الانتقادات الإسرائيلية العلنية للهند تهدد بإلغاء صفقات سلاح ضخمة بقيمة ملياري دولار

TT

شكا عدد من المسؤولين في الصناعات الحربية الاسرائيلية من خطر إلغاء صفقات سلاح ضخمة بين اسرائيل والهند بقيمة ملياري دولار، وذلك من جراء التصريحات التي أدلى بها وزير الدفاع، ايهود باراك، وغيره من المسؤولين في تل أبيب وانتقدوا فيها اداء قوات الأمن في مومباي خلال العمليات الارهابية الأخيرة.

وقال هؤلاء انهم تلقوا ملاحظات جادة من نظرائهم في الهند حول التصريحات الاسرائيلية قالوا فيها بصراحة ان اسرائيل لم تتصرف كدولة حليفة أو صديقة خلال هذه الأزمة ووجهت انتقادات مهينة للقوات الهندية من دون أن تفحص أو تحقق أو تعرف تفاصيل ما جرى. وفعلت ذلك بغطرسة واضحة وبشكل علني، كما لو انها تتشفى من فشل القوات الهندية. وأكد هؤلاء المسؤولون ان الناطقين الاسرائيليين، وفي مقدمتهم باراك، «لم يتصرفوا بشكل مسؤول. وكان همهم الظهور كأبطال. ولم يأخذوا بالاعتبار ان كلامهم مهين وجارح للأصدقاء الهنود، المعروفين بحساسيتهم المفرطة. وبذلك يشكلون خطرا حقيقيا على العلاقات بين البلدين وعلى صفقات الأسلحة». المعروف ان الهند تعتبر أكبر مستورد للأسلحة الاسرائيلية. ففي سنة 2007 وحدها استوردت أسلحة وذخيرة وآليات عسكرية وخبرات أمنية وأجهزة رادار بما قيمته ملياري دولار، وفقا للوثائق الرسمية. وتقدر الصناعات الاسرائيلية العسكرية ان قيمة الصادرات في السنة الجارية مشابهة. وقد تم توقيع اتفاقات أولية لسنة 2009 بقيمة 1.25 مليار دولار وهناك مفاوضات حول صفقات أخرى بنفس القيمة. وحسب المسؤولين المذكورين في الصناعات العسكرية، فإن الخطر يهدد كل صفقات سنة 2009 وما بعدها.

يذكر ان باراك كان قد صرح بأن القوات الاسرائيلية ما كانت لتعالج مثل هذه الهجمات الارهابية في مومباي بالطريقة التي عالجها الهنود. وقال ان العجز الذي أبدته القوات الهندية غير مفهوم، لكنه يعزوه الى قلة الخبرة. ولكن خبراء عسكريين اسرائيليين وضباطا سابقين في الجيش الاسرائيلي، تفوهوا بقسوة أكثر، من على شاشات القنوات الاسرائيلية والغربية والعالمية على اختلافها، ومما قالوه انه من الغريب أن ينجح بضع عشرات من الارهابيين في الوصول الى ميناء مومباي والنزول الى الشاطئ وهم مدججون بالأسلحة وبكميات هائلة من القنابل والذخيرة وينتشرون في سبعة مواقع ويديرون معارك طاحنة طيلة يومين وأكثر، الى حين نجحت القوات الهندية في تصفيتهم والقاء القبض على أحدهم. وانتقد الاسرائيليون قيادة القوات الهندية على ادارة المعارك وامتناعها عن التفاوض مع خاطفي الرهائن. وحسب أحد هؤلاء الخبراء، أمير بارشالوم، فإن ادارة المفاوضات مع الخاطفين كانت ستعطي القوات الهندية متنفسا من الوقت لدراسة الوضع الميداني وسحب المبادرة من أيدي الخاطفين ومن ثم التخطيط بشكل جيد لتنفيذ هجوم مفاجئ عليهم، وفي هذه الحالة يستطيعون على الأقل تخفيف عدد الضحايا. وخرجت صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، بعنوان رئيسي على صفحتها الأولى تقتبس فيه أقوال المقدم ايساك باغوان، قائد أول قوة للشرطة وصلت الى البيت اليهودي في مومباي في بداية الهجوم، والتي اعترف فيها بالتقصير. وقال ان عمل القوات الهندية اتسم بالفوضى العارمة والبيروقراطية القاتلة «طوقت المبنى من جميع الجهات بقوات الشرطة وطلبت نجدة من القوات الخاصة، لكنها لم تصل إلا بعد ساعة. لكن القوات الخاصة لم تستطع اقتحام المبنى لأن الارهابيين أمطروها بالرصاص كالمجانين. فاستدعينا قوات الكوماندوز، لكنها لم تصل إلا بعد يومين. مشكلتنا انه لا يوجد قائد واحد يتحمل مسؤولية مثل هذه القضايا. فأنت بحاجة الى تقديم طلب لكل شيء، استدعاء قوة أو استدعاء طائرة مروحية، أو السماح للطائرة بالاقلاع من مطار ما أو الهبوط في مكان ما، كل شيء يريد طلبا. وبالطبع، فإن كل طلب يحتاج الى مصادقة. هذه البيروقراطية كانت قتالة».

الجدير ذكره ان أوساطا عديدة في اسرائيل انتقدت تصريحات باراك وغيره من المسؤولين التي اتسمت بالغطرسة. ومن الانتقادات اللاذعة، رسم كاريكاتير نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت»، أمس، ويظهر فيه رجلان، يقول أحدهما للآخر: «التباطؤ الهندي كان مصيريا»، فيجيبه الثاني: «بالمقارنة مع سرعتنا في تحرير شليط (الجندي الاسرائيلي الأسير لدى حماس في قطاع غزة، جلعاد شليط)».