مومباي: 48 ساعة من التفجيرات وإطلاق النار.. وحصيلة القتلى ترتفع الى 125

الاعتداءات انطلقت من «بوابة الهند».. والأهداف فنادق خمس نجوم ومحطة قطارات ومطاعم سياحية ومنزل يقطنه يهود

عدد من الأشخاص يحتمون بجانب من فندق تاج محل وسط تبادل لإطلاق النار بين المسلحين والشرطة أمس (رويترز)
TT

بعد مرور نحو 48 ساعة على الهجمات المسلحة، مازالت الفوضى تسود عاصمة المال والصناعة الترفيهية، مدينة مومباي الهندية، فيما استقر عدد القتلى حتى الآن عند 125 قتيلاً، بينهم 9 من الأجانب على الأقل وأكثر من 14 شرطياً هندياً. أما القتلى الأجانب الذين عرفت جنسياتهم حتى الآن فهم ستة، بينهم ياباني وأسترالي وبريطاني، فيما أكدت وزارة الخارجية الإيطالية مقتل أحد المواطنين الايطاليين. ومازال عدد الجرحى حتى الآن في حدود 327 جريحاً. وسُمعت أصوات انفجارات في فندق أوبيريو، حيث مازال مسلحون يحتجزون عدداً من الرهائن، وشوهد الدخان يندفع خارج الفندق، فيما عثرت الشرطة على ثمانية كيلوغرامات من مادة «آر دي إكس» شديدة الانفجار في مطعم بالقرب من فندق «تاج محل».

وقالت مصادر مقربة من اجهزة الاستخبارات الهندية، ان عدد المهاجمين يقترب من 26 مهاجما قتل منهم خمسة والباقي يتوزع في اماكن مختلفة يتم مهاجمتها من قبل قوات الجيش والشرطة الهندية. والاعتداءات الارهابية التي استمرت في مومباي امس لليوم الثاني على التوالي، كانت قد بدأت ليلة أول من امس عندما ترجلت مجموعة من الرجال حاملين كميات ضخمة من السلاح والذخيرة، من سفن بحرية عند موقع «بوابة الهند» السياحي الأثري، وراحوا يتوزعون في مدينة مومباي وفقا لخطة معدة مسبقا. ونفذ الارهابيون الاعتداءات على عشرة مواقع سياحية في مومباي، كلها ما عدا موقع واحد تقع في جنوب مومباي حيث ترتفع «بوابة الهند». ووقعت الاعتداءات في محطة تشهاتراباتي تشيفاجي للقطارات، وفندقين خمس نجوم هما أوبروي ترايدنت، وفندق تاج محل الذي يعتبر درة العمارة الهندية ويقع بالقرب من «بوابة الهند»، ومقهى ليوبولد وهو مقهى له شعبية كبيرة بين السواح، ومستشفى كامات. ففي التاسعة والنصف ليلا بتوقيت مومباي: دخل ثلاثة مسلحون الى مقهى ليوبولد وأخرجوا رشاشات حربية من أكياس كبيرة كانوا يحملونها، وبدأوا باطلاق النيران عشوائيا.

والساعة العاشرة، بعد ليوبولد، توجه المسلحون عبر طريق من المقهى تؤدي الى فندق تاج محل الذي يبعد دقائق قليلة عن المكان الاول الذي نفذوا فيه اعتداءهم. ودخل المسلحون الفندق عبر المدخل الرئيسي وفتحوا النيران عشوائيا. وينقسم الفندق الى مبنيين، أحدهما يعود تشييده الى مائة عام، ويعتبر معلما اثريا وتراثيا. وهزت الفندق سلسلة من التفجيرات، وسمع صراخ من داخل الغرف، وتصاعد الدخان الأسود من نوافذ الفندق القديم الذي يقع على ضفاف المياه. في الوقت نفسه، وفي حين كان يتعرض فندق تاج محل للاعتداء، دخل أربعة مسلحين حاملين بنادق اوتوماتيكية الى محطة شاتراباتي شيفاجي للقطارات التي كانت تعرف سابقا بمحطة قطارات فكتوريا، وهو أيضا من المعالم الأثرية. وبدأ اثنان من الرجال الاربعة باطلاق النار على الحشود، فيما توجه الآخران الى سينما مترو. وفي لحظات، كانت الدماء والأشلاء تغطي المكان وسط صراخ الحشود. في العاشرة والعشر دقائق، دخل مسلحون الى فندق اوبروي ترايدنت واتخذوا عددا من قاطني الفندق الاجانب، رهائن. واتصل المسلحون بمحطة أخبار هندية وابلغوها أنهم ألقوا القبض على رهائن. وقتل في هذا الاعتداء عدد كبير من موظفي الفندق. وفي العاشرة والنصف، سمع دويّ تفجير كبير في منطقة فايل بارل، وتبين لاحقا ان التفجير وقع في سيارة أجرة. وقد سمع دوي الانفجار الى مسافة وصلت الى 200 متر من المكان. وخلال دقائق، دخل خمسة مسلحين الى مجمع سكني في كولوبا واتخذوا من عائلة يهودية في منزل ناريمان، رهائن. وفي الوقت نفسه، هاجم مسلحان مستشفى كامان ودخلوا الى قسم الولادات واخذوا عددا من الرهائن. الا انه جرى اطلاق هؤلاء الرهائن في صباح أمس. وسمع اطلاق عيارات نارية امس في فندق في مومباي تحتجز فيه جماعة من المسلحين عددا من نزلاء الفندق. وقال شهود عيان ان العيارات النارية انطلقت من الجانب الشمالي الغربي لفندق اوبيروي ترايدنت بعد ان بدأ الجيش والشرطة عملية لتحرير نحو 200 شخص محتجزين داخل الفندق. وصرح سانجاي بارفي رئيس الشرطة في مومباي ان رجال الشرطة قاموا باخلاء 14 شخصا من الفندق مؤخرا، مضيفا ان عناصر الجيش والكوماندوز لازالوا داخل الفندق. قال ا.ن. روي قائد شرطة ولاية مهاراشترا الهندية امس ان ازمة الرهائن في فندق تاج محل في مومباي وهو من معالم المدينة وبني قبل 105 سنوات انتهت، لكن هناك رهائن فيما يبدو في فندق ترايدنت اوبروي. وقال روي لقناة ان. دي. تي. في الاخبارية: «الناس الذين كانوا محتجزين هناك انقذوا جميعا. لكن هناك نزلاء في الحجرات لا نعرف عددهم. وأضاف ان هناك بعض الناس مازالوا محتجزين في فندق ترايدنت اوبروي. وقال لهذا السبب تدار العملية بشكل أكثر حساسية لضمان عدم وقوع خسائر في الأرواح بين الابرياء. وقال شاهد من رويترز ان دوي انفجار سمع في فندق ترايدنت اوبروي المحاصر. وهناك نحو 100 شخص داخل الفندق، وقال مسؤولون ان مسلحين اسلاميين أخذوا عددا صغيرا منهم رهائن. وقالت شبكات تلفزيون هندية امس، ان قوات الشرطة وقوات الكوماندوز بدأت عملية ضد متشددين يحتجزون رهائن داخل فندق ترايدنت اوبروي في مومباي. وأعلنت جماعة «ديكان مجاهدين» غير المعروفة على نطاق واسع، المسؤولية عن الهجمات. وقال متشدد متحصن داخل فندق اوبروي للتلفزيون الهندي ان سبعة مهاجمين هو واحد منهم يحتجزون رهائن داخل الفندق الفاخر.

وقال الرجل الذي عرف نفسه باسم سعد الله للتلفزيون: «سبعة منا داخل فندق اوبروي. ونحن نريد اطلاق سراح كل المجاهدين المحبوسين في الهند ولن نفرج عن الناس الا بعد ان يتحقق ذلك». وأضاف: «أفرجوا عن كل المجاهدين. المسلمون الذين يعيشون في الهند يجب ألا يضطهدوا». وهزت الهجمات التي وقعت في ساعة متأخرة من الليل الاقتصاد الهندي الذي يتعرض بالفعل لضغوط واغلقت السلطات الهندية أسواق الاسهم والسندات والصرف الاجنبي بينما فرضت الشرطة وقوات الكوماندوز حصارا على المسلحين. وقال نائب رئيس حكومة ولاية مهاراشترا الهندية امس ان عدد النزلاء والعاملين المحاصرين داخل فندق ترايدنت اوبروي يتراوح بين 100 و200 وان عدد المتشددين في الداخل يتراوح ما بين 10 و12.

وقال ار.ار باتيل للصحافيين: «يمكن ان يكون داخل الفندق ما بين 100 و200 شخص لكن لا نستطيع ان نعطي رقما محددا لأن كثيرين أغلقوا على أنفسهم حجراتهم. ويمكن ان يكون داخل الفندق ما بين 10 و12 ارهابيا. ولا مفاوضات مع الارهابيين. وقال راميش تايد ضابط الشرطة الرفيع من غرفة القيادة في مومباي: «ستة أجانب على الأقل قتلوا ورقم القتلى ارتفع الان الى 101. وأضاف قوله لدينا 287 مصابا. وجاءت الهجمات التي نفذتها مجموعات صغيرة مسلحة بأسلحة آلية وقنابل على الفندقين ومواقع أخرى في المدينة وسط انتخابات في ولايات منها ولاية كشمير وتنذر بزعزعة استقرار البلاد قبل الانتخابات العامة العام القادم.

وقالت الشرطة إنها قتلت اربعة مسلحين واعتقلت تسعة يشتبه في انهم ارهابيون بعد سلسلة هجمات مومباي. وقال ب.د. غادجي ضابط الشرطة في غرفة التحكم المركزية في مومباي لرويترز قتلنا بالرصاص أربعة ارهابيين ونجحنا في اعتقال تسعة يشتبه في انهم ارهابيون.

ومن المتوقع ان تخيف الهجمات المستثمرين في واحد من أكبر اقتصادات آسيا وأسرعها نموا. وشهدت مومباي عددا من الهجمات في الماضي لكنها لم تكن هجمات تستهدف الأجانب بهذا الوضوح. وكان الأجانب قد باعوا بالفعل الكثير من أصولهم في الهند ويخشى الآن حدوث انخفاض كبير في قيمة الروبية. ووصف وزير التجارة الهندي كمال نات الهجمات بانها: «حادث مؤسف» لكنه لا يتوقع تباطؤا في الاستثمارات. ويمكن ان توجه هذه الهجمات ضربة للحكومة الهندية التي يقودها حزب المؤتمر قبل الانتخابات العامة المقررة عام 2009. وكانت الحكومة قد تكبدت خسائر في عدد من انتخابات الولايات خلال عام. وانتقد حزب المعارضة الرئيسي بهاراتيا جاناتا الهندوسي الذي حقق نتائج طيبة في انتخابات الولايات الحكومة لتهاونها مع الارهاب في اعقاب سلسلة من الهجمات وقعت في مدن هندية هذا العام.

وقال الخبير الاستراتيجي اوداي بهاسكار ان الهجمات يمكن ان تذكي التوترات بين المسلمين والهندوس. وأغلقت مدارس مومباي وفرض حظر تجول حول بوابة الهند، وهي نصب من فترة الاستعمار، لكن حركة القطارات لم تتوقف وتوجه الناس الى أشغالهم مذهولين.

وقالت الشرطة الهندية ان 12 شرطيا قتلوا في الهجمات من بينهم هيمانت كاركاري رئيس فرقة مكافحة الارهاب في مومباي. وقال راكيش باتيل وهو شاهد بريطاني ينزل في فندق تاج محل، ان المهاجمين كانوا يبحثون عمن يحملون جوازات سفر بريطانية واميركية.

وقالت وزارة الخارجية اليابانية ان مواطنا يابانيا واحدا على الاقل قتل واصيب اخر بجراح في الهجمات بينما قالت كوريا الجنوبية ان 26 من مواطنيها نجوا دون ان يمسهم سوء. وقالت استراليا ان اثنين من مواطنيها اصيبا وان العدد قد يرتفع.