أربيل للمالكي: جئتم بتوافق سياسي ولا يجوز لكم اتخاذ قرارات فردية

طالباني: رئيس الوزراء متمسك بتشكيل مجالس الإسناد.. وقد نلجأ إلى المحكمة الدستورية لحسم الأمر

TT

قالت الحكومة العراقية، أمس، إنها سترد على البيان الذي اصدرته حكومة اقليم كردستان والذي وجهت فيه انتقادات شديدة اللهجة الى رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي. وقال بيان حكومة الاقليم إن «من واجب رئيس الوزراء ومكتبه خلق جو للمصالحة الوطنية وليس هدم ما بني من المصالحة»، كما قال ان تشكيل مجالس الاسناد يؤدي الى خلق حالة من «عدم الاستقرار وتقويض الانسجام» في الاقليم.

وجاء بيان حكومة اقليم كردستان ردا على التصريحات التي أدلى بها المالكي خلال مؤتمر صحافي عقده ببغداد الشهر الماضي، الذي وجه فيه انتقادات الى حكومة الاقليم ووصف اجراءاتها بـ«غير الدستورية»، لاسيما فيما يتعلق بإبرام عقود نفطية بمعزل عن حكومة بغداد.

وقال ياسين مجيد، المستشار الاعلامي للمالكي، ان «من حق حكومة اقليم كردستان ان تأخذ وقتها للرد على ما جاء في تصريحات المالكي التي أدلى بها الشهر الماضي»، وأكد لـ«الشرق الاوسط» «وجود خلافات بين الحكومة المركزية وحكومة الاقليم ولن تحل هذه المشاكل إلا عبر الدستور»، مؤكدا ان «الحكومة سترد على بيان حكومة إقليم كردستان الصادر مؤخراً»، ورفض الكشف عن طبيعة رد المالكي. وقالت حكومة اقليم كردستان في البيان الذي نشر على موقعها الالكتروني، إن «من واجب رئيس الوزراء ومكتبه خلق جو للمصالحة الوطنية وليس هدم ما بني من المصالحة، وخلق جو لبناء المسيرة الامنية، وليس العمل على هدم ما بني، وخلق جو لبناء مسيرة التسامح، وليس ارضية للتفرقة».

وأوضح البيان أن «رسالة مجلس رئاسة الجمهورية، كانت تتعلق بما يسمى مجالس الاسناد والذي خرج الى العلن كمشروع لدولة رئيس الوزراء، الغريب ان دولة رئيس الوزراء ربط رده على رسالة مجلس الرئاسة، بالاقليم، وكأنه كان ينتظر فرصة ليصب جام غضبه على الاقليم».

وكانت تصريحات المالكي قد جاءت ضمن مؤتمر صحافي عقده الشهر الماضي للرد على رسالة من رئاسة الجمهورية والتي طالبته فيها بايضاح عملية تشكيل مجالس الاسناد العشائرية التي باشر المالكي بتشكيلها في انحاء مختلفة من العراق ومن بينها مناطق محاذية لحدود اقليم كردستان، وطالبته الرئاسة بالتريث في تشكيل تلك المجالس ريثما يصار الى وضع تشريع ينظم عملها. وأشار بيان حكومة الاقليم امس إلى ان «موقف اقليم كردستان واضح من الانفراد بتأسيس ما يسمى مجالس الاسناد، فمكتب رئيس الوزراء حاول الاتصال بالعديد من الأشخاص في إقليم كردستان والمناطق الخاضعة للمادة (140) والذين كانوا ابان عهد النظام البائد جزءاً من القوة النظامية التي كانت مرتبطة بالاجهزة الامنية والمخابراتية للنظام السابق».

وتابع البيان أن «هؤلاء الأشخاص ـ وبعضهم كانوا من رؤساء العشائر في كردستان ـ قد حملوا السلاح ضد ابناء جلدتهم، فشاركوا الاجهزة الامنية والعسكرية القمعية في عهد النظام البائد في قتل وتشريد الكرد وتدمير القرى، وبعد انتفاضة عام 1991 اصدرت قيادة الجبهة الكردستانية عفواً عاماً عنهم، مشترطة عليهم ان لا يعودوا ابداً الى صفوف الخيانة». ومضى قائلا إن «مكتب رئيس الوزراء بدأ بالاتصال حتى ببعض الخونة من الكرد ايضاً، الذين شاركوا النظام البائد في عمليات الانفال السيئة الصيت».

واعتبرت حكومة الإقليم في بيانها أن «تجديد الاتصال بالعديد من رؤساء تلك الافواج المسلحة سابقاً في كردستان والمناطق الخاضعة للمادة (140) من الدستور العراقي لتأسيس ما يسمى مجالس الاسناد بتلك الطريقة التي يسلكها مكتب السيد رئيس الوزراء، قد يؤدي الى خلق حالة من عدم الاستقرار وتقويض الانسجام في المجتمع الكردستاني، واللذان كانا مفقودين ابان النظام السابق».

وخلصت حكومة الاقليم الى ان «عهد خلق الانشقاق والخيانات في صفوف ابناء كردستان قد ولى، وإذا كانت هناك محاولات من هذا القبيل، فان تلك المحاولات تأتي من القوى المضادة للمسيرة السياسية في العراق، ولا يتوقع المرء ان تأتي تلك المحاولات من قيادة حكومة المشاركة والائتلاف في بغداد». وختمت بأنه «من الطبيعي ان تلقى تلك المحاولات الرد الشعبي قبل الرد الرسمي عليها في كردستان، لأنها تؤدي فعلاً الى خلق الفتنة. وبالتالي نتساءل هل من واجب مكتب رئيس الوزراء للدولة الاتحادية خلق الفتنة بين ابناء الشعب وتحت ستار المصالحة الوطنية؟!».

وحول التعديلات الدستورية التي طالب بها المالكي لتعزيز صلاحيات الحكومة المركزية، قال البيان إن «دولة رئيس الوزراء يحتمي بالدستور حينما يهاجم الآخرين، ويناقض الدستور ويدعو الى تغييره، حينما يقوم ببعض الممارسات التي ينفرد بتنفيذها ايضاً، وهو الذي أقسم بالحفاظ على الدستور. ولقد اتهم حكومة الاقليم، من انها قامت بأعمال مخالفة للدستور».

وأضاف البيان أن «السيد رئيس الوزراء، وهو الذي أقسم على حماية وتطبيق هذا الدستور، يرى الآن ان الدستور هو المشكلة».

وأضاف البيان أن «اتخاذ القرارات من خلال التنظيمات الحزبية ولمصلحة حزب الدعوة (بزعامة المالكي) وتأطير القرارات وكأنها قرارات الحكومة، خرق للدستور، وخرق للاتفاقيات مع الاحزاب الاخرى، والاهم هو خرق لمنهاج الحكومة الاتحادية الائتلافية».

وأضاف «نبيّن للسيد رئيس الوزراء أن من يرأس مجلس الوزراء لا يحق له اتخاذ القرارات الفردية، كما نوضح له بأنه يتولى هذا المنصب نتيجة توافق سياسي».

الى ذلك، قال الرئيس العراقي جلال طالباني في مؤتمر صحافي مقتضب عقده في مطار السليمانية الدولي مساء أمس فور وصوله قادما من بغداد، وحضرته «الشرق الاوسط» حول الموقف الكردي من رئيس الوزراء العراقي، ان «المالكي صديق لي وهو حائز على ثقة البرلمان، وهو مثل أي إنسان آخر له انجازات ايجابية وقد تكون له بعض السلبيات ولكنه يتمتع لحد الآن بثقة القوى الاساسية في العراق».

وبخصوص الرسالة التي وجهها طالباني شخصيا الى المالكي بخصوص مجالس الاسناد، قال الرئيس العراقي ان «المالكي متمسك برأيه بهذا الخصوص، ويؤكد أن تشكيل مجالس الاسناد أمر قانوني وغير مناف للدستور، لذلك قد نحتكم فيما بعد الى المحكمة الدستورية العليا في البلاد لحسم هذه القضية».