رجال بعمائم سوداء وبنادق كلاشنيكوف أرعبوا الهند

هجمات مومباي شديدة التعقيد

TT

ظهر أشخاص يرتدون عمائم سوداء، وفجأة، فتحوا نيران الأسلحة الآلية، وألقوا قنابل يدوية، كما احتجزوا رهائن وهاجموا فندقين وسينما ومقهى ومحطة قطار، والعديد من الأماكن الأخرى. من هم؟ فيما يحاول المسؤولون الأمنيون والخبراء جاهدون فك لغز الهجوم، والكشف عن الهوية المحتملة للمهاجمين، مستخدمين القليل من المعلومات، مازال الخلاف قائما حول الإجابة عن هذا التساؤل، حتى اليوم (امس) الخميس. وأوضحت رسالة عبر البريد الإلكتروني ـ أرسلت إلى وسائل الإعلام الهندية، معلنة مسؤوليتها عن الهجمات الدموية التي وقعت مساء الأربعاء في مومباي ـ أن المسلحين الذين قاموا بتلك الهجمات يتبعون منظمة أطلقت على نفسها «مجاهدو الديكان». إلا أن الخبراء المسؤولين الاستخباراتيين في معظم أنحاء العالم، أشاروا إلى أن هذا الاسم غير معلوم. وتجدر الإشارة إلى أن ديكان هي ضاحية بمدينة حيدر أباد الهندية، ويصف نفس هذا المسمى الوسط والجنوب الهندي، اللذين تهيمن عليهما سهول الديكان. ويقول ساجان غوهل ـ المحلل الأمني في لندن ـ إن الجمع بين كلمة ديكان ومجاهدين ما هو إلا «اسم للدعاية»، فهذه الجماعة غير موجودة. ويشير بعض خبراء الإرهاب العالميين ممن لديهم الخبرة والدراية بجنوب آسيا، إلى أنه اعتمادا على التكتيكات التي استخدمت في تلك الهجمات، فإنه من المحتمل ألا تكون تلك الجماعة على صلة بتنظيم القاعدة، على الرغم من أن هناك خبراء آخرين لا يوافقون على هذا الرأي. ويقول بروس هوفمان، الأستاذ بكلية الشؤون الخارجية بجامعة جورج تاون، ومؤلف كتاب «داخل الإرهاب»: «من غير الواضح ما إذا كانت هذه الجماعة حقيقية أم لا. فقد يكون هذا الاسم مجرد غطاء لجماعة أخرى، أو اسما استخدم مع هذه الحادثة على وجه الخصوص». وهذه الفرضية نفسها هي التي قالها أحد مسؤولي الأمن الهنديين، الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن اسمه، لأنه غير مسموح له بذلك، حيث أوضح أن الاسم المذكور يوحي بصلة الجهة المنفذة بجماعة تُدعى «المجاهدون الهنود»، وهي متورطة في سلسلة تفجيرات في الهند، حصدت أرواح حوالي 200 شخص خلال العام الجاري وحده. أما كريستين فير ـ عالمة السياسة البارزة وخبيرة منطقة جنوب آسيا بمؤسسة راند ـ فكانت حريصة على التأكيد على أنه قد يصعب التعرف على هوية الإرهابيين حتى الآن، إلا أنها عادت وأكدت أن أسلوب هذه الهجمات، والأهداف المستهدفة في مومباي تشير إلى احتمالية تبعية المسلحين للمسلمين الهنود، وليس للقاعدة، أو عسكر طيبة (لاشكر طيبة)؛ وهي جماعة مسلحة أخرى في جنوب آسيا. وتابعت فير: «في هذه الحادثة لا يوجد مطلقًَا شيء يشبه ما تقوم به القاعدة، فهل رأيتم أي انتحاريين؟ ولا توجد بصمة عسكر طيبة، هنا أيضا. فهم لا يأخذون الرهائن، ولا يلقون بالقنابل اليدوية». ويتفق هوفمان على أن الهجوم لا يشبه طريقة عمل القاعدة، التي تعمد إلى القيام بالهجمات الانتحارية.

ومع ذلك فقد قال، إن الهجمات، التي توصف بأنها عالية التخطيط، والتعقيد والتنسيق، قد توجه أصابع الاتهام إلى منظمة أخرى أكبر تقف خلف مرتكبي الهجمات. ومن لندن، يقول غوهل أيضا إنه من المحتمل أن تكون جماعة مسلحة تحظى بالخبرة نسبيا، هي التي جندت هؤلاء المهاجمين. ولكن، أشار أحد المسؤولين الأمنيين الهنديين إلى أن منفذي الهجمات قد يكون لديهم صلة بـ«عسكر طيبة» ـ وهي جماعة مسلحة تديرها الاستخبارات الباكستانية لمحاربة الهند في منطقة كشمير المتنازع عليها. وأضاف المسؤول الأمني أنه يحتمل أن يكون منفذو الهجوم يتبعون جماعة مسلحة خارجة عن القانون، تتألف من طلاب إسلاميين. ويُذكر أن بعض الصور الفوتوغرافية لمنفذي الهجوم، التي التقطتها الكاميرات الأمنية أظهرت مهاجمين من الشباب يحملون بنادق هجومية ويبتسمون وقت شنهم للعملية. وأفاد المسؤول الأمني قائلاً: «إنها 11 سبتمبر (أيلول) في مومباي». وأضاف أن تبعات الهجوم الإرهابي من الممكن لها أن تعطل أي اتجاه نحو السلام مع باكستان، بالإضافة إلى أنها من الممكن أن تلهب الأعمال الانتقامية ضد مسلمي الهند. وفي انعكاس لتحليل واسع النطاق في باكستان، وصف مونيس أهمار، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة كراتشي، الهجمات بأنها مؤامرة حقيقية مقصود منها إيقاع الفوضى وزعزعة الاستقرار في العلاقات بين الهند وباكستان، وتدمير جهود المصالحة بينهما.

*خدمة «نيويورك تايمز»