«بيت الرجبي» في الخليل يربط 5 بؤر استيطانية والحرم الإبراهيمي بمستوطنة «كريات أربـع»

المستوطنون يهددون الجيش بـ«سفك دم» وباراك يقول إن قرار المحكمة يجب أن ينفذ

TT

هدد المستوطنون المتحصنون داخل منزل الرجبي، المتنازع عليه، في الخليل جنوب الضفة الغربية، الذي يفترض ان تخليه الشرطة الاسرائيلية بالقوة، طبقا لقرار قضائي، بـ«سفك دماء» اذا ما نفذت الشرطة والجيش تهديدهما بالإخلاء. ورد وزير الدفاع الاسرائيلي، ايهود باراك، مشددا على انه يجب تنفيذ قرار المحكمة بحذافيره. وبينما تؤجل الشرطة مواجهة المستوطنين، خوفا من مصادمات قاسية، يعتدي هؤلاء، بشكل يومي، على منازل المواطنين الفلسطينيين وممتلكاتهم القريبة من منزل الرجبي، ويحطمون نوافذها ويكتبون على جدرانها شعارات مهينة ويرسمون فوقها نجمة داوود. ولم تقتصر الاعتداءات على الفلسطينيين وممتلكاتهم فحسب بل طالت سيارات الجيش الاسرائيلي، التي ثقبوا إطاراتها. ويقول المستوطنون المتحصنون في بيت الرجبي إنهم سيخرجون من هناك محمولين فقط. وتقدر مصادر الشرطة الاسرائيلية ان المواجهة مع المستوطنين ستكون صعبة ولها تداعيات اخرى. ولا يبدو ان تمسك المستوطنين ببيت الرجبي يأتي صدفة، فالموقع هو الاكثر استراتيجية للمستوطنين والفلسطينيين معا في منطقة يتنازع عليها الطرفان في كل شبر. ويفصل بيت الرجبي بين مستوطنة كريات اربع، اول مستوطنة اقيمت على ارض الضفة الغربية، والبلدة القديمة التي تشتمل على 5 بؤر استيطانية، يعيش فيها حوالي 500 مستوطن وهم من غلاة المستوطنين وسط 180 الف فلسطيني. ويخطط المستوطنون الى وصل كل هذه البؤر، وهي رامات يشاي، وابراهام ابينو، وبيت هداسا، والدبويا، وبيت رومانو، وهي عبارة عن منازل داخل البلدة القديمة، اضافة الى الحرم الابراهيمي، بمستوطنة كريات اربع. والطريقة الوحيدة لذلك هي الاستيلاء على بيت الرجبي. وتحول هذه البؤر حياة الفلسطينيين بشكل دائم الى جحيم إذ تبقى الكلمة العليا في المنطقة للمستوطنين الذين يعتدون على العرب ويضربونهم ويطردونهم من منازلهم بمساعدة الجيش. وتحولت هذه البقعة الصغيرة نسبيا الى ما يشبه معسكرات الجيش. ويكفي ان تسير في الشارع الوحيد المسموح فيه للفلسطينيين بالتحرك في البلدة القديمة، لترى تجارا عربا يبيعون بضاعتهم، وأعلاما اسرائيلية ترفرف فوق منازل يستولي عليها المستوطنون في الطابق العلوي لمحلات الفلسطينيين، وطرقا مغلقة، وجنودا يراقبون من فوق، واسلاكا شائكة، ومنازل واسواقا مهجورة، وقلاعا تحولت الى مدارس دينية يهودية تغطيها جدران عالية.

وفشل قائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال، الميجر غادي شمني، في اقناع قادة المستوطنين في الخليل بفتح حوار للوصول الى اخلاء البيت من المستوطنين بدون عنف، وابلغه مسؤولو المستوطنين الذين التقاهم اول من امس، ان الاخلاء يعني «سفك دماء».

ويناصر آلاف المستوطنين، ونواب متطرفون في الكنيست الاسرائيلي، اولئك المتحصنين داخل بيت الرجبي، ورفع 48 عضو كنيست رسائل الى باراك تطلب منه عدم إخلاء البيت، كذلك أعلن حاخامات اسرائيل انه يحظر على الجيش طرد اليهود من بيوتهم. وكانت 13 أسرة يهودية قد استولت على منزل الرجبي قبل عام ونصف العام. وبعد قرار المحكمة الاسرائيلية قبل 11 يوما انتقل اكثر من 150 متطرفا آخر للتضامن معها، واغلقوا الابواب والنوافذ بشكل محكم وخزنوا الطعام. وأكد باراك انه يجب تنفيذ قرار محكمة العدل العليا بشأن إخلاء المنزل، مشددا على انه لا يمكن لمواطنين او اعضاء كنيست البت في مثل هذه المواضيع بدلا من المحكمة. الوصول الى بيت الرجبي اصبح مستحيلا، فقد حوله الجيش الى ثكنة عسكرية لمنع احتكاك العرب باليهود الذين تحصنوا بداخله، ويقولون انهم اشتروه من مالكه فايز الرجبي، الذي ينفي ذلك، ويقول ان المستوطنين يعرضون أوراقا مزورة. وعلق المستوطنون فوق المنزل أعلاما اسرائيلية، ورفعوا لافتات كتب عليها «المنزل لنا ولن نخرج من هنا». ويقول المستوطنون انهم اشتروا المنزل بمبلغ كبير من المال. وعرضوا وثائق قالوا انها تثبت انهم اصحاب المنزل.

وقال فايز الرجبي، صاحب المنزل، لـ«الشرق الاوسط»: «ان الوثائق التي بحوزة المستوطنين مزورة»، وهو ما أكده ايضا محاميه سامر شحادة الذي قال لـ«الشرق الاوسط» ان قرار المحكمة واضح بإخلاء المستوطنين لانهم لا يملكون المنزل. وقال شحادة ان المستوطنين قالوا انهم اشتروا الارض والمنزل من وسيط في عمان. واضاف الرجبي ان الوسيط ربما زور أوراقا بصفته صاحبا سابقا للارض لكن المحكمة اكتشفت التزوير.

وأكد الرجبي، المتزوج من 3 نساء ولديه 24 من الابناء، انهم ممنوعون من الاقتراب من منزلهم وان الشرطة تطلب منه في كل يوم ان يعطيها يوما آخر لتنفيذ قرار المحكمة. وحضر الى الخليل، حايم بولاك، 33 عاما، وهو من انصار اليمين اليهودي من نيويورك لمؤازرة شقيقه المستوطن في المواجهة المتوقعة. وقال «سأبقى هنا.. أقصد أنهم سيخرجونني محمولا من هنا». ويلجأ المستوطنون الى العنف منذ صدور قرار المحكمة في الاسبوع الماضي. وقال الرجبي انهم هاجموا مقبرة قريبة من منزله وكتبوا شعارات مهينة للإسلام على جدران مسجد قريب كذلك. وتقول مصادر الشرطة الاسرائيلية انها ستنفذ قرار الاخلاء بالقوة لكنها تنتنظر الوقت المناسب. ويأتي التصعيد الاخير فيما تواصل السلطة الفلسطينية حملة امنية في الخليل لمواجهة «الخارجين عن القانون» وفرض سيطرتها على المدينة، إلا ان السلطة ممنوعة من العمل في مناطق يسيطر عليها هؤلاء المستوطنون.