زيارة عون المرتقبة لدمشق: الأكثرية تراها «إعادة تموضع» والمعارضة تعتبرها تمهيدا لعلاقات متوازنة

TT

شكّلت الزيارة المرتقبة لرئيس تكتّل «التغيير والاصلاح» النائب ميشال عون الى سورية موضوعا للسجال السياسي الحادّ بين فريقي الموالاة والمعارضة. ففي سلسلة اتصالات اجرتها «الشرق الاوسط» بعدد من النواب، أبدت اطراف في الموالاة استغرابها توقيت الزيارة لـ«تزامنها مع اقتراب بدء عمل المحكمة الدولية»، كما قال عضو «كتلة المستقبل» البرلمانية النائب احمد فتفت، فيما اعربت أطراف في المعارضة عن ارتياحها الواسع للزيارة التي من شأنها «استكمال ما بدأ به رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان في تطبيع العلاقات مع سورية»، كما اعتبر عضو تكتّل «التغيير والاصلاح» النائب نعمة الله ابي نصر. ورأى فيها «جرأة تلامس البطولة».

وقال أبي نصر: «بعد انسحاب القوات السورية من لبنان وبعد الزيارة الرسمية التي قام بها فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان لسورية وقد فتحت صفحة جديدة في العلاقات اللبنانية السورية، وبعدما أعلنت سورية رسميا عن اقامة علاقات دبلوماسية مع لبنان عن طريق تبادل السفراء وفتح سفارتين وبعدما تقرّر رسم الحدود بين البلدين، لا أرى أي غرابة في أن يزور العماد عون سورية وهو الذي كان رائدا في مقاومة وجودها في لبنان سياسيا وميدانيا يوم كان ينظر الى هذا الوجود قوّة احتلال ووصاية، رغم وجود بعض الملفات العالقة وتحتاج الى حلّ. وهذه الخطوات التي تحققت تشكل مطالب لبنانية قديمة قدم الاستقلال». وأضاف: «هدف الزيارة حسب ما نعلم، هو المساهمة في تأسيس علاقات طبيعية متوازنة مع سورية اي علاقات من النّد الى النّد، لذلك أرى فيها جرأة تلامس البطولة، لان بطولة السلام لا تقلّ اهمية عن بطولة الحرب».

أما فتفت، فقال: «الغريب في الزيارة توقيتها الذي يتقاطع مع اقتراب بدء عمل المحكمة الدولية والجو الانتخابي المحموم»، معتبرا ان «الزيارة تصبّ في مصلحة سورية أكثر من مصلحة الجنرال عون لانه ينفذ السياسة التي التزمها اي سياسة 8 آذار». ولفت الى انه «كان من الافضل لو بقي تبادل الزيارات مع سورية على المستوى الرسمي وضمن الاطر المؤسساتية. نحن لا نريد فتح حرب مع سورية على الاطلاق، انما ننشد التوازن في العلاقات». وردا على سؤال، قال: «الملفات العالقة مع سورية، لها طابع وطني عام. وحتى وان نجح العماد عون في إطلاق بعض المعتقلين، فهذا سيعتبر دليلا وليس انجازا الا اذا استطاع اطلاق الجميع وحل القضية بأكملها. وحينذاك سنعترف له بالانجاز».

في هذا السياق، ردّ النائب المستقلّ الدكتور بيار دكّاش فقال ان «الزيارة لن تؤثر على المحكمة الدولية. فالمحكمة لن تبرّئ مجرما ولن تجرّم بريئا». وأضاف: «نحن نؤيّد كل الزيارات التي من شأنها ان تخفف الاحتقان والخلاف اللذين يتعمقان أكثر فأكثر بين الدولتين وينعكسان سلبا على الامن والاستقرار في لبنان».

وأشار الى ان زيارة عون «كانت مخطّطة سابقا وتأتي تحت شعار حماية ما تبقى من مسيحيين في الشرق لاسيما بعد التهجير القسري الذي اصابهم في العراق. لذلك نأمل في ان تساهم هذه الزيارة في خفض الاحتقان القائم بين الدولتين والمساعدة على تطمين مسيحيي لبنان وعلى حل ملف المعتقلين في السجون السورية بعدما نوقشت الملفات الاخرى في الدوحة وسلكت طريق الحل كترسيم الحدود والتبادل الدبلوماسي».

بدوره، قال نائب «القوات اللبنانية» أنطوان زهرا: «لم يفاجئنا الاعلان عن الزيارة، لان تموضع العماد عون السياسي منذ الانتخابات النيابية (في 2005) يؤكّد انه في الخط السياسي المؤيّد لسورية في لبنان إن عبر تحالفاته او مواقفه، وبالتالي فإن هذه الزيارة لم تسجّل جديدا. اما الاستعدادات والقول ان احتفالات شعبية ستنظم وما يحكى عن تدشين كنيسة في سورية وفي حضوره، فهذه محاولة سورية لتظهيره زعيما مسيحيا مشرقيا، لكنها طبعا لن تؤثر في الرأي العام اللبناني. في اي حال، ان تموضع العماد عون لا يخوّله اعطاء براءة ذمّة للنظام السوري في كل ارتكاباته في لبنان». وأضاف: «بالنسبة إلينا ان موانع التعامل بإيجابية مطلقة مع السلطات السورية مازالت قائمة، وعلى رأسها ملف المفقودين اللبنانيين في السجون السورية، ترسيم الحدود، التعامل الجاد في ملف التبادل الدبلوماسي وان كان قد اعلن عنه. بالاضافة الى الشبهة الواضحة للتورّط السوري في الاغتيالات التي تمّت في لبنان، ونحن امام بدء عمل المحكمة الدولية في الاشهر القليلة المقبلة، والاهم هو عدم امتناع سورية عن التدخّل في الشؤون اللبنانية».

وعن توقيت الزيارة، قال «يحاول العماد عون الايحاء بأن تحالفاته الجديدة في مصلحة المسيحيين في الشرق، وهذا امر غير صحيح. لذلك اجزم بأن هدف العماد عون انتخابيا، بعد الواقع الجديد لتوجهات الرأي العام اللبناني عامة والمسيحي خاصة». واعتبر انه «اذا كانت هناك ايجابيات، فستكون لمصلحة فريق العماد عون، وليس في مصلحة لبنان، لانه قد يعوّض بعض المقاعد في مناطق النفوذ السورية. فحلّ الملفات يكون عبر المؤسسات الدستورية». اما عضو «اللقاء الديمقراطي» الذي يرأسه النائب وليد جنبلاط، النائب انطوان سعد فقال: «عودة العماد عون الى لبنان، تمّت باتفاق مع سورية التي سوّت له ملفاته في المحاكم. فهو مذاك الحين (2005) لم يهاجم سورية. السوريون دخلوا على دم كمال جنبلاط وخرجوا على دمّ الشهيد رفيق الحريري. واتفقوا معه (عون) على عدم الاتفاق مع وليد جنبلاط أو (النائب) سعد الحريري في الحلف الرباعي. ومع الاتفاق مع حزب الله، حصل تبادل شيكات انما الشيك الذي قبضه عون من دون رصيد». في الختام، دعا عضو كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب جمال الطقش الى «عدم التراشق الكلامي فوق السطوح. فما ينفع لبنان هو الهدوء والحوار والتحلّي بالعقلانية والحكمة».