جماعة «الدعوة» الوجه الآخر لـ«عسكر طيبة»

اعتداءات بومباي تسلط الأضواء على كشمير

TT

تثير الشكوك التي تلقي بثقلها على جماعة عسكر طيبة والتوتر بين الهند وباكستان بعد اعتداءات بومباي، مع مزيد مخاوف من اندلاع مواجهات جديدة في كشمير التي يتنازع حولها البلدان منذ عقود. وقد حظرت باكستان الجناح العسكري للجماعة عام 2002، لكن سرعان ما نقل قادة الحركة الاصولية انشطتها الى خارج البلاد». وجماعة عسكر طيبة هي احدى الحركات الاصولية السرية الباكستانية التي تؤكد انها تناضل ضد «الاحتلال» الهندي لكشمير وضد عمليات القمع التي تقع ضحيته برأيها الاقلية المسلمة في الهند. وتنفي الجماعة اي تورط لها في اعتداءات بومباي التي ادت الى مقتل 172 شخصا على الاقل الاسبوع المنصرم. لكن يبدو ان الاطراف تتوافق على تحميلها المسؤولية. وتعتبر جماعة «الدعوة» هي الشقيق التوأم لحركة «عسكر طيبة» وهي موجودة اليوم في الشارع الباكستاني في صورة انشطة خيرية في الشمال الغربي من البلاد، حيث اثبتت وجودها والاقتراب من البسطاء في احدث الزلزال التي ضربت باكستان عام 2005». ويعتقد كثير من المراقبين ان جماعة «الدعوة» هي القناع الخارجي لعسكر طيبة، الا ان مسؤولي جماعة الدعوة ينفون تلك المزاعم». وقتل أخيرا عدد من قادة جماعة عسكر طيبة في تفجيرات الشريط الحدودي، مما يشير الى ان الحركة الاصولية نقلت انشطتها بعيدا عن المدن الرئيسية». وكانت حكومة الرئيس الاسبق مشرف حظرت عسكر طيبة تحت ضغوط من الحكومات الغربية بسبب ارتباط الحركة الاصولية بالقاعدة، فيما يشير مراقبون الى ان حركة عسكر طيبة، وفرت حراسا شخصيين لاسامة ابن لادن». وأسس الحركة الاسلامي المتشدد حافظ محمد سعيد في 1989 بوصفها الجناح المسلح لمركز الدعوة والارشاد الاسلامي. ومقر قيادة الجماعة في موريدكي قرب مدينة لاهور شرق باكستان. وهو يقود اليوم ايضا حركة الدعوة الوجه الآخر لحركة عسكر طيبة». وقد تلقى سعيد معونات مالية كبيرة من مانحين الاستخبارات الباكستانية من اجل اطلاق تلك الحركة التي حصلت بعد ذلك على قطعة كبيرة من الارض في منطقة موريدكي لتنظيم خلايا مسلحة وتدريب عناصر مسلحين. وعندما القيت على عسكر طيبة مسؤولية الهجمات التي وقعت في ديسمبر (كانون الاول) 2001 ضد البرلمان الهندي وأدت الى مقتل عشرة اشخاص، كاد ذلك ان يوقع حربا بين باكستان والهند. وسمحت جهود دبلوماسية دولية مكثفة قادتها الولايات المتحدة بتجنب الازمة بين القوتين النوويتين. ونفت الجماعة اي ضلوع لها في هجوم البرلمان الا ان السلطات الباكستانية حظرتها رسميا في يناير (كانون الثاني) 2002. وعاد اسمها الى الظهور مرة اخرى عندما اعتقلت باكستان احد المساعدين المقربين من زعيم تنظيم القاعدة اسامة بن لادن.

واعتقل ابو زبيدة الفلسطيني في مدينة فيصل اباد في ولاية البنجاب. وقال مسؤولون في ذلك الوقت ان عناصر من عسكر طيبة كانوا يؤمنون الملجأ الآمن له. وظهرت المجموعة مرة اخرى في السابع من يوليو (تموز) 2005 عند وقوع تفجيرات لندن التي ادت الى مقتل 53 شخصا. ويعتقد ان اثنين من الانتحاريين وهما بريطانيان من اصل باكستاني، التقيا بزعماء من تنظيم القاعدة في احدى المنشآت التابعة لجماعة عسكر طيبة. اما مؤسس الحركة البروفسور حافظ سعيد، 62 عاما، الذي قاتل في افغانستان لفترة قصيرة في الثمانينات، فقد ترك المجموعة قبيل حظرها في 2002 وانشأ «جماعة الدعوة» الخيرية الاسلامية التي تعد الجناح السياسي لعسكر طيبة. ويعود تاريخ معظم الجماعات الاسلامية مثل عسكر طيبة في باكستان والتي تستهدف الهند الى ايام الحرب الباردة. ففي ذلك الوقت قامت باكستان بدعم من الولايات المتحدة والسعودية في عهد الدكتاتور ضياء الحق بتدريب عشرات الشباب في المدارس الدينية للقتال في افغانستان اثناء الاحتلال السوفياتي لها في الاعوام 1979 ـ 1989. وبعد انسحاب الجيش الاحمر، تفرقت تلك الجماعات. وارسلت باكستان العديد من هؤلاء المسلحين الى الشطر الهندي من اقليم كشمير المقسم، حسبما افاد مسؤولون عسكريون، فيما شارك آخرون في العنف الطائفي. واجبرت السطلات الباكستانية على لجم تلك المجموعات ووقف تسلل المسلحين الى الجانب الهندي من كشمير عقب هجوم عسكري هندي على الحدود وهجمات 11 سبتمبر (ايلول) 2001 ضد الولايات المتحدة. وتقول مصادر امنية ان رعاية الاستخبارات الباكستانية لعسكر طيبة تراجعت بعد هجومين انتحاريين استهدفا الرئيس السابق الجنرال برويز مشرف عام 2004، وتوقفت تماما بعد تفجيرات لندن في 2005. ووضع سعيد تحت الاقامة الجبرية مرتين في احد الاعوام تحت حكم مشرف وتم تحويل المنشأة في موريدكي الى معهد تعليمي مع ان سعيد لا يزال يواصل الدعوة الى الجهاد من منبر الدعوة. ويسود التشاؤم الان في كشمير، الاقليم الذي شكل دافعا لحربين من اصل ثلاث بين الهند وباكستان بعد الانقسام الدامي العام 1947. ولمح احد خاطفي الرهائن في بومباي ان معاملة المسلمين في كشمير هي احد دوافع الاعتداءات التي استهدفت حوالي 12 موقعا.

ويثير الوضع في كشمير التي تضم اغلبية مسلمة، حفيظة عدد كبير من مسلمي آسيا. ونددت جماعات حقوق الانسان على غرار منظمة العفو الدولية بالسلطة الواسعة التي تمنحها الهند لقواتها الامنية في المنطقة، متهمة اجهزة نيودلهي بممارسة التعذيب لسحق التمرد الاسلامي المسلح. لكن اكبر مانتو، رجل الاعمال الكشميري،41 عاما، اعتبر انه من المروع سماع تلك الاقوال عبر التلفزيون. وقال «من المؤسف جدا ان يذكر احد المهاجمين كشمير»، مضيفا «لسنا بحاجة الى مؤيدين او مناصرين مثلهم». اما المحلل السياسي الكشميري طاهر محيي الدين، فاعتبر ان اعمال العنف في بومباي قد تعرقل عملية السلام التي بدأت العام 2004 بين الهند وباكستان. وحققت العملية بعض النجاح، فانشئ خط للحافلات عبر الحدود التي تفصل كشمير الهندية والباكستانية في العام 2005، ونشطت حركة التجارة بينهما. لكن نقاط الخلاف الاساسية لم تحل. وقال محيي الدين في اشارة الى عمليات بومباي «لقد احزنت هذه الهجمات العبثية والغبية سكان كشمير ... فهم يعلمون انهم في نهاية المطاف من سيدفع الثمن في حال توقف عملية السلام». وقتل اكثر من 47 الف شخص اغلبهم من المدنيين منذ اندلاع التمرد المسلح في كشمير الهندية قبل عقدين. وتتهم نيودلهي اسلام اباد بتسليح المتمردين الاسلاميين الكشميريين وتمويلهم، الامر الذي تنفيه باكستان.