تايلاند: المتظاهرون سيقاتلون «حتى الموت».. والحكومة تبدأ مفاوضات معهم

استمرار إقفال المطارين وآلاف السياح يغادرون من قاعدة بحرية جنوب بانكوك

مسلمون من تايلاند عالقون في مطار بانكوك الدولي كانوا متوجهين الى مكة المكرمة لأداء مناسك الحج يؤدون الصلاة على أرض المطار (أ.ب.أ)
TT

استمر الحصار الذي يفرضه المتظاهرون المعارضون للحكومة التايلاندية على مطاري بانكوك أمس، ليعزل العاصمة التايلاندية لليوم الثالث على التوالي، وأجبرت الحكومة على بدء مفاوضات مع المتظاهرين الذين أقسموا بالنضال «حتى الموت» في حال تدخل الشرطة.

وقال ضابط كبير في شرطة تايلاند أمس، إن الشرطة بدأت محادثات مع المحتجين ومن المقرر اتخاذ اجراء ضدهم اذا فشلت المفاوضات في انهاء الحصار. وأضاف اللفتنانت جنرال سوشارت موينكاو كبير مفاوضي الشرطة في المطار المغلق منذ الاربعاء الماضي للصحافيين: «نطالبهم بالسماح لاستئناف العمليات في المطار». ووعد رئيس وزراء تايلاند سومتشاي وونجساوات في كلمة أذاعها التلفزيون أمس، بان حكومته ستتخذ «اجراءات معتدلة» ضد المحتجين. وقال: «لا تنزعجوا.. المسؤولون سيستخدمون اجراءات معتدلة في التعامل معهم».

وكانت منظمات حقوق الانسان وهيئات اعلامية دعت لمراقبة وتصوير العملية. وقال وونجساوات تعليقا على المفاوضات مع المعارضين الموجودين في المطارين، ان «لا مهلة محددة للمفاوضات»، مشيرا الى ان كل الجهود ستبذل من اجل تجنب مواجهة. وقال «لا تريد الحكومة التسبب بأي عنف او ضحايا». وفيما اعلن مساعد قائد الشرطة في بانكوك بيا سورنتراكون ان المتظاهرين وافقوا على التفاوض، نفى زعيم «تحالف الشعب من اجل الديمقراطية» المعارض سوندي ليمتونغكول ذلك. وقال مساعد قائد قوة الشرطة المحلية التي تشمل تسع مقاطعات في البلاد لوكالة الصحافة الفرنسية: «سنستخدم أولا الطرق السلمية. الأولوية هي للتفاوض (مع المتظاهرين) وعدم قمعهم فورا فنحن جميعا تايلانديون».

وقال زعيم المعارضة «اتصل رئيس الوزراء بي للتفاوض. لن تكون هناك مفاوضات. اذا ارادوا التدخل ليفعلوا». واشار الى انه نصح سومشاي «بالخروج الى المنفى خلال 48 ساعة». وكان احد قادة المتظاهرين الذين يحتلون مطاري بانكوك، قال ان المعارضين سيناضلون «حتى الموت في حال قررت الشرطة تفريقهم».

وقال سومساك كوسايسوك متوجها الى انصار المعارضة في مطار دون موينغ «سنقاتل حتى الموت ولن نستسلم ونحن مستعدون» لذلك. الا ان الشرطة طلبت اثر رفض المعارضين التفاوض من المتظاهرين مغادرة مطار دون موينغ، «والا ستأخذ القوى الامنية (...) التدابير اللازمة»، بحسب ما جاء في تحذير رسمي اصدره القومندان سوشارت مويانكاو.

وفرض سومشاي مساء أول من أمس حال الطوارئ في محيط مطاري سوفارنابومي (رحلات دولية) ودون موينغ (رحلات داخلية) مانحا القوى الامنية صلاحيات واسعة لفرض النظام. وحركة الملاحة الجوية التجارية متوقفة تماما في العاصمة التايلاندية لكن السلطات سمحت الخميس لشركات طيران باستخدام قاعدة او- تاباو العسكرية (جنوب شرقي بانكوك) للرحلات الضرورية.

وأعلن رئيس الوزراء أمس أيضا اقالة قائد الشرطة الوطنية بعد يوم من اعلان حالة طوارئ في محيط المطارين المحاصرين، من دون أن يقدم سببا للقرار الذي وقعه بنقل الجنرال باتشاراوات ونجسوان الى منصب هامشي في مكتب رئيس الوزراء. الا ان الناطق باسم الحكومة ناتاووت سايكوار قال ان القرار اتخذ بالنظر الى الطريقة التي تولى فيها قائد الشرطة معالجة الوضع.

واشار البيان الرسمي الى تعيين الجنرال براتيب تانبرازيرت قائدا للشرطة.

ودفع استمرار التظاهرات برئيس الوزراء ونغساوات الى البقاء في تشيانغ ماي، في شمال البلاد، بسبب «التوتر» الحاصل مع الجيش. وقال ناطق باسم الحكومة سوبارات ناكبونام لوكالة الصحافة الفرنسية: «من اجل سلامته الخاصة سيبقى رئيس الوزراء في تشيانغ ماي مع استمرار التوتر بين الحكومة والجيش». واضاف: «لا ينوي العودة الى بانكوك في الوقت الراهن وسيبقى في تشيانغ ماي». في هذا الوقت، بدأ السياح الذي كانوا عالقين بالآلاف في بانكوك منذ احتلال المطارين بمغادرة البلد انطلاقا من قاعدة بحرية واقعة على بعد 190 كيلومترا جنوب شرقي بانكوك. وقال مسؤول في الطيران المدني التايلاندي: «امس (الخميس) اقلعت حوالي 20 رحلة. لكن غالبية الشركات لم تكن على علم ان القاعدة فتحت» امام الرحلات.

واضاف «اليوم (أمس الجمعة) ستكون هناك 40 رحلة بين ذهاب واياب انطلاقا من هذه القاعدة».

وقدرت الخسائر المترتبة على اغلاق المطار الدولي بحوالي ثلاثة مليارات دولار، بينما قدر مجلس السياحة التايلاندي الخسائر المالية اليومية في القطاع السياحي بسبعة ملايين دولار. والموسم السياحي في تايلاند بدأ منذ وقت قصير. وسومتشاي هو قريب رئيس الوزراء تاكسين شيناواترا الذي أطاحه الجيش عام 2006 بعدما حكم تايلاند اكثر من خمس سنوات. وهو يقيم الان في المنفى، لكن انصاره عادوا الى السلطة بنتيجة الانتخابات التشريعية في ديسمبر (كانون الاول) 2007 وهي الاولى منذ الانقلاب العسكري.

ويتمتع تحالف الشعب من اجل الديمقراطية بدعم كبير في الجيش وفي صفوف القضاة وفي القصر الملكي على ما تفيد الصحف. وتأسس التحالف في فبراير (شباط) 2006 وساهم كثيرا من خلال تظاهرات نظمها في بانكوك في زعزعة حكم تاكسين قبل الاطاحة به. ويتحدر شيناواترا من منطقة تشيانغ ماي حيث لايزال رئيس الوزراء السابق يتمتع بشعبية كبيرة في شمال وشمال شرقي البلاد في حين انه مكروه في الاوساط النخبوية في بانكوك. واستبعد سومتشاي ونغساوات حتى الان استقالة الحكومة «المنتخبة ديمقراطيا».