جدل وتوضيح من التيار الوطني اللبناني لتصريحات عون حول اعتذار اللبنانيين

زعيم التيار يحاضر في دمشق ويتحدث عن فتح صفحة جديدة مع سورية

رئيس تكتل التغيير والإصلاح، العماد ميشال عون، يرتدي عباءة عربية قدمت له في ختام زيارته للجامع الأموي في دمشق أمس (أ.ف.ب)
TT

تفاعلت أمس تصريحات زعيم «التيار الوطني الحر» ميشال عون في دمشق، أول من أمس، في مختلف الاوساط السياسية في بيروت، وتركزت معظم الانتقادات والملاحظات على رده لسؤال صحافي عما نسب اليه من مطالبته اللبنانيين بالاعتذار اولا ردا على سؤال عما إذا كان استقبال دمشق الحار له يعتبر بمثابة «اعتذار سوري».

وبينما واصل عون زيارته الى دمشق امس اصدر التيار الوطني الحر توضيحا لتصريحات عون حول هذه النقطة متهما وسائل اعلام الاكثرية اللبنانية بتحريف تصريحاته. وقال البيان التوضيحي الذي أصدره: «لم يجد بعض سياسيي الغالبية الوهمية، وبعض وسائل إعلامها، ما ينتقدونه في مواقف العماد ميشال عون خلال المؤتمر الصحافي الذي عقده إثر محادثاته مع الرئيس السوري بشار الاسد في دمشق أمس. فألَّفت غرفتهم السياسية الإعلامية السوداء كذبة، عممتها وسوقتها وتاجرت بها، حتى صدقتها، وفي ذهنها أن هذه الكذبة ستنطلي على الناس.

الكذبة هي تحريف واجتزاء لكلام واضح وصريح ولا يحتمل التأويل ولا ينطوي على التباس، قاله العماد عون رداً على سؤال يتعلق باعتذار سورية من لبنان. واورد المكتب الاعلامي من جانبه صيغة النص الحرفي للسؤال والجواب كالتالي:

هل في امكاننا اعتبار الاستقبال السوري الحار بمثابة اعتذار سوري، وهل حملك الرئيس الاسد اعتذاراً الى الشعب اللبناني عن المرحلة السابقة لنستطيع المضي بهذا العهد الجديد؟

ـ هل اعتذر اللبنانيون الموجودون في بيروت الذين كانوا شركاء مرحلة معينة مع من كانوا مسؤولين في حينه عن الوضع اللبناني، هل اعتذروا من اللبنانيين كلبنانيين؟ أما مازالوا مستمرين في ضربنا. الذي حصل هو تكريم وليس اعتذاراً ويجب ان يبدأ اللبنانيون في بيروت بالاعتذار أولاً لنستطيع إلزام الشام الاعتذار».

هذا الجواب خرج من الغرفة السوداء للاكثرية الوهمية المتوهمة، مجتزأ ومحرفاً، ومختصراً بعبارة: «عون يطلب من اللبنانيين الاعتذار من سورية». وهذا يعني أن ثمة سوء نية مفضوحاً لدى هذا الفريق، كان يمكن تجاوزه لو لم يستمر فيه ويتمادى، بسياسييه وإعلامه، في ترداده. والهدف منه واضح هو محاولة الإساءة الى الزيارة ومضمونها وإلى شخص العماد عون. محاولة نضعها برسم الشعب اللبناني والسلطات المعنية، سياسياً وقضائياً وإعلامياً، وبرسم الرأي العام، فلهم الحكم وخيار التصرف».

تجدر الاشارة الى ان عون ألقى امس محاضرة في جامعة دمشق أعقبها حوار مفتوح مع الطلاب، جدد فيه القول بان ما حصل في الماضي بينه وبين سورية هو «خصومة وليس عداء»، وجدد عون التاكيد على «صداقته» لسورية بعد «خصومة الأمس».

واستمر اللقاء زهاء الساعة ونصف الساعة بين عون والطلاب في مبنى كلية الهندسة المدنية، واحتشد الطلاب السوريون للقاء من اعلن «حرب التحرير» ضد بلادهم في 1989 ومد يد «الصداقة» اليها في 2008.

وقالت وكالة الصحافة الفرنسية انه على وقع التصفيق الحار دخل «الجنرال»، كما يسميه انصاره تحببا، قاعة باسل الأسد في جامعة دمشق حيث احتشد طلاب وشخصيات رسمية تقدمتهم مستشارة الرئيس بشار الاسد للشؤون السياسية والاعلامية بثينة شعبان ووزير الاعلام محسن بلال. والقى عون كلمة مكتوبة اعقبها حوار مفتوح مع الطلاب الذين جاؤوا من مختلف كليات جامعة دمشق والذين قاطعوا كلمته مرارا بالتصفيق.

وركز عون على النزاع العربي ـ الاسرائيلي وحق العودة للاجئين الفلسطينيين، في حين تنوعت اسئلة الطلاب بين الشأن الاقليمي والعلاقات اللبنانية-السورية والشأن اللبناني الداخلي. واكد ان «قوى كبرى ساهمت في تكوين الظروف الصعبة والمعقدة التي رافقتها أحداث أليمة خيمت على العلاقات في ما بيننا او كانت من مسبباتها»، مؤكدا ان هذه القوى «مازالت ضاغطة وتعمل جاهدة لايقاف مسيرة العودة الى الحالة الطبيعية الواجب ان تسود واقعنا».

وغداة اعلانه «فتح صفحة جديدة» مع سورية، اكد عون ان «فصل الماضي عن الحاضر والمستقبل ممكن، ولكن ليس بمحوه، ولا بالخوف منه ولا بالهروب الى الامام، بل من خلال مواجهته واعادة النظر فيه من قبل الجميع بذهنية الناقد الذاتي المصمم على التغيير».

وتناول دور «التفاهم» بينه وبين حزب الله الشيعي اللبناني في دعم «المقاومة» في لبنان وخصوصا خلال الحرب التي شنتها اسرائيل على لبنان صيف 2006 والتي انتهت بـ«معجزة» انتصار حزب الله، على حد تعبيره. وجدد عون القول امام الطلاب ان ما حصل في الماضي بينه وبين سورية هو «خصومة وليس عداء». بينما قالت بثينة شعبان ان اسم النائب اللبناني «ارتبط في اذهان الجماهير العربية بالصراحة والجرأة».

وحصدت عبارات كثيرة قالها عون تصفيقا واسعا، كما في اجابته على سؤال حول من ينتقدون زيارته في لبنان، ليقارن هؤلاء بـ«المقامرين الذي يلحقون الخسارة ليس لان عندهم امل بالربح بل لانها عادة عند المقامرين، يخسرون آخر قرش في جيبهم ثم ينتحرون». وقال ايضا ان «اصحاب المصلحة هويتهم دفتر الشيكات ووطنهم البنك».

وعندما توجه طالب الى العماد ميشال عون بالقول «سيادة العماد ميشال سليمان» (اسم الرئيس اللبناني) صحح له الجمهور الاسم، ولكنه عاد وأخطأ ثانية، فما كان من العماد عون الا ان قال بمزاح «سأجيب بالنيابة» (عن سليمان)، فانفجر الجمهور ضاحكا.

ولم تخل مداخلات الطلاب من بعض الاسئلة المحرجة مثل سؤال عن «الدور السعودي المصري»، فضل عون عدم الرد عليه «من على هذا المنبر».

ورحب الطلاب بالعماد عون «في بلده الثاني سورية قلعة العروبة والصمود». وأكد طلاب مسيحيون في الجامعة لـ«ضيف سورية الكبير الزعيم الوطني اللبناني» انهم «كمسيحيين نعتز بك زعيما وطنيا حرا».

وبعد الظهر قام عون بجولة في سوق الحميدية التراثي في دمشق حيث تجمع العديد من الباعة والمارة لتحيته، قبل ان يزور الجامع الاموي وقبر يوحنا المعمدان الموجود بداخله.

وعلى الاثر، البس وزير الاوقاف، محمد عبد الستار السيد، عون عباءة واهداه نسخة عن المصحف الشريف.