ساركوزي يبحث السبت في السعودية مفاوضات السلام وانفتاح باريس على دمشق والملف الإيراني وأفغانستان

الرئيس الفرنسي يلتقي البشير خلال زيارته إلى قطر

TT

يقوم الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي بعد غد السبت بزيارة الى قطر والسعودية، ويلتقي في جدة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز. وهذه المرة الثانية التي يزور فيها ساركوزي السعودية منذ وصوله الى رئاسة الجمهورية في شهر مايو(أيار) من العام الماضي.

وقالت مصادر الإليزيه أمس في معرض تقديمها للزيارة لعدد من الصحافيين المرافقين لساركوزي «إن الملك عبد الله والرئيس الفرنسي سيجريان جولة أفق تتناول المسائل الإقليمية وعلى رأسها موضوع النزاع العربي ـ الإسرائيلي ومفاوضات السلام بين الفلسطينيين وإسرائيل والعلاقات السورية ـ اللبنانية والانفتاح الفرنسي على سورية والملف الإيراني والموضوع الأفغاني والوساطة السعودية بشأنه». وأضافت هذه المصادر أن باريس «تتوقع نتائج إيجابية» من الحوار الثنائي في جدة، كما أن الرئيس الفرنسي «يتطلع الى المناقشات» التي سيجريها مع الملك عبد الله الذي التقاه في واشنطن بمناسبة قمة الدول العشرين. واعتبرت أوساط الرئاسة أن الحوار في جدة سيجري على ضوء حدثين هما: وصول الرئيس المنتخب باراك أوباما الى البيض الأبيض من جهة، والانتخابات الاسرائيلية من جهة أخرى، مضيفة أن الجانبين «سيبحثان كافة السيناريوهات» الممكنة والمترتبة على الانتخابات الإسرائيلية، خصوصا في موضوع السلام في الشرق الأوسط وإعادة إطلاق المبادرة العربية. وأشارت هذه المصادر الى «التحول» في الموقف الإسرائيلي منها وخصوصا اعتراف إسرائيل بها في وثيقة رسمية صدرت بمناسبة مؤتمر وزراء خارجية الاتحاد المتوسطي الذي عقد مؤخرا في مدينة مرسيليا. وتريد باريس والرياض النظر «في ما يمكن أن يقوم به العرب والأوروبيون لمنع وأد مفاوضات السلام».

وفي موضوع العلاقات مع سورية، اعتبرت المصادر الرئاسية أنه كانت لمصر والسعودية «تحفظات» على الخطوات التطبيعية الفرنسية وأن الرئيس المصري حسني مبارك تخلى عن هذه التحفظات بفضل الحوار المستمر معه. وترى هذه المصادر أن النهج الفرنسي «أثبت نجاحه حتى الآن». وفي هذا السياق أشارت المصادر الفرنسية الى اتفاق الدوحة وانتخاب الرئيس اللبناني ميشال سليمان وتشكيل الحكومة وإقرار تعديل قانون الانتخاب وقرار تبادل التمثيل الدبلوماسي بين دمشق وبيروت. غير أن باريس تشدد بوجه خاص على أن الانفتاح على سورية يمكن أن «يغريها» بالابتعاد عن إيران من أجل «كسر عزلتها» الدولية والخطوات التي قامت بها فرنسا يمكن أن تدفع باتجاه هذا الهدف. وخلصت المصادر الرئاسية الفرنسية الى القول إن لباريس «حججا تعرضها» على الجانب السعودي.

وسيحظى الملف الإيراني بقسطه من البحث في قمة جدة، ربطا بالمتغيرات الجديدة أميركيا وإيرانيا. ويريد الرئيس الفرنسي كما تقول مصادر «الاطلاع على رؤية» الملك عبد الله والدول الخليجية والعربية لهذا الموضوع مع وصول أوباما وإعلانه الرغبة في الحوار مع إيران. أما بخصوص أفغانستان، فيقوم حوار فرنسي ـ سعودي يتناول بشكل خاص الوساطة السعودية الهادفة الى مصالحة الأطراف الأفغانية.

وفي محطته القطرية التي تبدأ صباح السبت، والتي مناسبتها افتتاح مؤتمر تمويل التنمية الذي تستضيفه الدوحة بحضور ساركوزي رئيسا للاتحاد الأوروبي ومانويل باروسو، رئيس المفوضية الأوروبية و الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون ومجموعة كبيرة من الرؤساء الفارقة على رأسهم رئيس جنوب أفريقيا، فإن الحدث الأبرز سيكون لقاء ساركوزي مع الرئيس السوداني عمر البشير بحضور امير قطر الشيخ حمد بن خليفة والشيخ حمد بن جاسم رئيس الوزراء ووزير الخارجية. وقالت مصادر الإليزيه إن الرئيس ساركوزي «يريد نقل عدة رسائل» الى الرئيس السوداني «لأننا ما زلنا ننتظر من الخرطوم عددا من الخطوات» الخاصة بالمحكمة الجنائية الدولية. كما تريد باريس أن تحث السودان على «تسهيل الحوار الداخلي» مع أطراف المعارضة في دارفور التي فشلت حتى الآن. ويريد ساركوزي بمساعدة قطر التي «تطوعت للقيام بجهود وساطة»، أن تقوم الدول العربية «بدور مهم» باعتبار السودان بلدا عربيا، فيما يتطلع الكثيرون لما يمكن أن يسفر عنه الاستفتاء الخاص بمصير الجنوب في العام 2011. كما تريد باريس التأكد من «تطبيع» العلاقات بين السودان وتشاد وعدم عودة المعارك بينهما وامتناع كل طرف عن دعم المعارضة لدى الطرف الآخر. وتتخوف فرنسا من انعكاسات الوضع السوداني على دول الجوار.

وأشارت مصادر الإليزيه الى القمة الرباعية التي عقدت في دمشق في سبتمبر (أيلول) الماضي والتي حضرها أمير قطر والرئيسان الفرنسي والسوري ورئيس وزراء تركيا والتي كان أحد أغراضها بحث الوضع في السودان. وكانت فرنسا قد عينت دبلوماسيا، هو عيسى مارو، لمتابعة ملف دارفور، وهو موجود في الوقت الحاضر في الدوحة. ووصفت الخارجية الفرنسية مارو، وهو من أصل سوري، بأنه «يتمتع بالخبرة ويعرف المنطقة جيدا»، إذ سبق له أن كان في السفارة الفرنسية في الخرطوم.

وأعربت باريس عن دعمها للمبادرة القطرية. غير أن الخارجية وضعت شرطين لذلك: الأول، أن تتعاون هذه المبادرة مع الوسيط الدولي الذي عينته الأمم المتحدة، وهو وزير خارجية بوركينا فاسو السابق جبريل باسوليه، والثاني أن تشمل المبادرة القطرية جميع الأطراف ذات العلاقة، أي الحكومة وكل الحركات المعارضة بما في ذلك حركة تحرير السودان وحركة العدالة والمساواة.