مسؤولون أميركيون: النجاحات الأمنية في العراق جاءت بعد أن أدركنا أهمية العشائر

فريق اختصاصيين بالمقر العام في بغداد يعمل على وضع الخريطة العشائرية

جنديان اميركيان يسلمان على شيخ عشيرة، فيما يقف بجواره مقاتلون من «الصحوة»، في نقطة تفتيش بمحافظة ديالى (أ.ف.ب)
TT

كشف مسؤولون عسكريون أميركيون ان النجاحات التي تحققت على الصعيد الأمني في العراق يعود الفضل فيها الى إدراك الجيش الأميركي لاهمية العشائر بعدما اخفق في فهمها في الماضي. واضافوا ان هذا الإدراك قاد القادة العسكريين الى عقد اتفاقات مع العشائر في مناطق عدة. وجاء في تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية ان الخريطة العشائرية وما تتضمنه من تحالفات اقيمت مع زعماء عشائر نافذين للتصدي لحركة التمرد، باتت عنصرا اساسيا في الاستراتيجية الاميركية في العراق، وقال مسؤولون اميركيون في بغداد والولايات المتحدة انه من الممكن تصديرها الى دول اخرى مثل افغانستان. وقال ضابط كبير متخصص في المسألة طلب عدم كشف اسمه في بغداد «حين وصلنا عام 2003 لم نكن ندرك نوعية النفوذ الذي تمارسه العشائر في هذا البلد»، وتابع ان «اصواتا كثيرة ارتفعت في صفوفنا للقول ان (العشائر بدائية ولسنا هنا لاعادة نظام بدائي بل لاقامة ديمقراطية)»، مضيفا «لكن الجميع بات الآن يفهم الوضع».

وبدأت العملية في محافظة الانبار (غرب) حين جند الشيخ عبد الستار ابوريشة في نهاية 2006 مقاتليه ضد عناصر القاعدة فهزمهم بعد معارك استمرت ثمانية اشهر. وفي يناير (كانون الثاني) 2007 وصل الكابتن اليوت بريس من فرقة المشاة الثالثة الى العراق حيث عين «ضابط الارتباط مع العشائر»، ويقول «كانت مهمتي تقضي بدرس العشائر وامداد تقاريرنا الاستخباراتية بالمعلومات وتزويد القيادة بالنصائح بشأن العشائر». ويضيف «العراق مجتمع عشائري ويمكن تفسير الكثير من الاوضاع او تحسينها ان فهمنا بنية العشائر وخلفيتها والترابط بينها».

ويعمل فريق اختصاصيين في المقر العام في بغداد على وضع خريطة العراق العشائرية المعقدة. واوضح الضابط الذي شارك في هذه الخلية «هذا يسمح لرجالنا على الارض بان يتصلوا ويقولوا (حسنا، اننا نتعامل مع شخص هنا يؤكد انه زعيم. هل يمكنكم تأكيد ذلك؟)»، مضيفا «اننا نتصل بقادة العشيرة فيمدوننا بالمعلومات».

وبات الجيش الاميركي يشجع الضباط في مختلف الوحدات على اقامة وتطوير علاقات مع قادة العشائر ولو ان هذه السياسة لا تطبق بصورة منهجية بل تتفاوت بين مختلف القواعد والقيادات.

وكتب ضابط الاحتياط مايكل ايزنستاد الباحث حاليا في معهد واشنطن لسياسة الشرق الادنى في مقال بعنوان «الالتزام العشائري في العراق: الدروس المستخلصة» ان «الائتلاف عقد اتفاقات وقف اطلاق نار غير رسمية مع مجموعات من المتمردين السنة واطلق سراح معتقلين بعد الحصول على ضمانات حسن سلوك من الشيوخ وجند عشائر محلية كعناصر امن». وتابع ان «كل عشيرة تتطلب مقاربة مختلفة مبنية على تاريخها والوضع والسياسة المحليين. هذا النوع من المعرفة لا يمكن اكتسابه الا بقضاء الوقت مع العراقيين على الارض».

وفي بغداد يقول الكولونيل ريتشارد ولش اختصاصي العلاقات مع العشائر «يجب ان نقيم العلاقة قبل ان نحتاج اليهم. وهذا يعني قضاء ساعات جالسين نحتسي الشاي ونتحدث في امور مختلفة، الى ان يدركوا اننا مهتمون لامرهم. كل شيء هنا يقوم على العلاقات الشخصية وعلى الثقة».

ويشكل مقاتلو العشائر في مناطق كثيرة معظمها سنية وبعضها شيعية، نواة مجالس الصحوة، الميليشيات التي هزمت القاعدة. ويوضح ولش «يمكن للعشائر ان تساعد في طرد القاعدة بالضغط على القرى والاحياء. فهي تعرف اين يقيم (عناصر القاعدة) وتعرف كل وجه ويمكنها ارغامهم على الفرار». ويختم انه «اصبح (عناصر القاعدة) يقضون مزيدا من الوقت في محاولة البقاء على قيد الحياة بدل تدبير عمليات، عندها نكون انتصرنا».