مسؤولو استخبارات في 30 دولة يدرسون في الخرطوم توصية بانسحاب أفريقي من المحكمة الجنائية

بدء إجراءات في محكمة لاهاي للفصل في تبعية منطقة أبيي النفطية المتنازع عليها بين الشمال والجنوب

سودنانيات جنوبيات في معسكر تدريب ببلدة الشرقية حيث يدور حديث عن معاناة روتينية وعنف تتعرض له النساء في السودان بالرغم من تأكيدات الحكومة أنها ملتزمة بتعزيز حقوق المرأة (أ.ف.ب)
TT

اتهم الفريق مهندس صلاح عبد الله مدير جهاز الأمن والمخابرات السوداني، جهات، لم يسمها، بالتخطيط لعرقلة تنفيذ اتفاقيات السلام في السودان، بهدف خلق عدم استقرار في البلاد عن طريق استخدام المحكمة الجنائية الدولية، في اشارة الى طلب مدعي المحكمة الجنائية بتوقيف الرئيس البشير بتهم تتعلق بجرائم ضد الانسانية في اقليم دارفور المضطرب.

وبدأ ممثلون لـ30 دولة افريقية ونحو 150 خبيرا افريقيا في مجال الامن والمخابرات في العاصمة الخرطوم امس اعمال ورشة، تسعى لوضع مقررات امنية فنية بشان الكيفية المثلى لتعامل الدول الافريقية مع المحكمة الجنائية، فضلا عن بحث اوجه التعاون الاقليمي بين دول القارة في مجال الامن. وشن خبراء في مجال الامن من داخل الورشة هجوما عنيفا على المحكمة واعتبروها بمثابة الاستعمار الجديد، فيما برز اتجاه بصدور توصية تدعو الدول الافريقية للانسحاب من المحكمة الجنائية الدولية، وشكلت الورشة فرصة للحكومة السودانية لتجديد رفضها للمحكمة الجنائية.

وتعتبر الورشة التي تشمل عضويتها ممثلين للجنة الاجهزة الامنية والاستخبارات في أفريقيا التابعة للاتحاد الافريقي، المعروفة اختصارا بـ «السيسا»، الثالثة من نوعها بالنسبة للجنة، حيث عقدت الاولى في العام 2006 في العاصمة الاثيوبية اديس ابابا، ناقشت المهددات الامنية في القارة الافريقية واثرها على الاستقرار فيها، والثانية في العاصمة الرواندية كيغالي العام 2007، وناقشت قضية الابادة الجماعية، وتدرس الورشة الحالية القضايا المطروحة من الناحية المهنية.

وقال مدير جهاز الأمن السوداني في خطاب أمام، الورشة، ان «السودان نجح في تحقيق السلام في كافة أرجائه، وجعل قضية السلام والتنمية هي القضية المركزية التي يسعى لتحقيقها.. فحاولوا استخدام قضية دارفور وتدويلها وجعلها تتجاوز طور المحلية إلى الدولية حتى تصبح حجة لتنصل المانحين من التزاماتهم التي قطعوها بموجب اتفاقية السلام الشامل لتحقيق اطماعهم». وأضاف: «استخدموا المحكمة الجنائية الدولية للضغط على السودان بإدعاءات ملفقة ضد الرئيس (عمر) البشير لم يستطع المدعي العام تقديم بيانات حولها». وقال ان المحكمة الجنائية الدولية ماتزال مستمرة في ممارسة أنشطتها التي تستهدف قادة دول القارة وذلك لإحداث مزيد من الصراعات في القارة الأفريقية.

واعاد صلاح عبد الله للاذهان، ان الوجود الاستعماري الذي عاشته أفريقيا أهدر طاقات القارة وزرع الفتن بين أبناء الشعب الواحد. وحسب المسؤول الامني السوداني فإن «دلالات الوعي الأفريقي وضحت بصورة جلية في كل القرارات المساندة للموقف السوداني في مؤسسات الاتحاد الأفريقي وقمة شرم الشيخ التي رفضت كل ما يحاك ضد رؤساء القادة الأفريقيين».

وفي تصريحات صحافية على هامش الورشة، كشف الفريق عبد الله عن «وجود مخطط لعرقلة تنفيذ اتفاقيات السلام بهدف خلق عدم استقرار في السودان»، ودلل على ذلك «بظهور مشكلة دارفور عندما شرعت الحكومة في تنفيذ اتفاق نيفاشا، مبيناً ان قضية المحكمة الجنائية تعتبر مهدداً كبيراً للسلام، خاصة أنها جاءت عقب توقيع اتفاقية أبوجا لسلام دارفور وبعض المصالحات إلى جانب المبادرات المطروحة». وتوقع ان تأتي توصيات الورشة قوية وفاعلة ومؤثرة. ونصح عبد الله بضرورة النظر في مسألة المحكمة الجنائية على أنها استغلال للمؤسسات والقوانين والمنابر الدولية لتحقيق أهداف سياسية. وكشف ان من أهم التوصيات المقترحة التي سيتم الدفع بها على أمل ان تخرج بها الورشة، هي دعوة الأفارقة للانسحاب من المحكمة الجنائية لتكون رسالة للعالم بأسره، قبل ان يقول ان «السيسا» معنية بدعم الأمن والاستقرار ومناقشة قضايا في الكونغو ورواندا والمهددات التي تواجه القارة.

الى ذلك، اعتبر الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية السودانية علي الصادق ان التحذيرات التي ساقتها الأمم المتحدة على لسان إدموند موليت مساعد الأمين العام للأمم المتحدة لعمليات السلام، حول الاستهداف المتوقع لقوات حفظ السلام في دارفور «يوناميد» وقوات مراقبة اتفاق السلام بين الشمال والجنوب «ينوميس»، في حال توجيه امر بتوقيف الرئيس عمر البشير من قبل قضاة المحكمة الجنائية الدولية، تتوافق مع رؤية واستراتيجية السودان التي تهدف لاستقرار البلاد.

ووصف الناطق السوداني مخاوف المسؤول الأممي أنها تأتي في اطار خبرة الرجل الطويلة في مجال العمل الانساني التي تتطلب توفر الأمن والاستقرار. وأكد الصادق أن زيارة جون هولمز مساعد الأمين العام للشؤون الانسانية والطوارئ تأتي في سياق الوقوف على الاوضاع الإنسانية بدارفور والجنوب.

في الاثناء، وقع حزب المؤتمر الوطني والحركة الشعبية لتحرير السودن شريكا الحكم في البلاد في مدينة لاهاي الهولندية على مذكرة تكليف لمحكمة التحكيم الدائمة الخاصة بحسم النزاع الساخن بينهما حول تبعية منطقة «ابيي» الغنية بالنفط.

وعقدت لجنة هيئة التحكيم حول أبيي اجتماعها الاجرائي الاول بحضور الطرفين وتم التواضع على جدول التحكيم الذي يتضمن تسليم مذكرات الطرفين للمرحلة المقبلة. ووقع على مذكرة التكليف امام القضاة الخمسة الدرديري محمد احمد من جانب المؤتمر الوطني والدكتور لوكا بيونق عن الحركة.

وقال ممثل المؤتمر الوطني للمحكمة الدرديري محمد احمد في تصريحات صحافية ان المذكرة الاولى للتسليم ستتم بالتزامن يوم التاسع عشر من ديسمبر المقبل والتي تحوي وجهة نظر الطرفين حول كافة المسائل بما فيها المسائل الاجرائية المتعلقة بتجاوز الخبراء لتفويضهم والمسائل الموضوعية المتصلة بترسيم حدود 1905، على ان يتم تقديم مذكرتي الرد من الطرفين في الثالث عشر من فبراير (شباط) من العام المقبل.

ويتقدم الطرفان بالتعقيب على مذكرتي الرد يوم الثامن والعشرين من فبراير.

وذكر ان الجدول حدد الثامن عشر من ابريل المقبل موعدا لجلسة المرافعات الشفهية والتي ستستمر عبر جلسات صباحية ومسائية لستة ايام حتى الثالث والعشرين من ذات الشهر قبل ان يتم حجز ملف التحكيم للمداولة واصدار القرار النهائي خلال ثلاثة اشهر من آخر جلسة من جلسات المداولة ما لم تطلب هيئة التحكيم اي معلومات اضافية او وثائق اضافية او ترى عقد جلسات اخرى. واعتبر محمد احمد ان خطوة الاتفاق على جدول التحكيم خطوة للامام وتأكيد بان التحكيم يمضي في المسار الصحيح. واشار الى ان حكومة السودان ستضاعف من جهودها للوفاء بالمواعيد المضروبة وتقديم مرافعاتها والانتظار.