اختطاف سفينة ليبيرية في خليج عدن بعد هروب 3 رجال أمن بريطانيين كانوا على متنها

قرصان لـ«الشرق الأوسط»: نحن صيادو سمك فقدنا أعمالنا فاتجهنا للقرصنة

ثلاثة من رجال أمن سفينة ترفع العلم الليبيري بعد ان تم انقاذهم عن طريق طائرة هليكوبتر عسكرية ألمانية كانوا قد قفزوا في الماء بعد تعرضهم لهجوم من قراصنة صوماليين أمس (أ.ف.ب)
TT

في واقعة تجمع بين الطرافة والمأساة وتطرح مجددا تساؤلات ملحة حول قدرة السفن المبحرة قبالة السواحل الصومالية على التصدي منفردة لقراصنة البحر المسلحين، عاود القراصنة أمس نشاطهم مجددا في اصطياد السفن ونجح خمسة منهم في السيطرة على سفينة الشحن «بيكاليا» التي ترفع علم ليبيريا في خليج عدن بعدما قفز ثلاثة بريطانيين كان يفترض أنهم مخصصون للتعامل أمنيا مع القراصنة من على متن السفينة التي تحمل مواد كيماوية، وتركوها لقدرها المحتوم.

واعتبرت منظمة «برنامج المساعدة البحرية في شرق أفريقيا» المعنية بمراقبة نشاطات القراصنة في المنطقة أن هذا الحادث يمثل «النكتة السوداء ليوم أمس»، وقالت: «في حين صمد كابتن السفينة الهندي وطاقمها الملاحي فقد فر البريطانيون الثلاثة وقفزوا إلى البحر قبل أن تنتشلهم طائرة مروحية من طراز لينكس تابعة للبحرية الألمانية وتعيدهم لاحقا إلى سفينة القيادة والتموين الفرنسية (لو فار)».

وقال الكابتن البحري الفرنسي «جان مارك لو كويلياك» على متن الفرقاطة «نيفوز» التابعة للبحرية الفرنسية إن الثلاثة قفزوا في البحر بمرأى من مروحيات عسكرية أوروبية منتشرة في المنطقة.

وسخرت المنظمة الملاحية الكينية في بيان لـ«الشرق الأوسط» من هذه الواقعة، وقالت إنها تبرهن على أن منطقة خليج عدن تحولت إلى حضانة أو رياض أطفال بحرية على مستوى العالم بالنسبة إلى من وصفتهم باللاعبين السذج والقراصنة حديثي السن ولصائدي الأموال.

وأشار البيان إلى أن «هذا الأمر يعكس أيضا وبصورة جيدة الحالة الذهنية التي بات عليها العالم في هذه المنطقة حتى الآن». وقال أحد القراصنة المتواجدين على ظهر سفينة الشحن الأوكرانية فايينا المختطفة منذ حوالي شهرين وتحمل دبابات ومعدات حربية لـ«الشرق الأوسط» إن أحوال طاقم السفينة بخير.

وقال إن القراصنة لجأوا إلى ممارسة نشاطهم الإجرامي على سواحل الصومال بعدما فقدوا أعمالهم في صيد الأسماك بسبب إصرار السفن الأجنبية على دخول المياه الإقليمية للبلاد.

وقال القرصان الذي رفض الكشف عن اسمه واكتفى فقط بالقول إنه يحمل رقم صفر، وأضاف بلغة إنجليزية ركيكة: «ليس لدينا أي عمل، نحن عاطلون ولا نعمل وفقدنا مصدر دخلنا ونريد الحصول على المال، فنخطف السفن لا مجال آخر، هذا ما نفعله الآن».

ودعا مالكي السفينة إلى سرعة الاستجابة لمطالب القراصنة، لكنه رفض في المقابل الكشف عن حجم الفدية المطلوبة.

واعتذر القرصان الذي كان يتحدث عبر هاتف موصول بالأقمار الصناعية عن الاستجابة لطلب «الشرق الأوسط» إجراء مقابلات عبر الهاتف مع طاقم السفينة أو زملائه القراصنة، كما امتنع عن تقديم أي دليل يبرهن على أن السفينة الأوكرانية مازالت بحوزة مجموعته.

وكان القراصنة قد أفرجوا مساء أول من أمس عن سفينة الشحن اليونانية وطاقمها الملاحي المكون من 26 بحارا فلبينيا جرى اختطافهم قبل شهرين قبالة الصومال، وأكدت وزارة الخارجية الفلبينية هذه المعلومات، مشيرة إلى أن البحارة في طريقهم إلى مومباسا بكينيا لتفريغ البضائع من السفينة. ولم يتضح بعد حجم الفدية التي حصل عليها القراصنة مقابل احتجاز السفينة اليونانية، علما بان أحد مساعدي سيدة أميركية تقول إنها تتوسط بين القراصنة ومالكي السفن كان قد أبلغ «الشرق الأوسط» أن القراصنة حصلوا على حوالي مليون دولار أميركي كفدية ألقتها طائرة مروحية في مدينة أيل حيث معقل القراصنة في إقليم البونت لاند(أرض اللبان) شمال شرق الصومال.

ويحتجز القراصنة مئات من البحارة الفلبينيين الذين يمثلون غالبية العاملين على متن السفن والبواخر العابرة للمياه الإقليمية الصومالية، علما بأن الفلبين توفر ثلث البحارة في العالم، حيث يعمل حوالي 350 ألف بحار في مختلف الأنشطة البحرية في كافة أنحاء العالم.

من جهة أخرى، قالت مصادر في البونت لاند لـ«الشرق الأوسط» إن الرئيس الصومالي عبد الله يوسف شارك أمس في مدينة عيل بور في حفلة تتويج عبد الله موسى شقيق الجنرال موسى عدي رئيس إقليم البونت لاند ملكا على قبيلة دارود في الاقليم.

وانتهز يوسف قيامه بزيارة مسقط رأسه لمطالبة المرشحين للانتخابات المقرر إجراؤها مطلع العام المقبل بالعمل على مصلحة الإقليم وعدم إثارة الانشقاقات في صفوف المواطنين والتحلي بالروح الرياضية في حال خسارتهم الانتخابات.

من جهة أخرى، شكك تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له، في إعلان متحدث باسم وزارة الخارجية الإثيوبية أن القوات الإثيوبية المتواجدة في الصومال منذ عام 2006 ستنسحب بحلول نهاية العام الجاري.

وقال قيادي في التحالف لـ«الشرق الأوسط» إن الإعلان الإثيوبي عن سحب القوات مجرد تكتيك سياسي، مشيرا إلى أن المقاومة الصومالية كبدت هذه القوات خسائر مادية وبشرية كبيرة. وطالب القيادي بالتحقيق فيما وصفه بجرائم الحرب وانتهاكات حقوق الإنسان التي مارستها القوات الإثيوبية ضد المدنيين الأبرياء والعزل في الصومال.

وطبقا لما أعلنه واهادي بيلاي المتحدث باسم الوزارة فان حكومته قد وجهت في الخامس من الشهر الجاري رسالتين إلى كل من بان كي مون الأمين العام للأمم المتحدة وجان بينج رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي تبلغهما بقرارها.

ويتزامن التاريخ الذي أعلنه بيلاي مع تهديد ميلس زيناوي رئيس الوزراء الإثيوبي بسحب قواته العاملة في الصومال بسبب يأسه من حسم الخلافات بين الرئيس الصومالي عبد الله يوسف ورئيس حكومته العقيد نور حسن حسين( عدي).

وتحتفظ إثيوبيا بنحو ثلاثة آلاف مقاتل في الصومال إلى جانب نحو أربعة آلاف جندي في قوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الأفريقى المكونة فقط من بوروندي وأوغندا.

ويعتقد على نطاق واسع أن جانبا من التهديد الإثيوبي بالانسحاب يستهدف الضغط على الرئيس الصومالي الذي يتهم أديس أبابا بالانحياز إلى غريمه رئيس الحكومة الانتقالية.

ومع أن يوسف أعلن أن قرار إثيوبيا يخصها وحدها لكنه اعتبر في المقابل أن سحب القوات الإثيوبية يجب أن لا يعني الإخلال بالأمن أو موازيين القوى في الصومال وهو ما فهم على أنه إشارة إلى تحفظه على سحب فوري للقوات الإثيوبية من دون توفير بديل لها.