«عسكر طيبة» أنشط الجماعات الأصولية في جنوب آسيا

ارتبطت بالدفاع عن كشمير.. ومعسكراتها في مظفر أباد

TT

تعد جماعة «عسكر طيبة»، إحدى أبرز الجماعات التي تبث الرعب، حيث تشن حربًا ضد السيطرة الهندية في إقليم كشمير المتنازع عليه، كما ينظر إليها على أنها أكبر وأنشط الجماعات الإسلامية الإرهابية في جنوب آسيا.

تشكلت الجماعة عام 1991 في إقليم كونار بأفغانستان لتكون الجناح العسكري لمنظمة أصولية إسلامية من طائفة أهل الحديث في باكستان هي «مركز الدعوة والإرشاد». وأمير عسكر طيبة هو حافظ محمد سعيد، أستاذ الهندسة السابق في جامعة بنجاب، والذي يترأس حاليا جماعة الدعوة، وهي مؤسسة خيرية إسلامية، يتهمها البعض بتمويل عمليات «عسكر طيبة».

وقد شهدت بعض الاجتماعات السنوية للجماعة حضور ما يربو على 100 الف شخص، كانت تطلق خلالها الدعوات للجهاد. وكان الرئيس الباكستاني السابق برويز مشرف قد حظر جماعة «عسكر طيبة» إلى جانب أربع منظمات إسلامية أخرى في يناير (كانون الثاني) من عام 2002 مع الضغوط التي تلت هجمات 11 سبتمبر (أيلول) 2001 على الولايات المتحدة الأميركية.

وحتى ذلك الوقت كان بإمكان «عسكر طيبة»، التي تركز قتالها مع الهند في كشمير، التحرك بحرية في باكستان لجمع التبرعات وتجنيد الأفراد.

تم تسجيل أول وجود للجماعة في جامو وكشمير في عام 1993 عندما نجح 12 من المرتزقة الباكستانيين والأفغان في التسلل عبر خط المراقبة الذي يفصل بين الهند وباكستان، مع منظمة إسلامي إنكويلابي ماهاز الإسلامية العسكرية حيث نشطت في محافظة بونتش بإقليم جامو وكشمير.

وعلى عكس معظم الجماعات الكشميرية تتكون غالبية أفراد «عسكر طيبة» من غير الكشميريين، إضافة إلى أن مقرها في باكستان.

ويُقال إن حافظ محمد سعيد تم إقناعه من قبل المؤسسة الباكستانية بوقف تصريحاته التي ينتقد فيها محادثات السلام بين الهند وباكستان. بيد أنه في مقابل ذلك حصل على ضمانات بعدم اتخاذ أي إجراءات ضد جماعة الدعوة أو «عسكر طيبة» جناحها العسكري، وكذلك بعدم فرض قيود على نشاطاتها التي تتضمن جمع التبرعات وإقامة تجمعات شعبية أو تجنيد كوادر جهادية وتدريبها، ونتيجة لذلك، عاد سعيد إلى نشاطه مرة أخرى عقب عام من السكون بسبب الضغوط الرسمية.

وتشير المزاعم إلى أن شباب المجاهدين يتقاطرون من أنحاء باكستان على معسكرات «عسكر طيبة» في مظفر أباد في أزاد كشمير ـ الجزء الخاضع للسيطرة الباكستانية ـ قبل الدفع بهم إلى كشمير الهندية، على الرغم من أن ذلك يحدث على نطاق ضيق جدًا الآن.

وكانت جماعة «عسكر طيبة» قد نأت بنفسها عن التحالف مع الجماعات المسلحة الكشميرية الأخرى التي تعرف بمجلس الجهاد المتحد، مفضلة العمل بمفردها. وقد تعرضت في بادئ الأمر إلى التجاهل من جانب الجماعات الأخرى لكنها اكتسبت احترامهم باقتراحها تشكيل فرقة «مقاتلين فدائيين» وهي عبارة عن (فرقة انتحارية)، لتنفيذ هجمات انتحارية ضد القوات الهندية. وتم حظر التنظيم كجماعة إرهابية من قبل الهند وباكستان والولايات المتحدة والمملكة المتحدة وروسيا وأستراليا، وأعادت الجماعة تسمية نفسها في يناير (كانون الثاني) 2002 باسم «جماعة الدعوة» للتحايل على حظر الحكومة الباكستانية.

ولم تتجه الحكومة بعد الحظر إلى تفكيك الجماعة لكنها فرضت قيودًا على تحركات قادة الجماعة وطُلب من أعضائها تخفيف نشاطهم، وفي منتصف عام 2002 أعادت الجماعة تسمية نفسها باسم «جماعة الدعوة».

ويزعم مركز الدعوة والإرشاد أنه أعاد تنظيم نفسه إلى جناحين مستقلين: الأول يختص بالدعوة الإسلامية ويرأسه البروفيسور حافظ محمد سعيد أما الثاني فيضطلع بتنفيذ الهجمات المسلحة في كشمير تحت قيادة العالم الكشميري مولانا عبد الواحد كشميري.

ولخصت جماعة «عسكر طيبة» أجندتها في كتيبها الذي جاء تحت عنوان «لماذا نجاهد»، حيث تتضمن الأجندة استعادة الحكم الإسلامي على كل مناطق جنوب آسيا وروسيا وحتى الصين، علاوة على ذلك فإن المؤسسة مبنية على نوع من التعاليم الأصولية التي يتبناها التنظيم الأصلي (جماعة الدعوة)، كما تسعى إلى تشكيل اتحاد يضم كل الدول ذات الأغلبية المسلمة المحيطة بباكستان. وقد زعمت الجماعة أنها ساعدت مليشيات طالبان وتنظيم «القاعدة» التابع لأسامة بن لادن في نوفمبر (تشرين الثاني) وديسمبر (كانون الأول) عام 2002 في قتالهم ضد قوات التحالف المدعوم من الولايات المتحدة. وتقوم الجماعة أيضًا بجمع التبرعات من المهاجرين الباكستانيين في دول الخليج العربي والمملكة المتحدة والمنظمات غير الحكومية ورجال الأعمال الباكستانيين والكشميريين، وهم يقومون بتغطية أنشطتهم الإرهابية تحت ستار الأعمال الخيرية. وبغض النظر عن العمليات الإرهابية التي تقوم بها، تعرف الجماعة بإنشائها لمعسكرات تدريب وأعمال إغاثة إنسانية فيما يتعلق بالزلازل، وقد حظيت تلك المعسكرات بتساهل المؤسسات الاستخباراتية الباكستانية القوية بسبب فوائدها ضد الهند وأفغانستان، على الرغم من الأوامر الصادرة إليهم بعدم تصعيد عمليات الآن، وقد قالت إحدى المحاكم إن خالد بن عبد الله مشعل تامر الحميداني، وهو معتقل في غوانتانامو، قد تلقى تدريبات في معسكرات «عسكر طيبة». البروفسور سعيد يؤمن بالعائلة الكبيرة

* يعد البروفسور حافظ محمد سعيد، الذي يبلغ من العمر 61 عامًا، رئيس جماعة الدعوة في باكستان، والذي عمل أستاذًا للدراسات الإسلامية في جامعة الهندسة والتكنولوجيا في لاهور، ملك الإرهاب غير المتوج.

يدرك الرائي لهذا الرجل الضخم ذي اللحية أنه رجل مرح تعلو وجهه ابتسامة هادئة، يرتدي قبعة تركية على رأسه لا يغيرها وقميص شلوار (الزي التقليدي الباكستاني) وهو يميل إلى الشرق في الملبس والعادات وهو ودود ولين الجانب لأولئك الذين ينصتون إليه باهتمام، وربما كانت أول معرفته بمستحضرات التجميل هي الحناء التي يخضب بها لحيته الطويلة. والجماعة التي تثير الكثير من الفزع نظرًا لعمليات حرب العصابات التي تشنها في كشمير وكذلك هجماتها على رد فورت في نيودلهي في 22 ديسمبر (تشرين أول) من عام 2002، هي من بنات أفكار البروفيسور، أسسها بناء على تفسير الإسلام الجهادي. وموقع مركز إرشاد يعرض بافتخار معادلة الإرهاب. وقد راح 14.369 جنديًا هنديًا ضحية هجمات الجماعة خلال السنوات الأحدى عشرة الماضية مقابل 1.016 من أعضاء الجماعة. ويفضل البروفيسور مبدأ الاسرة الكبيرة معللاً ذلك بأن الأعداد الكبيرة من المسلمين تترجم إلى أعداد أكبر من المجاهدين ليحاربوا الكفار. وينحدر البروفيسور نفسه من عائلة مترابطة، فهو متزوج من ابنة خاله حافظ محمد عبد الله بهاولبوري وهو عالم ديني شهير، وأحد علماء جماعة أهل الحديث، لكن المثير للدهشة أن عائلته صغيرة جدًا، فلديه ابن واحد وابنة واحدة، فابنه الوحيد طلحة، الذي يبلغ من العمر 31 عامًا يعنى بالإشراف على معسكر «عسكر طيبة» في مظفر أباد.