خلافات دولية تغني بريطانيا بملياري جنيه استرليني سنوياً

محامو لندن يستعدون للأزمة الاقتصادية

TT

اصبحت لندن العاصمة البريطانية، عاصمة للعالم، بسبب موقعها الجغرافي وتاريخ الامبراطورية البريطانية في مجالات عدة، من التجارة الى البحرية. الا انها في السنوات الماضية اصبحت عاصمة للخلافات القضائية بين اطراف دولية. ونظرة بسيطة على لائحة القضايا التي تنظر فيها محاكم الاميرالية لهذا العام، تظهر هناك قضايا متعلقة بشركات في نيجيريا وكولومبيا وهولندا. وهذه القضايا المتعلقة بشؤون الامارة البحرية تعكس مدى اعتماد الشركات الدولية على القضاء البريطاني للتحكيم بينها. وبينما ادت الازمة الاقتصادية الى تراجع نفوذ المصرفيين في بريطانيا وثروة نسبة كبيرة منهم، يحافظ المحامون على مكانتهم ويساهمون في تغذية الدخل البريطاني. وتقدر «الجمعية القانونية البريطانية» الدخل البريطاني من القضايا الدولية سنوياً بملياري جنيه استرليني، ما يعادل حوالى 3.1 مليار دولار. وقد نقلت صحيفة «ذا اندبندنت» عن رئيس «الجمعية القانونية البريطانية» تيموثي داتون، قوله ان القضاء اصبح «من افضل صادرات بريطانيا». ولفت المحامي البريطاني، فيصل عثمان، الى ان «العدالة ومعرفة عدم تفشي الفساد» في المحاكم البريطانية ساهمتا في جعل لندن مقراً للقضايا الدولية. واضاف عثمان لـ«الشرق الاوسط» ان «غالبية العقود بين شركات دولية، على سبيل المثال بين طرفين عربي وأميركي، تتضمن بنداً حول المرجع القضائي في حال حدث خلاف وعادة ما يقع الخيار للقضاء المدني البريطاني بسبب تاريخه الطويل والمطور». وهناك قوانين مثل حقوق الملكية الفكرية التي تعود الى عام 1709 وعادة ما يلجأ اليها الكتاب والحقوقيون في البلاد. ولفت عثمان الى ان هذا التاريخ الطويل يعني ان «الأحكام عادة تكون متوقعة، وحتى وإن لم يكن الطرف سعيداً بالنتيجة سيكون على ثقة بأنها عادلة وخالية من الفساد». وتطور التجارة العالمية في العقود الاربعة الاخيرة زاد من عدد العقود الدولية على الصعيد التجاري، مما زاد الاعتماد على القضاء البريطاني، وكثيراً ما يكون لأسباب جغرافية بسبب موقع لندن «بين الشرق والغرب»، بحسب عثمان. ومن اللافت أن جمعية المحامين، التي تمثل المحاميين في انجلترا وويلز، اضافت خدمة جديدة لأعضائها، الاسبوع الماضي، وهي خدمة للتعامل مع الأزمة المالية الحالية، وآخر الاخبار القانونية حولها. واضاف موقع الجمعية الالكتروني قسما خاصا بعنوان «النجاة في وقت الازمة»، فيه تعليمات حول حماية اموال الموكلين في البنوك ومعرفة التعامل مع القوانين الجديدة التي من المتوقع ان تؤدي الى قضايا جديدة. ولكن يراقب المحامون البريطانيون عن كثب التطورات في دبي مع اعتماد الشركات على بنود قضاء خارجي بناءً على القانون المدني العام. وقال عثمان: «دبي ستكون مركزاً جديداً وتحاول منافسة لندن في هذا المجال»، مضيفاً: «نحن واقعيون، ونرى هذه المنافسة في اطار التكلفة الأقل بالنسبة للمحامين بدبي وتوجه محامين من دول مختلفة الى هناك». وبينما يبقى اختيار دبي مرجعاً قضائياً جديداً نسبياً، تتمتع لندن بثقة المشاهير والحكومات من حول العالم، إضافة إلى التكاليف الباهضة للقضايا في بريطانيا، والتي احياناً تصل الى مئات الآلاف من الجنيهات، قال عثمان: «النظام القضائي نفسه ليس مكلفاً ولكن المحامين، وهم باعتراف الجميع الأفضل في العالم، يطلبون الأجور التي تناسبهم، وحتى الآن نظام العدالة الذي نقدمه جعل العالم يعتبر هذه الاجور مستحقة».