قصة المرأة الغامضة في ملف قراصنة الصومال

لماذا كتب القراصنة اسم تدليلها على الناقلة السعودية والسفينة الأوكرانية

TT

إنها بالفعل قصة عجيبة وغريبة، لكنها بالقطع ليست أكثر غرابة من الواقع الصومالي المتدهور وعشرات السفن المخطوفة من مختلف أنحاء العالم على سواحل الصومال.

ما الذي يجمع امرأة أميركية تدير من ولاية فرجينيا شركة لبيع وتصميم السترات الواقية من الرصاص بالقراصنة الذين يحتجزون ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار» ومن قبلها سفينة الشحن العسكرية الأوكرانية «فايينا»؟ وما هي تلك الصلة الغامضة والمدهشة بين الطرفين.

كلها أسئلة وجدت طريقها إلى السطح بعدما قالت منظمة بحرية كينية معنية بمتابعة نشاطات القرصنة على سواحل الصومال والقرن الأفريقي، إن القراصنة الصوماليين طلبوا الحديث مع سيدة أميركية غامضة وأنهم كتبوا بأحرف واضحة على أحد جوانب الناقلة السعودية والسفينة الأوكرانية كلمة «أميرة» بحروف إنجليزية واضحة في إشارة إلى اسم التدليل العربي الذي أطلقه القراصنة منذ سنوات على تلك السيدة. «الشرق الأوسط» حاولت الاتصال بالسيدة الأميركية، لكن سكرتيرتها ردت في المقابل على مكالمة هاتفية بأنها غير متاحة الآن وطلبت ترك رقم لمعاودة الاتصال، لكنها لم تفعل حتى لحظة إعداد هذا التقرير مساء أمس بتوقيت القاهرة، علما بأنها تحدثت إلى مواقع الكترونية أميركية عن حقيقة دورها في إجراء اتصالات مع القراصنة ومالكي الشركات التي يحتجزونها.

وقالت تلك السيدة لموقع «مليتري» المعني بالشؤون العسكرية في الولايات المتحدة في حوار مطول إنها تلقت آخر اتصال من القراصنة عصر يوم الاثنين الماضي. واعترفت بأنها لا تتصل فقط بالقراصنة بل أيضا بمالكي الشركات، معتبرة أنها معنية بإطلاق سراح 450 بحارا على متن 17 سفينة يحتجزها القراصنة على سواحل الصومال.

المرأة التي يقال إنها على صلة بعمليات عسكرية نفذتها القوات الأميركية في الصومال عام 2006، تسعى أيضا لتشكيل قوة مكونة من 500 صومالي كنواة لقوات حرس سواحل تكون قادرة كما تدعي على ردع القراصنة. وفي سبيل ذلك لا تتوانى تلك السيدة عن طلب الحصول على الدعم والتبرعات المالية من مختلف المنظمات المعنية في كافة أنحاء العالم وبصفة خاصة في الولايات المتحدة.

وقالت إنها على اتصال منتظم مع القراصنة عبر هاتف يعمل بالأقمار الصناعية، مضيفة «أنا أيضا على اتصالات مع مالكي السفن على حد سواء وعلى أساس منتظم». وزعمت أن حركة «الشباب المجاهدين» المعارضة للحكومة الصومالية اعتقلت أخيرا أحد أقارب قرصان صومالي وقامت بتعذيبه في محاولة لإرهاب القراصنة وقتلهم والاستيلاء على أي فدية موجهة لهم. ولفتت إلى أن هذا قد أدار عقول الكثيرين من القراصنة، مشيرة إلى أن القراصنة يتخوفون من احتمالات اعتقالهم بعد انتهاء أزمة الخطف، وقالت «إن المفاوضات مستمرة لكي نجد دولة مستعدة لقبول القراصنة كلاجئين لديها».

لكنها لم تحدد هوية الدولة التي من المحتمل أن تقبل بوجود قراصنة سيئي السمعة على أراضيها، ولم تفصح عن عدد القراصنة وأعمارهم وخلفياتهم القبلية. ولاحظت أن القراصنة يدركون أيضا أن القطار الذي استقلوه على مدى السنوات القليلة الماضية لممارسة أنشطتهم قد قارب على الوصول إلى محطته النهائية، ورأت أن توفير دخل ثابت للقراصنة قد يغنيهم عن الاستمرار في عملهم. وتروج «أميرة» بطريقتها إلى منح شركات تستعين بالمرتزقة مثل شركة بلاك ووتر الأميركية المعروفة، فرصة لإيجاد حل للدولة الفاشلة في الصومال وعجزها عن كبح جماح القراصنة.

وثمة من يقول على استحياء إن السيدة الأميركية مجرد أحد السماسرة الغامضين العاملين في مجال السمسرة الخاصة بعمليات التفاوض الكلاسيكية بين خاطفي السفن ومالكيها.