ميليباند يطالب الخليج باعتماد العصا والجزرة في تعاملها مع «الخطر» الإيراني

قال إن مبادرة السلام العربية «أفضلُ أمل لنا إن لم يكن أملنا الوحيد»

وزير الخارجية الإماراتي الشيخ عبد الله بن زايد آل نهيان يصطحب نظيره البريطاني ديفيد ميليباند في مطار ابوظبي امس (إ.ب. أ)
TT

اختار وزير الخارجية البريطاني، ديفيد ميليباند، العاصمة الإماراتية ابوظبي، ليدعو من خلالها دول الخليج لاعتماد سياسة العصا والجزرة في تعاملها مع إيران للتخلص من برنامجها النووي. ودعا الدول الخليجية الى تقديم مجموعة من الحوافز الجادة الى طهران، وإقامة روابط تجارية أقوى معها، أو اتخاذ تدابير أخرى أكثر تقييداً تكون قيودا مالية في جزءٍ منها. ووصف الوزير البريطاني في خطابٍ أمام مؤتمر «الطاقة النووية في الخليج» المشروع الإيراني بأنه «يشكل خطراً على العالم»، مشيرا في الوقت ذاته للدعم العسكري الذي تقدمه الحكومة الايرانية لحزب الله وحركة حماس، لكنه قال في الوقت نفسه إن الضغوط التي تمارس على إيران، «ليست محاولة لتغيير النظام هناك. كما أنها ليست مقدمة لاتخاذ عمل عسكري ضدها. إننا ملتزمون بالتوصل لتسوية دبلوماسية لهذا الخلاف». وعرض المسؤول البريطاني على إيران خيارين، «إما التعاون مع مجلس الأمن الدولي وإيقاف عمليات التخصيب والتجاوب مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وإما الاستمرار في دربها الحالي تجاه المزيد من المواجهة والعزلة»، مكرراً «أننا ملتزمون 100 في المائة بالتوصل لتسوية دبلوماسية لهذا الخلاف، وسوف نعمل بشكل وثيق مع الإدارة الأميركية الجديدة حول هذه القضية». وعلى الرغم من الحضور الإيراني، عبر ملفها النووي، في جلسات المؤتمر الرئيسية والفرعية، إلا أن المؤتمر ذاته سجل غياباً إيرانياً واضحاً، وهو ما عبر عنه الدكتور جمال بن سند السويدي، المدير العام لمركز الإمارات للدراسات والبحوث الاستراتيجية، الذي ينظم المؤتمر السنوي الرابع عشر للطاقة بالقول إنه تمت دعوة علي لاريجاني (مسؤول الملف النووي الايراني السابق ورئيس مجلس الشورى الحالي)، والسفير الايراني في أبوظبي «إلا أنهما اعتذرا عن عدم الحضور». وركز ميليباند في خطابه الذي لم يكن مبرمجاً سابقاً في جدول المؤتمر، على عملية السلام في الشرق الأوسط، معتبراً ان العالم يقف «على مفترق طرق». وقال «إذا ما استمر الوضع الراهن، فإنني أعتقد أن فرص السلام سوف تتلاشى إلى الأبد». وتحدث ميليباند عن انطباعاته بعد زيارته، الاسبوع الماضي، الى فلسطين واسرائيل، قائلاً: «استنتاجي هو أن السلام الوحيد سيكون سلاماً شاملاً: وتكون هناك دولة فلسطينية مستقلة في صميمه، لكن يدعمها سلام أوسع بين إسرائيل وسائر دول العالم العربي». واضاف ان المطلوب «تسوية تضم 23 دولة ـ 22 دولة عضواً في جامعة الدول العربية إلى جانب إسرائيل». وتابع: «أنني على قناعة بأن مثل هذا السلام هو أفضل أمل لنا، إن لم يكن أملنا الوحيد، ذلك لأن القيادة الفلسطينية بحاجة لدعم الدول العربية لأجل أن تتوصل إلى اتفاق وتنفذه. ولأنه فقط من خلال عملية يتوصل للاتفاق عليها العرب، تصبح المصالحة الفلسطينية ممكنة. ولأنه باستطاعة الدول العربية إضعاف قوة الجماعات التي تسعى لتدمير العملية السلمية. ولأن الفلسطينيين وحدهم ليس لديهم بكل بساطة ما يكفي ليقدموه لإسرائيل لأجل التوصل إلى اتفاق. فالجائزة الحقيقية، بل الوحيدة، بالنسبة لإسرائيل هي إحساسها بأن أمنها في المنطقة مضمون».

وطالب بالاهتمام بهذه المبادرة، قائلاً: «عندما أطلقت مبادرة السلام العربية عام 2002 فإنها بكل بساطة لم تحظَ بالاهتمام الذي تستحقه. لقد كانت تلك المبادرة ـ وما زالت ـ واحدة من أهم التطورات وأكثرها تشجيعا منذ اندلاع الصراع». واضاف: «أعتقد أنه آن الأوان للبناء على هذه المبادرة وضمان أن يكون القادة العرب جزءاً من المشاركين الإيجابيين في عملية سلام متجددة وشاملة ـ أن يكونوا مشاركين فاعلين ولديهم مصالح وعليهم مسؤوليات، لا ليكونوا بديلين عن المتفاوضين الإسرائيليين والفلسطينيين، ولكن كذلك لا ليقفوا متفرجين مكتوفي الأيدي». وفي الجزء الاول من خطابه، أقر ميليباند بوجود من ينتقد تاريخ بريطانيا في المنطقة. وقال: «إنني مدرك تماماً بأن تاريخنا الاستعماري، وفق معايير اليوم، ليس تاريخ تحرير أو حرية، وليس تاريخ تنمية اجتماعية واقتصادية سريعة، وليس تاريخ شراكة»، مضيفاً: «ليس باستطاعتنا أن نعكس دوران عقارب الزمن ونتمنى لو أنه لم يكن لنا دور في الانتداب في فلسطين أو توابع ذلك الدور». وتابع: «يوجد هنا في الخليج مَنْ شعروا بأننا نتخلى عنهم عندما أعلنَّا، عام 1968، عن عزمنا على الانسحاب من معاهدات الحماية الموقعة مع دول الخليج». وركز على الأخطاء في العراق، قائلاً: «على الرغم من حسن نوايانا في العراق والتقدم الذي تم إحرازه في الوقت الراهن، فمن الواضح أن هناك أخطاءً كبيرة ارتكِبَتْ». واقتصادياً، كرر الوزير البريطاني دعوته للإمارات ودول الخليج بمساهمتها عبر ضخ سيولة في الاقتصاد العالمي، قائلاً: «الاستثمارات المتدفقة من أبوظبي ومنطقة الخليج عامة تمثل جزءاً من الحل للأزمة المالية، حيث أنها تجلب استقرارا ورؤوس أموال. علينا أن نضمن بأن يستمر العالم في الترحيب باستثماراتكم، ليس في أوقات الأزمات فحسب، بل كذلك في الأوقات التي يسودها الاستقرار».