مصادر لـ«الشرق الأوسط»: اتجاه لعملية عسكرية صومالية ـ يمنية مشتركة لتحرير السفينة اليمنية من القراصنة

المعارضة الصومالية ترفض اتفاقا لتقاسم السلطة بين الحكومة وجناح جيبوتي المعارض

TT

فيما بدا أنه على صلة بالمساعي الرامية إلى الإفراج عن ناقلة النفط السعودية المختطفة «سيريوس ستار» وطاقمها المكون من 25 بحارا من جنسيات مختلفة منذ يوم السبت الماضي، حلَّ أمس وبشكل مفاجئ الرئيس الصومالي الانتقالي عبد الله يوسف في مسقط رأسه بمدينة جاروي عاصمة إقليم البونت لاند (أرض اللبان) الذي يضم ميناء هارديري حيث يحتجز الخاطفون الناقلة وبحارتها. وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الانتقالي عقد فور وصوله إلى مدينة جاروي محادثات مغلقة مع حليفه الجنرال موسى عدي رئيس الإقليم الذي يتمتع بالحكم الذاتي منذ عام 1998 في شمال شرق الصومال، مشيرة إلى إن الاجتماع تطرق إلى تصاعد ظاهرة القرصنة قبالة السواحل الصومالية وبصفة خاصة متابعة آخر تطورات حادث اختطاف ناقلة النفط السعودية بالإضافة إلى سفينة شحن أوكرانية تحمل دبابات ومعدات عسكرية جرى اختطافها قبل نحو شهرين.

وهذه هي أول زيارة يقوم بها الرئيس الصومالي إلى البونت لاند منذ خطف الناقلة السعودية والسفينة الأوكرانية، علما بأن الإقليم يستعد لانتخابات رئاسية مطلع العام المقبل يتنافس فيها رئيسه الحالي الجنرال عدي مع تسعة مرشحين آخرين. وعلمت «الشرق الأوسط» أن الرئيس الصومالي بصدد الموافقة على عملية عسكرية مشتركة مع اليمن لتحرير السفينة اليمنية «م. في. أدينا» وطاقمها المكون من سبعة أفراد التي اختطفها القراصنة من خليج عدن الأسبوع الماضي، وأن الرئيس الصومالي اصطحب معه على متن طائرته التي أقلته من العاصمة الكينية نيروبي إلى مسقط رأسه، السفير اليمني لدى كينيا أحمد حامد عمر، في إشارة إلى اهتمام يوسف بإنهاء أزمة احتجاز تلك السفينة. وقالت مصادر صومالية مطلعة إن هناك تفاهما يمنيا صومالياً على عدم الخضوع لمطلب القراصنة، وضرورة التصدي لهم عسكريا لإجبارهم على دفع ثمن مغامراتهم الطائشة وتهديد سلامة البحرية الدولية، مشيرة إلى أن اليمن يتخوف من أن يؤدي تعدد حوادث خطف سفنه التجارية إلى تعطيل مصالح العديد من رجال الأعمال والشركات اليمنية في المنطقة.

ودعا الرئيس الصومالي في تصريحات له مختطفي السفينة إلى إطلاق سراحها فورا وبدون أية شروط، وهدد بأنهم سيتعرضون لمواجهة عنيفة إذا رفضوا الانصياع له. كما حذر «يوسف» رجال الأعمال الصوماليين العاملين بين الموانئ الصومالية واليمنية، ولفت إلى «أن لدى أشقائنا اليمنيين ثقافة مماثلة وطقسا حارا مثلنا في الصومال»، موضحا أنه بإمكان السلطات اليمنية وقف السفن والشاحنات المملوكة لرجال الأعمال الصوماليين ردا على خطف السفن اليمنية قبالة السواحل الصومالية.

وقالت مصادر صومالية إن بعض رجال الأعمال الصوماليين المتورطين في عمليات القرصنة ودعم خاطفي السفن العربية والأجنبية قبالة سواحل الصومال، يتخذون من عواصم بدول الخليج العربي وجيبوتي وكينيا مقرا لأعمالهم.

وكان علي عبدي أوارا وزير الدولة في إقليم البونت لاند قد تعهد باقتحام قوات الإقليم للسفينة اليمنية المختطفة إذا رفض القراصنة الذين يحتجزونها الإفراج عنها بدون فدية. وقال: «سنفرج عن السفينة اليمنية المخطوفة بالقوة إذا لم يفرجوا عنها بدون الحصول على فدية لأننا لنا علاقات جيدة مع اليمن». وتأتى هذه التطورات في وقت شككت فيه أوساط صومالية في إمكانية أن يحقق اتفاق تقاسم السلطة الذي وقعته الحكومة الصومالية أمس في جيبوتي برعاية الأمم المتحدة مع جناح جيبوتي المنشق على تحالف المعارضة الصومالية، السلام المطلوب في الدولة التي تشهد حربا أهلية مستمرة منذ عام 1991. وقالت مصادر صومالية طلبت عدم تعريفها إن الاتفاق الذي يقضي بإضافة 200 مقعد إلى مقاعد البرلمان البالغ عددها 275 وتمديد فترة ولاية السلطة الانتقالية الصومالية لمدة عامين، لم يحدد الكيفية التي سيتم بها اختيار النواب الجدد للبرلمان الذي كان يفترض انتهاء فترته الدستورية بحلول شهر أغسطس (آب) من العام المقبل.

ويمثل الاتفاق محاولة لدمج المعارضة الصومالية في عملية السلام والحصول على تأييدها لخطة تقضي بانسحاب تدريجي للقوات الإثيوبية مقابل نشر قوات حفظ سلام دولية، لكن الفصائل الرئيسية في المعارضة الصومالية لم تشارك في توقيع هذا الاتفاق وهو ما قد يؤدى لاحقا إلى اتخاذها مواقف لإجهاضه.

وقال قياديون في حركة الشباب المجاهدين المتشددة وتحالف المعارضة الصومالية لـ«الشرق الوسط» إنهم لن يعترفوا بهذا الاتفاق، وأكدوا في المقابل استمرار ما وصفوه بعمليات الجهاد ضد التواجد العسكري الأجنبي والسلطة الانتقالية في الصومال.

واعتبر قيادي بارز في تحالف المعارضة الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن هذا الاتفاق كغيره من التفاهمات التي توصل إليها الشيخ شريف شيخ أحمد الرئيس السابق للمحاكم الإسلامية وتحالف المعارضة مع رئيس الوزراء الصومالي العقيد نور حسن حسين (عدي) تبقى بلا أهمية تذكر.

وأوضح المصدر أن مصير هذا الاتفاق لن يكون النجاح، مشيرا إلى أنه لا يمكن التوصل إلى تحقيق السلام والمصالحة الحقيقية في الصومال بسبب ما وصفه بإصرار أحمد ولد عبد الله مبعوث الأمم المتحدة لدى الصومال على تجاهل ما وصفه بالقوى الرئيسية والفاعلة في الشارع الصومالي.

وتساءل القيادي: «ما هو وزن الشيخ شريف في العاصمة مقديشو أو غيرها؟ إنه فعليا لا يمثل إلا نفسه، بعدما تم طرده من كل مناصبه السابقة».

وتعذر أمس الحصول على تعقيب فوري من الشيخ شريف المتواجد في جيبوتي ويستعد وفقا لما أكده مقربون منه للقيام بجولة عربية للحصول على دعم الدول الأعضاء بالجامعة العربية لهذا الاتفاق.