نقص الشواكل في غزة يؤثر سلباً على حياة الفلسطينيين

بعد قرار البنوك الإسرائيلية وقف التعامل مع القطاع

TT

حافظ الموظف على ابتسامته رغم ثورة الغضب التي واجهه بها أحد الزبائن عندما أبلغه أن أكثر ما يمكن أن يسحبه من حسابه في البنك بعملة الشيكل هو 2000 شيكل (500 دولار). وحاول موظف البنك أن يشرح للزبون أنه من ناحية مبدأية من حقه أن يسحب من رصيده ما يشاء من مبالغ، إلا أن البنك لا يمكنه منحه أكثر من ألفي شيكل لأنه لا يوجد سيولة نقدية بعملة الشيكل لديه، لعدم سماح إسرائيل بدخول مبالغ كبيرة من هذه العملة للقطاع. وقال الزبون الهائج إنه لا يمكنه التسليم بهذا الأمر حيث أنه معني بالحصول على المال من أجل شراء الكثير من الاحتياجات لعائلته قبيل حلول عيد الأضحى. هذا المشهد يتكرر في كل البنوك وفي كل وقت، حيث أنه من الصعب على الزبائن والموظفين الذين يتقاضون رواتب عن طريق البنك لا يتقاضونها بالكامل آخر الشهر لمجرد أن البنك ليس لديه سيولة نقدية.

وليس بامكان الموظفين الذين يتقاضون رواتبهم عبر البنوك الفلسطينية العاملة في قطاع غزة، الحصول على مبلغ أكثر من الفي شيكل. وأثرت أزمة السيولة المالية بشكل كبير على حياة الناس في القطاع، وقدرتهم على القيام بمناشطهم في كل المجالات. وقال خالد الذي يعمل مديراً في إحدى الوزارات، إن راتبه الشهري 4000 شيكل، ومع ذلك فإنه اضطر الى تأجيل إجراء عملية جراحية لنجله في إحدى المستشفيات الخاصة لانه لا يستطيع دفع مستحقاتها لعدم قدرته على سحب المبلغ اللازم من حسابه في البنك.

كل الدلائل تؤكد أن أزمة السيولة المالية ستتفاقم قريباً بعد أن اتخذ بنك «هبوعليم»، وهو البنك الإسرائيلي الوحيد الذي ظل يتعامل مع بنوك غزة برغم قرار بقطع تعامله معها. ففي حال تطبيق هذا القرار، فإن أزمة السيولة المالية ستتفاقم بشكل غير مسبوق. وقال حامد جاد الباحث الاقتصادي لـ «الشرق الاوسط» إن ما تقوم إسرائيل بتحويله لبنوك قطاع غزة عند موعد تسليم رواتب الموظفين لا يتجاوز الستين مليون شيكل، علما بأن هناك حاجة الى 270 مليون شيكل لتسديد هذه الرواتب.

وقال الدكتور جهاد الوزير محافظ سلطة النقد الفلسطينية الموجود حالياً في القاهرة لـ «الشرق الاوسط» إن أزمة السيولة المالية ناجمة بشكل أساسي من حقيقة أن حركة الأموال تتم في اتجاه واحد، وهي إسرائيل والخارج في حين لا يدخل قطاع غزة مبالغ بالشيكل إلا بعد ممارسة ضغوط كبيرة على اسرائيل. وأكد الوزير أنه أجرى اتصالات مع كل من اللجنة الرباعية والبنك الدولي وبنك النقد الدولي من أجل حثهم على التحرك لإقناع إسرائيل بإدخال الأوراق النقدية للقطاع.

لكن حامد جاد يشير الى أسباب اخرى لمشكلة السيولة المالية، منوهاً الى أن ازدهار عمليات التهريب ساهم في تفاقم المشكلة على اعتبار أنه بعدما تم الاعتراف بالشيكل كعملة دولية فإن التجار المصريين أصبحوا يتقاضون مبالغ لقاء البضاعة التي يوردونها للقطاع بالشيكل. واضاف «نظراً لأن الحديث يدور عن مبالغ كبيرة فقد أدى هذا الى تناقص ما في قطاع غزة من الشيكل بشكل دراماتيكي». واشار جاد الى أن الحكومة المقالة في غزة تقوم بدفع مرتبات موظفيها بالدولار، لكنها في المقابل تقوم بتحصيل الرسوم والضرائب بالشيكل. ويؤكد جاد أن نقص السيولة المالية هو شكل آخر من أشكال الحصار المفروض على قطاع غزة.