مدير وكالة الطاقة الذرية السورية لـ«الشرق الأوسط»: سنتعاون لكننا كغيرنا لن نسمح بزيارات لمواقع عسكرية

البرادعي يدعم مطلب دمشق لإنشاء محطة نووية.. ويطالبها بأن تسمح بمزيد من الزيارات والعينات

TT

كرر الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية صباح امس، مطالب الوكالة لسورية بضرورة السماح للمفتشين الدوليين، بزيارة اكثر من موقع بسورية،، بالاضافة للاطلاع، والحصول على مزيد من العينات من بقايا وركام ازالته سورية من موقع الكبر، الذي دمرته اسرائيل، وذلك حتى تتمكن الوكالة من تكملة ما بدأته من تحريات وعمليات تفتيش لذلك الموقع، للتأكد من طبيعته ان كان مفاعلا نوويا، كما تصفه اسرائيل، ام موقعا عسكريا، كما تؤكد سورية، مبينا حرص الوكالة على الحفاظ على سرية كل المواقع التي تطلب الوكالة زيارتها.

جاء ذلك بعد يوم من اجتماع حاسم أقرّ البرنامج الفني والتعاون التقني للوكالة للاعوام 2009 ـ 2011 بما في ذلك، تقديم عون من الوكالة بتكلفة 350 ألف دولار لسورية لإعداد دراسة جدوى تقنية اقتصادية، واختيار الموقع لمحطة نووية لتوليد الكهرباء. وكان المشروع قد تعرض لمعارضة غربية قوية، من الولايات المتحدة الاميركية ودول الاتحاد الاوروبي وكندا واستراليا، بدعوى أن سورية قيد تحريات وتفتيش تقوم به الوكالة، الا ان البرادعي، فند تلك الدعاوى، متمسكا بضرورة معاملة سورية وفقا للمبدأ القانوني، الذي يؤكد ان المتهم برئ ما لم تثبت ادانته، مسنودا في ذلك بدعم قوي من مجموعة دول كتلة عدم الانحياز وروسيا والصين .

من جانبه، كرر الدكتور ابراهيم عثمان مدير وكالة الطاقة الذرية السورية، ردا على سؤال من «الشرق الأوسط» صباح أمس، ان سورية ستباشر العمل قدما في انشاء المحطة المذكورة، وذلك في تعاون كامل مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وفقا للقواعد المرسومة، وحسب الانظمة المتبعة .

وردا على سؤال آخر من «الشرق الأوسط» حول مصير ومستقبل، التحقيقات وعمليات التحري، التي تقوم بها الوكالة حول موقع الكبر، أشار الدكتور ابراهيم إلى ان ذلك موضوع آخر، مضيفا ان الموقع قد دمر، متسائلا: لماذا لم تكشف الجهات التي تقول ان بحوزتها معلومات، عن ذلك الا بعد مضي 7 أشهر من قصفه؟ مشيرا ان سورية قد اكدت ان الموقع موقع عسكري قديم، نافيا ان تكون تصريحات سورية قد ذكرت في البدء انه مركز زراعي يتبع لجامعة الدول العربية.

وتابع: ان صحافيا اسرائيليا هو الذي ذكر ذلك. وأضاف: «ان سورية لم تمنع مطلقا، ولن تمنع الوكالة من القيام بأية زيارات، لكنها لن تسمح في ذات الوقت بأية زيارات لمواقع عسكرية. شأنها في ذلك شأن كل دولة اخرى»، متسائلا: من يسمح بأن تصبح بلاده مفتوحة لسياحة الجميع. موضحا: ان مواقع السياحة معروفة. وكان الدكتور محمد البرادعي، قد تحدث مخاطبا، صباح امس، الجلسة الافتتاحية للاجتماعات الدورية الأخيرة، لمجلس امناء الوكالة، لهذا العام، والتي ستنظر للمرة الاولى في تاريخ الوكالة لملف نووي سوري. هذا بالاضافة لملفي ايران وكوريا الشمالية. وفيما اصبح كل من الملفين الكوري الشمالي والايراني، لأكثر من 5 أعوام بندين شبه ثابتين، امام اعضاء المجلس، الذي يتكون من 35 دولة، وذلك لاتهام كل من كوريا الشمالية وايران بعدم الالتزام باتفاقات الضمان، وعدم الاستجابة لمقررات كل من مجلسي الامن الدولي، ومجلس امناء الوكالة بوقف نشاطيهما النووي، فإن الملف السوري، تمت اضافته باعتبار ان سورية قيد التحقيق لعمليات تحر تجريها الوكالة للتأكد من طبيعة موقع الكبر، بمنطقة دير الزور شرق سورية، الذي تعرض لهجوم اسرائيلي في سبتمبر 2007، بدعوى انه مفاعل نووي، فيما تنكر سورية ذلك. وكانت الولايات المتحدة الاميركية، قد تقدمت في ابريل 2008 بعلومات للوكالة، تدعي ان سورية تقوم بنشاط نووي لم تعلنه للوكالة في ذلك الموقع. وكان المندوب الاميركي لدى الوكالة، السفير جريجوري شولتي، قد ارجع ذلك التصرف، ردا على سؤال لـ«الشرق الاوسط» إلى أن بلاده لم تكشف حينها عما بحوزتها من معلومات، حتى لا تساعد على صب مزيد من الزيت على النار المشتعلة اصلا بين اسرائيل وسورية. وان الولايات المتحدة قررت الاحتفاظ بتلك المعلومات لحين الوقت المناسب، ثم كشفتها للوكالة حتى تقوم الوكالة مستقلة بإجراء التحقيقات اللازمة. من جانبه كان البرادعي قد أكد ان استخدام اسرائيل للقوة، وحجب الولايات المتحدة للمعلومات، وازالة سورية للركام، كلها عوامل تفاعلت لإعاقة مهام الوكالة في التحقق عن حقيقة الموقع .

يذكر ان مجلس الأمناء يعقد هذه الدورة، برئاسة السفيرة الجزائرية لدى النمسا، ومندوبتها لدى المنظمات التابعة لهيئة الامم المتحدة بفيينا، طاؤس فاروخي، التي فازت بالمنصب بالاجماع، سبتمبر الماضي. ويضم المجلس، في هذه الدورة، اربع دول عربية هي المملكة العربية السعودية ومصر والعراق والجزائر، فيما اضطرت سورية للتنازل عن الترشيح كمندوبة عن منطقة الشرق الاوسط ودول جنوب آسيا، التي يشار اليها باسم «ميسا» في آخر لحظة بعد ان نافستها افغانستان التي حظيت بدعم غربي كبير، اوشك ان يقود لعملية تصويت علني للدول اعضاء المؤتمر العام للوكالة. كان من المتوقع ان تخسرها سورية، نتيجة ما جرى من عمليات ترهيب وترغيب  .

من جانبها كانت اللجنة الفنية للتعاون التقني بالوكالة، قد اقرت بالاجماع، في ساعة متأخرة من مساء امس الأول، تقديم عون مالي وقدره 350 الف دولار لسورية، لإجراء دراسة جدوى اقتصادية وتقنية، بالاضافة لاختيار موقع لإنشاء محطة نووية لانتاج كهرباء، بدلا من عرض الامر للتصويت، وذلك بعد اعتراضات غربية شديدة، وتحفظات ضد ذلك المشروع الذي حظي بدعم مدير الوكالة، وتأكيده مطمئنا ان المشروع سيظل قيد التدقيق والرقابة الدولية. وكانت متابعات «الشرق الأوسط» قد رصدت وتابعت بالنشر، تفاصيل تلك الاجتماعات التي ظلت متصلة بين اللجنة الفنية والدول اعضاء مجلس الامناء، لاجازة برنامجها للاعوام 2009 ـ 2011. وفيما تمت الموافقة على كل البرامج والمشاريع المقدمة من الدول الاعضاء، حدث انقسام حاد حول مشروع المحطة النووية السورية. وذلك لدعاوى غربية اميركية، ان سورية دولة «قيد التحقيق» لم تبد تعاونا كاملا مع ما تجريه الوكالة من تحريات، ما يثير مخاوفا من استغلالها لتلك المنشأة لانتاج يورانيوم لاغراض غير سلمية، مطالبين بتأجيل المشروع لعام آخر حتى تظهر ناتئج التحقيقات، ويتم التأكد من براءة سورية، براءة كاملة من اية مخالفات، وانشطة سرية. هذا فيما حث مدير عام الوكالة والدول المؤيدة لسورية، وفي مقدمتها دول عدم الانحياز والصين وروسيا، على المضي قدما بإجازة المشروع من دون تأجيل. بدعوى ان سورية «قانونيا» ما تزال بريئة ما لم تثبت التحقيقات غير ذلك. مؤكدا ان الوكالة ملتزمة بمراعاة وتطبيق كل الأسس والمقومات التي تؤكد سلامة المشروع، الذي سيظل تحت رقابة الوكالة، ما لا يتيح لسورية اساءة استغلاله حتى ولو رغبت في ذلك.