أمير الكويت يلتقي وزراء ونوابا لاحتواء الأزمة السياسية

الخرافي: إذا قبل الشيخ صباح استقالة الحكومة سيسقط الاستجواب * المستجوبون: بيان استقالة الحكومة تضمن مغالطات

TT

بدت الأجواء السياسية في الكويت أمس أكثر هدوءا إثر تنامي معلومات حول رغبة أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد احتواء الأزمة التي تشهدها البلاد بين الحكومة والبرلمان، بما فيها تنقية الأجواء المشوبة بالتوتر، والعمل على تهدئة الطرفين.

وكانت الحكومة الكويتية قد رفعت يوم الأول من أمس استقالتها إلى الشيخ صباح الأحمد، مؤكدة عدم إمكان تعاونها مع البرلمان على خلفية تصعيدات نيابية ضد رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد وصلت إلى حد تقديم ثلاثة نواب إسلاميين طلب استجواب بحقه الأسبوع الماضي.

وآثر الشيخ صباح منذ الأول من أمس التريث قبل اتخاذ قرار بحل البرلمان والدعوة لانتخابات مبكرة، أو قبول استقالة الحكومة وتشكيل حكومة جديدة، كما يخوله الدستور للخروج من الأزمة، وهو ما اعتبر مؤشرا لرغبة أمير البلاد لاحتواء تداعيات الأزمة بشكل ودي ومن دون اللجوء للخيارات الدستورية.

وبدا أمس جدول استقبالات أمير البلاد مخصصا للالتقاء بطرفي الأزمة السياسية، إذ التقى صباح أمس وزراء الحكومة من المنتمين للأسرة الحاكمة، وهم رئيس مجلس الوزراء الشيخ ناصر المحمد، والنائب الأول لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الشيخ جابر المبارك، ونائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد الصباح، ووزير الداخلية الشيخ جابر الخالد، ووزير الإعلام الشيخ صباح الخالد، وذلك بحضور ولي العهد الشيخ نواف الأحمد، ونائب رئيس الحرس الوطني الشيخ مشعل الأحمد، حيث استمع منهم إلى أسباب وتداعيات الأزمة السياسية ورؤاهم للخروج منها.

كما التقى بعدهم، حسب وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، بحضور وزير الدولة لشؤون مجلس الأمة أحمد باقر، رئيس البرلمان جاسم الخرافي، ونائبه فهد اللميع، وأمين سر المجلس النائب روضان الروضان، والنواب أحمد لاري، وخالد سلطان بن عيسى، وخلف دميثير، وسعدون حماد، وسعد الرشيدي، وعبد اللطيف العميري، وعبد الله راعي الفحماء، وعبد الواحد العوضي، وعدنان عبد الصمد، وعسكر العنزي، وعلي الهاجري، وعلي الراشد، ومحمد الكندري ومخلد العازمي.

واستمع الشيخ صباح من الطرفين لأبعاد الأزمة وبحث سبل الخروج منها، من دون أن يرشح أي تسريب حول الاتجاه الذي سيتخذه أمير البلاد، وإن كانت الأجواء تبشر بانفراج الأزمة من خلال احتواء الاستجواب المقدم بحق رئيس الحكومة، أو قبول الاستقالة وتشكيل حكومة جديدة، وهو ما لمح به رئيس البرلمان جاسم الخرافي، قائلا إنه «في حال قبول سمو أمير البلاد طلب الاستقالة الذي قدمته له الحكومة، سيسقط طلب الاستجواب المقدم إلى رئيس مجلس الوزراء»، كما شدد عليه أيضا من زاوية أخرى رئيس كتلة السلفيين بالبرلمان خالد السلطان الذي طالب بحسب موقع الآن الإلكتروني المحلي «بضرورة عودة الشيخ ناصر المحمد رئيسا للوزراء، لأن عدم عودته يعتبر نصرا للمستجوبين» كون تسمية رئيس الحكومة تعني أن هناك حكومة جديدة.

وأضاف الخرافي أن أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد جدد توجيهه للنواب بضرورة الحرص على أدب الحوار، مشيدا «بتفهمهم لوجهة نظر النواب، وحرصه في الوقت ذاته على استقرار الأوضاع في البلاد، واستقرار مسيرة الحياة الديمقراطية، وأن يكمل مجلس الأمة دورته الحالية. ونحن سعداء بهذا اللقاء، ودائما نخرج من لقاءات سموه ونحن متفائلين».

وعلى صعيد متصل، استغرب النواب وليد الطبطبائي وعبد الله العجمي ومحمد المطيري، وهم الذين قدموا طلب استجواب بحق رئيس الوزراء الأسبوع الماضي، اللغة التي حواها بيان الحكومة والمتضمن تقديم استقالتها، وهو ما اعتبروه «متضمنا كماً من المغالطات والاتهامات والتدليس على طريقة رمتني بدائها وانسلت»، مجددين تحميلهم رئيس الوزراء مسؤولية التدهور الذي تعيشه البلاد، وعلى الأخص في المحاور الثلاثة التي ضمها استجوابهم، ومجددين دعوتهم للشيخ ناصر المحمد الصعود للمنصة ومواجهة الاستجواب، ومطالبين أمير البلاد باتخاذ قرار يصب في مصلحة البلاد، ويضمن عدم تكرار الأزمات بين السلطتين، من خلال تكليف حكومة مؤهلة لحمل المسؤوليات، وجادة في التعاون مع البرلمان لما فيه خير الكويت.

إلا أن النائب الطبطبائي أصدر لاحقا تصريحا مساء أمس شكر فيه أمير البلاد على دوره الكبير في نزع فتيل الأزمة، كون حكمته هي التي أدت إلى التوازن في هذا الموضوع. ومن جانبه، كشف النائب المعارض مسلم البراك خلفيات انسحاب الحكومة من جلسة البرلمان يوم أول من أمس قبل تقديم استقالتها، موضحا أن «ما حدث كان سيناريو معدا من قبل، فالحكومة كانت حريصة على أن تكون بداية الجلسة اختيار رئيس ديوان المحاسبة، لتتمكن من اختياره من قبل النواب تحسبا لأي إجراءات مستقبلية».

وأضاف في تصريح له «عندما شعرت الحكومة أن اختيار رئيس ديوان المحاسبة لن يتم إلا بعد تقديم الاستجواب، اتجه أحد الوزراء إلى منصة رئاسة المجلس، وقال للرئيس إن الحكومة ستنسحب من الجلسة إذا ذكرت كلمة استجواب أثناء الجلسة، رغم علمهم التام أن اللائحة الداخلية لا تجيز مناقشة أي موضوع قبل الاستجواب».

وزاد البراك قائلا «أنا استغرب عندما قرأت نص خطاب استقالة الحكومة من تعاملها مع نواب الأمة بهذه الطريقة واستخدامها مثل هذه المفردات، فمجلس الأمة (البرلمان) لا يمارس الفوضى أو الانحراف، ومن المؤسف أن تذكر الحكومة في خطابها أن الأمور بلغت مرحلة مؤسفة من مراحل الإساءة إلى الوضع العام والإضرار بالمصلحة الوطنية، وأن السكوت عن هذا الانحراف تشجيع للفوضى ودعوى إلى إفساد المجتمع تحت شعار الديمقراطية، وهي نفسها التي انسحبت من الجلسة، ومن يتأمل مفردات الحكومة في بيان استقالتها يدرك تماما أنها لا تريد الاستمرار أو التعاون مع المجلس».

وفي ما اعتبر تصعيدا استباقيا ضد الحكومة في ما لو تم التوصل إلى صيغة تهدئة تضمن عودة الحكومة عن استقالتها، وحضورها مجددا جلسات البرلمان، أكد النائب المعارض مسلم البراك أن «المفردات التي استخدمتها الحكومة لا يمكن لأي نائب قبولها، لأنها نوع من الإساءة البالغة لمؤسسة دستورية»، مستنكرا «مشاركة الوزراء المنتمين إلى القوى السياسية في كتابة هذه المفردات»، ومطالبا بتحمل القوى السياسية مسؤولياتها لتكون على قدر الاستحقاقات الحادثة اليوم، وعلى رأسها محاسبة ممثليها في الحكومة.