بان كي مون يرجح بدء عمل المحكمة الدولية للبنان في آذار المقبل

توطين الشهود والتمويل وإيداع المدانين ضمن القضايا المستعجلة

TT

رجح الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون احتمال بدء جلسات المحكمة الخاصة ذات الصفة الدولية لمحاكمة المتهمين في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري. وقد رجح الأمين العام هذا التاريخ في تقريره الثالث بناء على اتفاق أولي بين لجنة التحقيق الدولية المكلفة بالتحقيق بجريمة اغتيال الحريري وحكومة السنيورة.

وأوضح الأمين العام في الفقرة الثالثة من تقريره الذي قدمه إلى مجلس الأمن يوم أول من أمس قائلا «على أساس التقدم المحرز حتى الآن وفق تقارير الكاتب العام (المسجل) وما تبعها من مشاورات بين المستشار القانوني للأمم المتحدة وسعادة رئيس وزراء لبنان فؤاد السنيورة، يمكن التصور أن تبدأ المحكمة الخاصة أعمالها في 1 مارس 2009». ورغم التقدم الذي احرزته الأمم المتحدة باتخاذ الخطوات اللازمة من حيث الاتفاق على مقر المحكمة وتعيين القضاة والمدعي العام إلا أن الأمم المتحدة حتى التقرير الثالث لم تضمن حتى الآن التمويل الكافي لسير عمل المحكمة في السنة الثانية والثالثة. وذكر بان كي مون ان لجنة إدارة المحكمة التي تضم في عضويتها فرنسا وألمانيا وايطاليا واليابان وكندا وبريطانيا والولايات المتحدة قد اقترحت ميزانية للسنة الأولى من عمل المحكمة تبلغ 51 مليون دولار. وسوف تبلغ ميزانيتها في كل من السنة الثانية والثالثة 65 مليون دولار. وبحسب التقرير فان اجمالي التقديمات الموضوعة في الصندوق الخاص بالمحكمة بلغت حتى الان 55.1 مليون دولار ويبقي منها 51.1 مليون دولار بالنسبة لميزانية العام الاول. وجاء في التقرير «على أساس الميزانية المقترحة أن التبرعات المستلمة كافية للسنة الأولى لبدء عمليات المحكمة الخاصة». ويذكر أن الاتفاق بين الأمم المتحدة والحكومة اللبنانية يقضي بأن تقوم الحكومة بتسديد نسبة 49 % من نفقات المحكمة على أن تقوم الدول الأعضاء بتسديد نسبة 51 % من التكاليف الكلية.

وكانت الدائرة القانونية كما أشار الأمين العام قد عقدت اجتماعا مع الدول المانحة وحثتهم على الوفاء بالتزاماتها لتمويل سير عمل المحكمة في موعد أقصاه في نهاية شهر نوفمبر (تشرين الأول). ويبدو كما أفادت مصادر دبلوماسية أن الأمين العام بان كي مون لم يضمن حتى الآن بعض الترتيبات الأمنية فيما يتعلق بالشهود وبمصير المتهمين بعد ادانتهم من قبل المحكمة. وجاء في التقرير انه لضمان سلامة الموظفين الكبار والعاملين في إطار المحكمة فان ثمة إجراءات أمنية خاصة بالتشاور مع السلطات في لبنان وفي هولندا ودائرة السلامة والأمن في الأمم المتحدة.

كما أشار التقرير إلى ان الامين العام للامم المتحدة لن يعمد إلى تعيين القضاة الدوليين واللبنانيين رسميا كما انه لن يعلن أسماءهم قبل اتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة لذلك. وفي رسالة وجهتها باتسريا اوبراين وكيلة الأمين العام للشؤون القانونية إلى الدول الأعضاء يوم 19 من شهر نوفمبر (تشرين الأول) الجاري بشأن تنفيذ ما اسمته بالقضايا المستعجلة لتنفيذ القرار 1757 (قرار إنشاء المحكمة الخاصة)، حصرت القضايا المستعجلة وفق الرسالة التي حصلت "الشرق الأوسط" على نسخة منها بمسألة التمويل وإيداع المدانين والشهود خارج الأراضي الهولندية. وحثت الدول الأعضاء على الوفاء بالتزاماتها بتمويل المحكمة في موعد اقصاه نهاية شهر نوفمبر الجاري، وأبلغت الدول في رسالتها أن الأمين العام بان كي مون قد قدم ضمانات «ببذل أقصى جهوده لكي يقضي المتهمون المدانون مدة محكوميتهم في السجون خارج الأراضي الهولندية». ووفق رسالة المستشارة القانونية أن الأمين العام بان كي مون يبذل جهودا لتوطين الشهود الذين لن يتمكنوا من العودة إلى بلدانهم الأصلية بعد الادلاء بشهاداتهم أمام المحكمة في بلدان أخرى. ويسعى حسبما أفادت اوبراين إلى الحصول على ضمانات من دول أخرى غير هولندا لمنح ملاذ آمن للشهود الذين يتعذر عودتهم إلى بلدانهم. وأوضح مون في تقريره أن القاضي الكندي دانيال بيلمار رئيس اللجنة الدولية المستقلة المكلف بالتحقيق في جريمة اغتيال رئيس الوزراء اللبناني الأسبق رفيق الحريري سيتسلم منصبه كمدع عام للمحكمة الخاصة في الأول من شهر مارس القادم. وذكر أن العملية الانتقالية من مكتب لجنة التحقيق إلى مكتب المدعي العام للمحكمة الخاصة ستبدأ في الأول من شهر يناير القادم وتنتهي حتى نهاية شهر فبراير القادم. وأبلغ أعضاء المجلس أن لجنة التحقيق المستقلة قد طورت خطة لنقل موظفيها والعاملين فيها من بيروت إلى لاهاي وتستغرق فترة شهرين تبدأ في بداية العام المقبل وتنتهي في نهاية شهر فبراير القادم. وحرص الأمين العام بان كي مون على عدم تقديم تاريخ محدد لبدء جلسات المحكمة الخاصة. وأفاد أن لجنة التحقيق المستقلة خلال الفترة الانتقالية ستحتاج فترة شهرين بعد انتهاء ولايتها في الشهر القادم. وأوصى مجلس الأمن باتخاذ قرار لتمديد ولاية اللجنة لمدة شهرين إضافيين وقال «ان رئيس اللجنة سيطلب تمديد ولاية اللجنة لشهرين لضمان عدم حدوث فجوة بين انتهاء ولاية لجنة التحقيق وبدء نشاط المحكمة». وأبلغ الأمين العام أن مكتب المستشار القانوني للأمم المتحدة وبالتنسيق مع الحكومة اللبنانية وحكومة هولندا قد استكملت أغلبية الإجراءات المتعلقة بإنشاء المحكمة الخاصة من النواحي الإدارية واللوجستية والأمنية والمالية للسنوات الثلاث الأولى. وذكر أنه بصدد تعيين لجنة مختصة لاختيار رئيس لمكتب الدفاع للمحكمة الخاصة، ومن المتوقع أن يبحث مجلس الأمن تقرير الأمين العام في يوم 16 ديسمبر (كانون الأول ) القادم.