرير واف ومفصل لكل من يحيى حسين، مسؤول من مكتب تنفيذ اتفاقية السلام برئاسة الجمهورية، والدكتور برنابا جيمس وزير التعاون الإقليمي بحكومة الجنوب.

وفي تصريحات صحافية، قال ممثل الحكومة السودانية يحيى حسين أنه قدم تقريرا وافياً عن مدى تنفيذ الاتفاقية مع ذكر الملاحظات التي أبدتها الحكومة في هذا الشأن والتحديات الماثلة أمام تنفيذ عدد من بنود الاتفاقية. وذكر حسين أن المجلس استمع إلى 7 تقارير؛ مجملها أشاد بالتقدم الكبير والنجاح التي أحرزته اتفاقية السلام، مشيراً إلى أن كثيراً من الصعوبات بمختلف أنواعها كانت سبباً رئيسياً وراء عدم تنفيذ بعض البنود. وقال «نحن نأمل أن يخرج المجلس الأفريقي بتوصيات إيجابية بشان تنفيذ الاتفاقية، وبدعوة شريكي الحكم بتكثيف العمل المشترك بينهما من أجل تعزيز الاتفاقية». من جانبه، صرح ممثل حكومة الجنوب برنابا جيمس أن حكومته تتوقع المزيدَ من دعم الاتحاد الأفريقي والأمم المتحدة بصفتها الداعم الرئيسي لتنفيذ عملية السلام الشامل.

وقال جيمس «نحن نرحب بالتقرير الذي استمعنا إليه من قبل المفوض الذي يأتي في إطار الجهود الإقليمية والدولية لتعزيز السلام في السودان». وأوضح جيمس أن التقرير الذي قدمه للمجلس ركزَ على المعوقات التي وقفت أمام تنفيذ بعض البنود وكذلك ما تم إنجازه. وامتدح الشفافية التي سادت الاجتماع، وقال «نحن في الفترة الأخيرة أبدينا كامل التزامنا بتنفيذ الاتفاقية التي نعتبرها تأتي بنتائج إيجابية للسودان بصفة عامة والجنوب بصفة خاصة». وحث جيمس شريكي الحكم على التعاون المتبادل وبثقة متبادلة، مشيراً إلى أن الوقت تأخر كثيراً ومرت أكثر من ثلاثة أعوام على توقيع الاتفاقية وكان ينبغي تنفيذها بالكامل.

وتفاءل ممثل حكومة الجنوب بالانتخابات القادمة والاستفتاء وترسيم الحدود بين الجنوب والشمال وإعادة إعمار وتنمية الجنوب، مناشداً كافة الجهات المعنية بتقديم الدعم اللازم من أجل دفع عملية تنفيذ اتفاقية السلام الشامل بالسودان. وقال جيمس إن الأزمة في إقليم دارفور يمكن أن تعرقل تنفيذ بقية بنود اتفاقية السلام الشامل في السودان. كما استمع المجلس لتقرير من الحكومة الإثيوبية بصفتها رئيسة السلطة الحكومية للتنمية ومكافحة الجفاف (إيغاد) بشأن تنفيذ عملية السلام الشامل وتقرير للممثل الخاص للأمم المتحدة والاتحاد الأفريقي في السودان.

من جهة اخرى حذر إدوارد لينو، عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية، المشرف السياسي على منطقة أبيي، من حدوث صدام دموي متوقع له في يناير (كانون الثاني) المقبل، وقال إن هذا الصدام سيستمر طويلاً في المدينة الغنية بالنفط والمتنازع عليها بين الشمال والجنوب.

وتوقع أن يكون صداماً «أكثر دموية»، مما حدث في مايو (آيار) الماضي. وأكد لينو الذي كان يشغل رئيس المخابرات في الحركة الشعبية قبل توليه منصبه الحالي، في ندوة نظمها مركز الدراسات الإستراتيجية بـ«الأهرام»، ليلة أول من أمس، «أن الفترة الأخيرة شهدت تسليحًا على مستوى عال لأبناء قبيلة المسيرية من قبل من المؤتمر الوطني»، مشيراً إلى «أن المسيرية ما زالوا تحت إمرة الدولة التي تسلحهم لخلق مشاكل في المنطقة».

وقال لينو إن وفداً من المسيرية كان قد وصل إلى أبيي، الأسبوع الماضي، طلبًا للسلام، ولكن أبناء المنطقة رفضوا أيَّ سلام إلا بعد إعادة ممتلكاتهم التي نهبت منهم بعد حرق قراهم في مايو الماضي، ولكن المسيرية رفضوا ذلك بل أقاموا سوقاً في منطقة «المجلد» أطلقوا عليه سوق أبيي، وعرضوا خلاله ما غنموه من هذه الممتلكات والأشياء الثمينة وباعوها بأسعار زهيدة؛ منها أجهزة كومبيوتر محمولة ورسيفرات وأجهزة كهربائية وكل كماليات المنازل وغيرها، مشيرًا إلى أن هذه التداعيات مع التسليح المستمر للمسيرية من قبل الحكومة سيكون السبب المباشر في تفجر الموقف. وقال لينو: «هناك من يتهمني بأنني وراء أحداث مايو الماضي في أبيي، ولكنني في حقيقة الأمر لم أكن في المنطقة، وفوجئت وأنا داخل اجتماعات الحركة بخبر الصِّدام الذي أحرقت خلاله أغلب قرى المواطنين». وفي رده على سؤال حول توقعاته لنتيجة التحكيم الدولي بشأن قضية منطقة ابيي، وما إذا كانوا يرتضون نتيجة التحكيم إذا جاء الحكم لصالح الشمال، قال «نعم نحن سنرضى بأي حكم يصدر عن التحكيم، وسنعتبره نهائيا ونافذا».

وأضاف «لكن هل يرضى المؤتمر الوطني إذا جاء الحكم لصالح الجنوب أم سيخرج الرئيس البشير ليقسم قسمه المعهود بعدم الخضوع للقرار.. لنصبح مرهونين على حلفان البشير». وجدد تأكيده بأنهم سيقبلون بما تقرره لجنة التحكيم. وأكد لينو حرص الحركة ورغبتها الأكيدة على إجراء الانتخابات في موعدها، العام المقبل. وأشار إلى أن المؤتمر الوطني هو الذي لا يرغب في قيامها بموعدها ونحن ندرك أن هناك مشاكل عويصة ونشتم رائحة معنية.