ليفني تطالب أولمرت بترك رئاسة الحكومة وإدارة معركته القضائية من منزله

عقب إعلان المستشار القضائي عزمه توجيه لائحة اتهام وسط انتقادات شديدة

TT

عقب إعلان المستشار القضائي للحكومة الاسرائيلية ميني مزوز، عزمه توجيه لائحة اتهام ضد رئيس الوزراء ايهود أولمرت، في إحدى قضايا الفساد الست المفتوحة للتحقيق، أجمع القادة السياسيون والحزبيون والمعلقون السياسيون، على ضرورة أن يتنحى أولمرت ويبقى في بيته. وعقدت رئيسة حزب «كديما» تسيبي ليفني، جلسة درامية لنواب الحزب، انتهت بقرار التوجه اليه بدعوة ورجاء أن يذهب الى البيت.

وأدت هذه التطورات الى سلسلة مناقشات في ديوان أولمرت، وكان رد فعله الأولي، انه لن يرضخ للمعارك الحزبية والشخصية. وكان مزوز قد اختار ملفا واحدا من بين الملفات الست، لتوجيه لائحة اتهام ضد أولمرت على اساسها. وجاء هذا الاعلان في الوقت الذي كان فيه أولمرت ما زال في طريقه الى البيت، عائدا من زيارة وداع للرئيس الأميركي جورج بوش. فتساءل مساعدو أولمرت: «ما هذه السرعة؟ ألم يكن بإمكان مسؤولي النيابة والمستشار القضائي، الانتظار قليلا حتى يقذفوا هذه القنبلة في وجه الشعب في اسرائيل؟!». كما تساءلوا عن سبب اختيار هذا الملف بالذات، الذي يتعلق بتذاكر السفر المزدوجة. وحسب ملف التحقيق، فإن أولمرت كان يسافر الى الخارج في اطار مهماته كرئيس بلدية القدس، ثم كوزير للتجارة والصناعة، وخلال زياراته يتدخل لدى المؤسسات اليهودية ولدى رجال أعمال يهود أثرياء، ويجمع تبرعات لصالح مؤسسات خيرية في اسرائيل. ومع ان البلدية وفي ما بعد الوزارة، كانتا تغطيان كل مصاريفه، فقد حرص بالاتفاق مع شركة السفر «رشون تورز» على تحصيل أثمان تذاكر السفر من تلك المؤسسات أيضا. فكان يحصل على ثمن التذكرة مرتين أو ثلاثا كل مرة، على مدى 12 رحلة. وجمع بهذه الطريقة 85 ألف دولار، استخدمتها شركة السفر لتغطية نفقات الرحلات الشخصية لأولمرت وبقية أفراد عائلته. ويقدر الخبراء في القانون، ان العقوبة التي تنتظر أولمرت من هذا الملف وحده، تصل في حدها الأقصى الى سبع سنوات سجنا. وهناك خمس قضايا أخرى تحقق فيها الشرطة مع أولمرت ومع مديرة مكتبه السابقة شولا زاكين، ومدير مكتبه الحالي موشيه يحزقيل، ومدير عام ديوانه داني دانور، وتتعلق بتلقي الرشوة أو ممارسة الاحتيال، ترفع نسبة خطر حبسه بسنوات أخرى، في حالة ادانته في المحكمة. لكن أولمرت واثق بأنه سيفلت من يد القضاء ويثبت انه بريء أو على الأقل ان النيابة لا تمتلك أية دلائل قاطعة على الاتهامات الموجهة اليه. وهو يهاجم الشرطة والنيابة والمستشار، ويؤكد ان الاتهامات ضده ذات هدف سياسي حزبي وشخصي، تقف وراءه القوى التي تعارض أفكاره السلمية الجريئة، وسعيه للتوصل الى اتفاق سلام مع الفلسطينيين، يكون أساسا لسلام شامل مع العالم العربي كله.

ولم يتردد رجال أولمرت من اتهام الجهاز القضائي بالوقوف الى جانب خصومه السياسيين، في اطار تصفية الحسابات معه. فوزير القضاء دانئيل فريدمان، يدير معركة واسعة لتقليص صلاحيات محكمة العدل والجهاز القضائي، ويرى ان هذه المعركة لن تتوقف إلا بذهاب أولمرت. بيد ان موقف أولمرت يبدو ضعيفا للغاية، حتى لو كان صادقا فيه. والقادة السياسيون يجمعون على انه لن يستطيع البقاء في رئاسة الحكومة طويلا، وسيضطر الى ترك منصبه في أسرع وقت. وتعزز هذا الموقف، أثر طلب ليفني من اولمرت علانية أمس، بالجلوس في منزله. وقالت ليفني: «القضية ليست قضية شخصية، فأولمرت بريء طالما لم تثبت ادانته. لكن هنالك أخلاقا في العمل السياسي يؤمن بها حزب «كديما» ولا يمكن أن يتنازل عنها. لقد حدث أمر خطير في اسرائيل. رئيس الحكومة يواجه لائحة اتهام بالفساد، وعليه أن يدير معركته القضائية لإثبات براءته وهو في منزله وليس من موقع رئيس حكومة».

وجوبهت ليفني بانتقادات لاذعة ليس فقط من رجالات أولمرت، بل من سياسيين من الليكود، مثل النائب ميخائيل ايتان، الذي قال ان ليفني تحاول تبرئة نفسها من مسؤولية فساد حزبها، وهذا أيضا غير أخلاقي. وتغيب عن الجلسة حوالي نصف النواب والوزراء من حزب «كديما»، الذين قالوا ان ليفني تدير معركة شخصية وأنانية. فهي ترى ان شعبيتها تتدهور والليكود يتفوق عليها، فتريد ادارة هذه المعركة من منصب رئيسة حكومة. انها تعتقد أن المنصب وحده كفيل بتعديل الميزان لصالحها.

يذكر ان أولمرت يرئس الحكومة الانتقالية الى حين تشكيل حكومة جديدة بعد الانتخابات المقررة في 10 فبراير (شباط) المقبل. وحسب القانون الاسرائيلي، يحظر عليه أن يستقيل قبل تشكيل الحكومة الجديدة. ولكن ما يستطيع عمله هو الخروج في عطلة طويلة وتسليم منصبه الى نائبته ليفني. وواجهت اسرائيل تجربة كهذه عام 1977، عندما اضطر اسحق رابين كرئيس حكومة انتقالية. بعد ان نشرت صحيفة «هآرتس» ان زوجته فتحت حسابا بنكيا في الولايات المتحدة، وهو الأمر الذي كان يعتبر آنذاك محظورا. وحال نشر الخبر، خرج رابين الى عطلة وسلم القيادة الى نائبه شيمعون بيريس.