الصومال: قراصنة السفينة الأوكرانية يطالبون بالفدية نقدا

الرئيس الانتقالي إلى جيبوتي واليمن لحشد الدعم في مواجهة رئيس حكومته

السفينة التجارية ابن بطوطة التي تحمل مواد اغاثية تابعة للأمم المتحدة اثناء عبورها المحيط الهندي في طريقها إلى الصومال أمس (أ. ب)
TT

بينما اقتربت المفاوضات الخاصة بإطلاق سفينة الشحن العسكرية الأوكرانية إلى خط النهاية، زار الرئيس الصومالي عبد الله يوسف جيبوتي ومن المقرر أن يتوجه إلى اليمن في تحركات يسعى من خلالها إلى حشد الدعم الإقليمي لموقفه المناوئ لرئيس حكومته العقيد نور حسن. وفقا لمصادر صومالية وملاحية كينية توقعت أن يتم الإفراج عن السفينة وطاقمها الملاحي المكون من 24 بحارا في غضون اليومين المقبلين. وقالت مصادر صومالية على صلة بالمفاوضات لـ«لشرق الأوسط» إن القراصنة ابرموا بالفعل اتفاقا نهائيا مع مالكي السفينة عبر وسطاء يقضي بأن تغادر السفينة بشحنتها المكونة من 33 دبابة وبعض العتاد العسكري والذخيرة مكان احتجازها إلى خارج السواحل الصومالية مقابل 3 ملايين دولار أميركي.

وكشفت المصادر النقاب عن أن القراصنة طلبوا الحصول على مبلغ الفدية كاملا (نقدا)، وليس عبر تحويل بنكي خشية تعقب مصدر تلقي الأموال، كما أنهم طلبوا أن يكون المبلغ عبارة عن أوراق مالية فئة المائة دولار فقط وان تخلو من أية علامات. وأوضحت أن طلب القراصنة يعني أنهم يتخوفون من أن يكون المبلغ الذي سيحصلون عليه يتضمن علامات على أوراقه المالية يمكن لاحقا أن تؤدى إلى الكشف عنهم لدى محاولة التصرف فيها، مشيرة إلى أن القراصنة بصدد إحضار جهاز خاص بإحصاء مبلغ الفدية للتأكد من سلامته.

ومن غير الواضح كيف سيتسلم القراصنة المبلغ سواء على متن السفينة أو خارجها، فيما قالت المصادر إن عملية التسليم ستتم على متن إحدى القطع الحربية التابعة للأسطول الأميركي المحتشد قبالة السواحل الصومالية. وتزامنت هذه المعلومات مع ورود تقارير تشير إلى أن المدمرة أميركية التي كانت تراقب عن كثب السفينة الأوكرانية ابتعدت عن السفينة نحو خمسة كيلومترات، خلافا لما كان الحال عليه طيلة الأسابيع الثماني الماضية.

وقال مسؤول صومالي لـ«الشرق الأوسط» فضل عدم الكشف عن هويته إن ابتعاد المدمرة الأميركية يمثل إشارة إلى الاستجابة لمطالب القراصنة بإتاحة الفرصة لهم لمغادرة السفينة في سلام ومن دون محاولة تعقبهم أو اعتقالهم لاحقا، مشيرا إلى أن الاتفاق يتضمن تعهدات أميركية بعدم محاولة اعتقال القراصنة أو ملاحقتهم.

وأضاف: الأميركيون لا يريدون سوى ضمان مغادرة السفينة بكامل شحنتها، لا يهمهم في هذه المرحلة إلقاء القبض على القراصنة المسلحين، أنهم معنيون فقط بسلامة الشحنة لخدمة مصالحهم. وأعلن أويس علي سيد، حاكم مدينة جلكايو في إقليم بونت لاند (أرض اللبان) في شمال شرق الصومال، أن المفاوضات لإطلاق سراح السفينتين تجرى بشكل جيد، مشيرا إلى أن الأمل عاد للقراصنة للحصول على الفدية مقابل إطلاق السفينة التي اختطفت على أيدي مسلحين صوماليين في شهر سبتمبر (أيلول) الماضي.

وسعت البحرية الأميركية إلى التخفيف من حدة الانتقادات الموجهة إليها بشأن الطريقة التي أدارت بها المفاوضات مع القراصنة، حيث أعلن المتحدث باسم الأسطول الأميركي الخامس في البحرين، اللفتنانت ناثان كريستينسن، أن العديد من السفن الأمريكية ما زالت على مرأى من السفينة.

إلى ذلك وفى مهمة ذات شقين تتعلق بتنسيق المواقف لمكافحة القراصنة والحصول على الدعم الإقليمي لموقفه المناوئ لرئيس حكومته العقيد نور حسن حسين (عدي) زار الرئيس الصومالى الانتقالي، عبد الله يوسف، أمس جيبوتي في زيارة لم يعلن عنها من قبل.

وقالت مصادر صومالية وجيبوتية إن يوسف الذي يسعى للإطاحة برئيس وزرائه، يريد الحصول على دعم جيبوتي لهذه المساعي، مشيرة إلى أن يوسف وضع نظيره الجيبوتى، إسماعيل عمر جيلة، في صورة موقفه المعارض للاتفاق الأخير الذي رعته الأمم المتحدة في جيبوتي بين الحكومة الصومالية الانتقالية وجناح الشيخ شريف شيخ أحمد، المنشق على تحالف المعارضة الصومالية الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له.

ومن المقرر أن يتوجه الرئيس الصومالي لاحقا إلى اليمن في زيارة رسمية لعقد اجتماع مماثل مع الرئيس اليمنى، على عبد الله صالح، على صلة بهذه التطورات. ووصل مائة عضو من البرلمان الصومالي إلى مقره في مدينة بيداوة الجنوبية تمهيدا لاجتماع حاسم سيعقده لبرلمان للنظر في الخلافات الراهنة بين يوسف وعدي.

وقالت مصادر برلمانية إن الاجتماع المرتقب للبرلمان قد يرفض منح الثقة لرئيس الحكومة ويطالب بعزله، موجها بذلك ضربة قاصمة للجهود التي يقودها أحمد ولد عبد الله، مبعوث الأمم المتحدة الخاص بالصومال لإحلال السلام والأمن والاستقرار في البلد الذي يعانى منذ عام 1991 حربا أهلية طاحنة.

وقال دبلوماسى غربي على صلة بالصومال في العاصمة الكينية نيروبي لـ«الشرق الأوسط» إن عزل عدي يعنى إطلاق رصاصة الرحمة على جهود السلام المضنية في الصومال، مشيرا إلى أن إثيوبيا تقود اتجاها داخل منظمة دول «الإيقاد» في المقابل للمطالبة بعزل الرئيس الصومالي نفسه إذا تبنى البرلمان الموالي له الإطاحة برئيس الحكومة.