متحدث باسم وسيطة القراصنة لـ«الشرق الأوسط»: فدية السفينة اليونانية 975 ألف دولار

الصومال: معلومات عن إطلاق القراصنة سفينة يونانية وتخليهم عن سفينة يمنية

جندي فرنسي يراقب المنطقة قرب سواحل جيبوتي وهو في مهمة اسناد للحركة الجوية في خليج عدن أمس (أ.ف.ب)
TT

علمت «الشرق الأوسط» أن ثمانية من القراصنة الذين يحتجزون في إقليم البونت لاند بشمال شرق الصومال منذ الأسبوع الماضي سفينة يمنية من سواحل عدن قد بدأوا في مغادرة السفينة في إشارة إلى تخليهم عنها.

وقال مصدر مقرب من الجنرال موسى عدي حاكم الإقليم الذي يضم عدة موانئ يلجأ إليها الخاطفون لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من مدينة جاروي عاصمة الإقليم، تلقينا معلومات مؤكدة أن ثمانية من أصل 11 من القراصنة الخاطفين للسفينة اليمنية قد غادروها بالفعل، مشيرا إلى أن الثلاثة الباقين سيغادرون متن السفينة أيضا خلال ساعات. ولم يعرف مصير القراصنة الذين غادروا السفينة وماذا كان سيتم اعتقالهم لاحقا أم لن يتم التعرض إليهم بعد خضوعهم للتهديدات الصومالية واليمنية باستخدام القوة لتحرير السفينة من قبضتهم. وأوضح المصدر انه لن تكون هناك أية دواع للقيام بعملية عسكرية مشتركة بين اليمن وقوات الصومال لتحرير السفينة، معربا عن اعتقاده بان أزمة السفينة قد شارفت على الانتهاء. وتعذر أمس الحصول على تأكيد من احمد حامد عمر سفير اليمن لدى كينيا الذي يقوم حاليا بزيارة للبونت لاند برفقة الرئيس الصومالي عبد الله يوسف.

وقالت مصادر صومالية لـ«الشرق الأوسط» إن معظم سكان البونت لاند لديهم أصول يمنية وعلاقات تاريخية وتجارية تم تحذير القراصنة من المساس بها.

من جهة أخرى، قال أحد مساعدي سيدة أميركية كتب القراصنة كلمة «أميرة» بحروف إنجليزية اسم تدليها بحروف بارزة على جوانب ناقلة النفط السعودية وسفينة الأسلحة الأوكرانية لـ«الشرق الأوسط» إن مساعيها لإطلاق سراح سفينة يونانية مختطفة من أسابيع قد كللت بالنجاح. وقال مساعدها لـ«الشرق الأوسط» إن القراصنة حصولوا على فدية مالية قدرها 975 ألف دولار أميركي تم إلقاؤها بواسطة طائرة هليكوبتر في مكان ما على الأرض في مدينة أيل معقل القراصنة في شمال شرق الصومال.

ونفت جيبوتي رسميا استضافتها لأي من القراصنة أو رجال الأعمال الصوماليين المتورطين في أنشطة القرصنة وعمليات خطف السفن التي تتم قبالة السواحل الصومالية. وقال موسى احمد سفير جيبوتي في القاهرة ومندوبها الدائم لدى الجامعة العربية لـ«الشرق الأوسط» إنه ينفي رسميا على لسان حكومته هذه المزاعم التي أكد أنه ليس لها أي أساس من الصحة.

وأعلن المندوب الجيبوتي أن بلاده ستستضيف في السادس والعشرين من شهر يناير (كانون الثاني) المقبل اجتماعا مهما ستحضره جميع الأطراف المعنية بمكافحة القرصنة تحت مظلة المنظمة الدولية للبحار، مشيرا إلى مشاركة 26 دولة أوروبية وعربية بالإضافة إلى الدول المطلة على البحر الأحمر على مستوى وزراء الدول المعنيين.

وأوضح أن المؤتمر الذي سيدشنه الرئيس الجيبوتي إسماعيل عمر جيلة هو إشارة قوية إلى اهتمام بلاده بمكافحة القرصنة ودعمها لكافة الجهود الدولية والإقليمية في هذا الصدد، وأضاف: «ليس من الممكن أن نستضيف أناسا من القراصنة أو زعمائهم أو المتورطين في أنشطتهم بينما نعقد هذا المؤتمر على أرض بلدنا، هذا تناقض لا نسمح لنفسنا بأن نكون فيه». واتهم المندوب الجيبوتي بعض قيادات المعارضة الصومالية التي تستضيفها السلطات الاريترية في أسمرة بالخضوع لمقولات اريترية مغلوطة في هذا الشأن، وتساءل لماذا لم تتدخل اريتريا في الملف الصومالي إلا عام 2008 رغم أن الصومال كان يحتضن المقاومة الاريترية قبل تحرير اريتريا؟ واتهم نظام حكم الرئيس الاريتري أسياس أفورقي بتقسيم تحالف المعارضة الصومالية إلى جناحي جيبوتي وأسمرة، مضيفا: «الصوماليون الغلابة الموجودون في أسمرة لا يجب أن يقبلوا على أنفسهم أن يتم استخدامهم كورقة أيدي اريتريا التي لم تحتضن أي مؤتمر للسلام بينما استضفنا نحن خمسة مؤتمرات للسلام حتى الآن».

في غضون ذلك، شن السفير الصومالي لدى جنوب أفريقيا، عبد الكريم فارح، هجوما حادا على حكومته واتهمها بالافتقار إلى العزم والالتزام لإنهاء الوضع الحرج في الصومال.

وقال فارح في مقابلة وزعها مركز والتا للمعلومات إن الافتقار إلى العزم والالتزام من قبل السلطات الصومالية قد عقد الأمر في البلاد، معتبرا إنه لا يمكن إنجاح الإجراءات السلمية في الصومال في ظل انعدام الالتزام السياسي للسلطات والصوماليين عامة.

ويخشى المراقبون من أن يكون الاتفاق الذي توصلت إليه الحكومة الصومالية مع جناح جيبوتي أول من أمس برعاية الأمم المتحدة، لتقاسم السلطة وزيادة عدد أعضاء البرلمان غير قابل للتطبيق وأنه ربما زاد الانقسام في صفوف الحكومة الانتقالية. ويضم الاتفاق توسيع البرلمان ليزيد عدد أعضائه من 275 إلى 550 عضواً، بحيث يحصل تحالف إعادة تحرير الصومال على 200 مقعد والمجتمع المدني بما في ذلك النساء ورجال الأعمال وأهل الشتات على 75 مقعداً. كما مددت المحادثات فترة صلاحية الحكومة الانتقالية التي ستنتهي في شهر أغسطس (آب) عام 2009، لمدة سنتين إضافيتين بعد هذا التاريخ. ووصف عبدي رشيد محمد إيرو، عضو البرلمان وأحد المقربين من الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف الاتفاق بأنه غير قابل للتطبيق، حيث اعتبر أن «وجود 550 عضواً في برلمان الصومال هو بكل بساطة غير واقعي وغير مناسب»، مضيفا: «نحن لا نملك حتى المكان الذي يتسع لعقد الاجتماعات».

ويأتي ذلك فيما شكك مسؤول صومالي رفيع بان يكون جميع القراصنة الذين قاموا باختطاف ناقلة النفط السعودية «سيريوس ستار» صوماليي الجنسية، وقال عيديد عبد الله نائب رئيس الوزراء الصومالي في اتصال أجرته «الشرق الأوسط» من دبي ان القراصنة قد يتحدرون «من عدة جنسيات لدول مجاورة غير الجنسية الصومالية»، مشيرا الى وجود مجموعات صومالية تدير ذلك من الارض وتقوم بجمع المعلومات.

وتساءل عيديد عن المصادر التي يحصل من خلالها القراصنة على المعدات الحربية والتكنولوجية التي تستخدم «للسطو» على السفن التجارية قبالة السواحل الصومالية، وردا على سؤال لـ«الشرق الأوسط» عما اذا كان يقصد بذلك دول الجوار او الولايات المتحدة اكتفى بالقول  ان الامر «متروك لفهم الصحافة لذلك».

ونفى عيديد بشدة ان تكون هناك اية علاقة لاية شخصية رسمية صومالية بعمليات القراصنة، معتبرا ان «هؤلاء مجرمين وهذه ليست سياسة الحكومة الصومالية ولا حتى الشعب الصومالي».

وتوقع عيديد ان تأخذ ازمة الناقلة السعودية طريقها الى الحل في وقت قريب، مشيرا الى وجود «جهود حثيثة يبذلها الرئيس الصومالي عبد الله يوسف بنفسه لحل الازمة»، مطالبا بدور عربي «فاعل» من الدول العربية. وفي برلين، اعلن متحدث باسم وزارة الدفاع الالمانية انه سيتم نشر عسكريين المانا على متن السفن التي تؤمن الامدادات الغذائية للصومال وذلك لحمايتها من القراصنة. وبحسب وزير الدفاع الالماني فرانتز ـ جوزف يونغ، فان «اكثر من الف عسكري» الماني سيشاركون في العملية البحرية التي قررها الاتحاد الاوروبي واطلق عليها اسم «اتلانتا» والهادفة الى احباط عمليات قراصنة القرن الافريقي. وقال المتحدث باسم الوزارة الكابتن كريستيان ديانست لوكالة الصحافة الفرنسية «ان العسكريين سيتم نشرهم اولا على متن السفن المكلفة المساعدة الغذائية»، مضيفا ان عسكريين آخرين يمكن ان يتم نشرهم في سفن ترفع اعلام دول الاتحاد الاوروبي.

ومن المقرر ان تنشر المانيا فرقاطة في اطار عملية «اتلانتا»، كما سيؤمن عسكريون اخرون مهام مراقبة جوية بحسب المتحدث، ويمكن لفرقاطة ان تقل من 250 الى 300 عسكري. وتتولى القوات البحرية لعدة دول منها فرنسا وكندا مواكبة سفن المساعدات الغذائية التابعة لبرنامج الاغذية العالمي الحيوي جدا لـ2،3 ملايين صومالي يعيشون اوضاعا انسانية صعبة منذ انطلاق الحرب الاهلية في بلادهم قبل 17 عاما. وينتشر بعض العسكريين على متن هذه السفن.

وقال يونغ خلال ندوة عن الدفاع أمس «نحن بحاجة الى تفويض اوروبي وموافقة البرلمان الالماني» للقيام بذلك.