المسلحون تدربوا في الخارج ووصلوا بسفينة من كراتشي

تتفوق من جهة التعقيد وعدد المنفذين.. والهدف الرئيسي تدمير رمز النهضة الاقتصادية الهندية

TT

أشار مسؤولو وخبراء مكافحة الإرهاب إلى أن المدى والتعقيد الذي اتسمت بهما هجمات مومباي، مع نوعية الأهداف، تختلف بصورة كبيرة عن العمليات الإرهابية السابقة في الهند، وتشير إلى أن المسلحين تلقوا تدريبات في الخارج، لكنهم أشاروا إلى أنه لايزال من المبكر جداً معرفة العقل المدبر الذي يقف وراء العملية، على الرغم من التأكيدات التي جاءت من جماعة أصولية، غير معروفة، بشأن مسؤوليتها عن الهجمات.

وأعرب مسؤولون هنود وأوروبيون وأميركيون عن احتمال تورط شبكات أصولية إسلامية تتخذ من باكستان مقرا لها، حصلت في الماضي على دعم من جهات استخباراتية باكستانية.

وأوضح محللون أن الهجمات التي نفذت هذا الأسبوع تفوق هجمات سابقة قامت بها مجموعات محلية، من حيث التعقيد وعدد المنفذين، ونجاحهم في تحقيق هدفهم الرئيس وهو بث الخوف. ويقول بروس ريدل، المحلل بوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية ومجلس الأمن القومي والمتخصص في شؤون جنوب آسيا، مؤلف كتاب «البحث عن القاعدة»: «تعد تلك الهجمات مرحلة جديدة ومرعبة في الجهاد العالمي، إذ لا تملك أي من الجماعات الهندية المحلية هذا المستوى من القدرات، والهدف هو تدمير رمز النهضة الاقتصادية الهندية وتقويض ثقة المستثمر وإثارة الأزمة الباكستانية ـ الهندية». وكان العديد من المحللين قد أشاروا إلى أن الهجمات تحمل بصمات «جماعة عسكر طيبة» و«جيش محمد»، وهما الجماعتان الإسلاميتان اللتان استهدفتا المصالح الهندية من قبل، فقد حُملت جماعة جيش محمد مسؤولية الهجمات على البرلمان الهندي في 2001. كما تشن الجماعتان حملة طويلة تعتمد على استخدام العنف في إقليم كشمير المتنازع عليه بين الهند وباكستان منذ أكثر من ستة عقود. وترجع جذور الصراع إلى أسباب دينية: فغالبية سكان الهند من الهندوس بينما غالبية سكان باكستان مسلمين.

وأشار مسؤول أميركي في مجال مكافحة الإرهاب، طلب عدم ذكر اسمه، إلى أن أصابع الاتهام تتجه إلى «عسكر طيبة» لكنه أكد على أنه لايزال الوقت مبكراً جداً للتوصل إلى استنتاجات قوية وسريعة.

وأشارت صحيفة «هندو» إلى أن 3 على الأقل من المشتبه فيهم الذين اعتقلتهم الشرطة من «عسكر طيبة»، وأن المهاجمين وصلوا على متن سفينة من مدينة كراتشي بباكستان.

وكانت الحكومة الباكستانية قد أدانت الهجمات، وحذرت الهند من التسرع في النتائج ذات الصلة بالمسؤولية عن الهجمات.

ومن الجدير بالذكر، أن الهند شهدت في السنوات الأخيرة موجة من الهجمات الإرهابية، وكان الكثير منها نتيجة لخلافات بين القوميين الهندوس والأقلية المسلمة، وتعد الهجمات الأخيرة الأسوأ التي تشهدها عاصمة الهند الاقتصادية. وكانت جماعة تطلق على نفسها اسم «ديكان مجاهدين» قد أعلنت، في رسالة عبر البريد الإلكتروني أرسلتها إلى وسائل الإعلام الهندية، مسؤوليتها عن الهجمات، لكن المسؤولين قالوا إنهم لم يسمعوا بهذه الجماعة من قبل. وقد عرض التلفزيون الهندي لقطات تظهر المهاجمين وهم يحملون بنادقهم الآلية وحقائب مملوءة بالذخيرة والقنابل اليدوية، وقال محللون إن المهاجمين انتشروا في المدينة بسرعة وتمكنوا من التواري عن أعين الشرطة الهندية لثلاثة أيام كاملة وهو ما يشير إلى أنهم تلقوا تدريباً في معسكرات منظمة.

ويقول روجر دبليو كريسي، مسؤول مكافحة الإرهاب السابق بالبيت الأبيض، في إدارتي بيل كلينتون وجورج بوش «المذهل في هذا الأمر هو كم التخطيط الذي تطلبه تنفيذ تلك العملية، والواضح أن تلك المجموعة تلقت بعض التدريب أو الدعم من قبل محترفين في مجال العمليات الإرهابية».

ويذهب بعض المحللين إلى أن العملية تحمل أوجه شبه بالعمليات التي تنظمها القاعدة، من حيث عدد وتزامن الهجمات التي تستهدف أجانب. فقد قال أحد الشهود إن المسلحين كانوا يبحثون عن الأميركيين والبريطانيين، كما احتجزوا رهائن في مجمع يهودي. هذا فيما شكك البعض الآخر في علاقة تنظيم أسامة بن لادن بتلك الهجمات وأوضحوا أن القاعدة تعتمد أساليب العمليات الانتحارية وليس استخدام المسلحين، إضافة إلى انه لا توجد خلايا للقاعدة في الهند. وفي تصريحه إلى الصحافيين قال ديفيد ميليباند، وزير الخارجية البريطاني، «من السابق لأوانه نسبة تلك الهجمات للقاعدة»، ولاتزال الأمور غير واضحة بشأن الأهداف الحقيقية لها، وإن الأحداث الأخيرة هي الأحدث بين سلسلة الهجمات التي ضربت الهند في العامين الماضيين»، وأضاف «الإرهاب ليس حرباً ضد الغرب وحده».

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»