قيادات عسكرية إسرائيلية: تهدئة طويلة مع حماس أفضل من اتفاق سلام مع عباس

ترى أن الحركة أثبتت قدراتها.. وأن هناك دوافع لدى إسرائيل وسورية تحتم التوصل الى اتفاق سلام

TT

تسود قناعة في قيادة الجيش الإسرائيلي، بأن تهدئة طويلة الأمد مع حركة حماس، أفضل لإسرائيل على المدى القريب، من اتفاق تسوية مع الرئيس الفلسطيني، محمود عباس (أبو مازن). وقد توصلوا الى هذه القناعة لأن المطالب التي يطرحها أبو مازن للاتفاق تعتبر «متشددة» في نظرهم، مؤكدين ان ما كانت حكومة ايهود أولمرت، قد طرحته عليه، لن يطرح مرة أخرى في حكومة اسرائيلية أخرى في القريب المنظور.

ويرى المسؤولون الأمنيون الإسرائيليون ان حماس«أثبتت قدرتها على الإمساك بالأمور وفرض سلطة القانون الواحد والسيطرة على كل التنظيمات في قطاع غزة. وعلى عكس حزب الله، الذي يتنصل من مسؤوليته عن السلطة ويترك الأمور الرسمية لحكومة لبنان، تبدو "حماس" معنية بالظهور كحزب سلطة. توضح بالضبط ما الذي تريده وتبث الرسائل الواضحة لاسرائيل حول حدود سياستها».

ويقولون ان «الوضع في الضفة الغربية ما زال غامضا. فقط في الأسابيع الأخيرة بدأنا نلمس تغيرا في الأوضاع الأمنية وجدية في السيطرة على الأمور فيها. ولكن هذا تم أولا بسبب تشكيكنا الدائم في نشاط الأجهزة الأمنية التابعة للسلطة الفلسطينية العاملة تحت سلطة أبو مازن، وليس بمبادرتها. وحتى لو تمكنت السلطة الفلسطينية من السيطرة ومنعت حماس من الاستمرار في العمل المليشياتي المسلح، فإن البديل عن حماس ليس واضحا. وحركة فتح لا تبدو أنها جددت شيئا. فنحن نتابع تحضيراتها لمؤتمرها ولا نرى أي تغيير جوهري في الممارسات التي أدت الى سقوط هذه الحركة في الانتخابات الأخيرة. وعليه فأنت لا تعرف ما ينتظرك هناك».

ومع ان أبو مازن يقول بوضوح انه يريد سلاما حقيقيا مع اسرائيل على أساس دولتين للشعبين في حدود 1967 معدلة بما يتلاءم أيضا مع المطالب الإسرائيلية، وهو يصر على السلام رغم كل ما تفعله إسرائيل من ممارسات استيطانية واحتلالية، ومع ان وزيرة الخارجية الأميركية تقول ان الأوضاع السياسية الداخلية في اسرائيل وتقريب موعد الانتخابات هي السبب في عدم التوصل الى سلام بين أولمرت وأبو مازن، فإن هؤلاء القادة العسكريين في اسرائيل يعتبرون طروحات أبو مازن متشددة ويقولون انه أضاع فرصة للتوصل الى سلام مع أولمرت. ويضيفون انه «حتى لو توصل الزعيمان الى اتفاق سلام، فإنه لا يوجد ضمان لأن يستطيع أبو مازن تطبيقه. والسبب في ذلك ان السلطة الفلسطينية فقدت قطاع غزة ولم تعد تذكره وحتى اتفاق أنابوليس لم يتطرق الى قطاع غزة. ويتساءلون: «هل يمكن لاسرائيل أن تقبل تسوية من دون غزة؟».

من هنا يستنتج هؤلاء القادة، وفق معلومات تحققت منها «الشرق الأوسط»، ان اتفاق تهدئة طويلة الأمد مع حماس هو أفضل لإسرائيل من اتفاق سلام مع السلطة الفلسطينية، «على الأقل في المدى القريب.

أما على المسار السوري فإن القيادة العسكرية الاسرائيلية، التي تكثر في الأسابيع الأخيرة من الأحاديث عن ضرورة التقدم نحو السلام مع سورية، ترى ان سورية تؤدي دورا سلبيا للغاية تجاه اسرائيل في المنطقة، ولكن هذا الدور يمكن أن يتغير. فهي الدولة العربية الوحيدة التي تعتبر حليفة لايران، ولولاها لما كان لايران موطئ قدم في دول الشرق الأوسط، مع العلم ان ايران تسعى لزعزعة أنظمة الحكم العربية وغرس حركات أصولية على شاكلتها في كل دولة لخدمة أغراضها الاستراتيجية. وهي تغذي أسلحة حزب الله، حيث انها تنقل في كل أسبوع كمية كبيرة من الأسلحة بشكل مكشوف. وهي تصدر الأسلحة الى حماس في قطاع غزة بشكل مثابر وتدرب عناصرها على تفعيل هذه الأسلحة، وتفعل ذلك بالشراكة مع ايران. وهي تستضيف في دمشق قادة حماس الذين يحملون حقائب المال أمثال خالد مشعل. وتتدخل حتى الآن في لبنان وتحاول اليوم التأثير على الانتخابات اللبنانية، أكان ذلك بالاغراء (بالمال) أو بالتهديد، ومع افتتاح سفارة لها في بيروت ستكون لها قاعدة ثابتة للتأثير».

من هنا ترى تلك القيادات ضرورة تغيير سياسة سورية ونقلها الى السلام مع اسرائيل كمصلحة مشتركة لكلا الطرفين. ويؤكد الجنرالات الإسرائيليون انهم مقتنعون بأن سورية معنية بذلك، لان «وجود سورية في المحور الايراني والأصولي هو ليس بالظاهرة الطبيعية. والرئيس بشار الأسد هو ليس ذا طباع أصولية وكذلك الأمر بالنسبة للمحيطين به. بل بالعكس، فإنهم يجدون أن مصالح سورية تحتم التغيير، خصوصا في الموضوع الاقتصادي». ويرون ان «ايران لا تقدم لسورية دعما اقتصاديا ولا تستثمر في سورية أية أموال جدية. وفي سورية يوجد أكثر من مليون لاجئ عراقي، يثقلون على اقتصادها. وفي سنة 2011 ستعود سورية دولة مستوردة للنفط. أوضاعها الاقتصادية سيئة. وهي بحاجة الى الانفتاح الطبيعي على الغرب. والسلام مع اسرائيل لا يعيد اليها الجولان فحسب، بل يفتح لها الطريق نحو الغرب».

وعندما يطرح السؤال على هؤلاء القادة حول السبب الذي يجعلهم مقتنعين بأن السلام مع سورية سيؤدي الى قطع علاقاتها مع ايران وحماس وحزب الله، يقولون ان سورية ترغب في الواقع أن تأخذ كل شيء. أن تحصل على الجولان وتبقي على العلاقات مع ايران ومع حزب الله ومع حماس وتقيم سلاما مع اسرائيل وتنفتح على الغرب في آن واحد. ويؤكدون ان اسرائيل أيضا، ترغب في ان تقيم سلاما مع سورية من دون أن تعيد لها الجولان، ولكنها تدرك ان السلام يحتاج الى تنازلات واتفاقات. والاتفاق يجب أن يكون واضحا ومفصلا ويحدث تغييرا جذريا في المعادلات السياسية. ويقولون ان اسرائيل لا تطالب سورية بأن تقطع علاقاتها مع ايران، بل بالعكس. فالعلاقات قد تكون ضرورية. انما اسرائيل تريد أن يتوقف دورها السلبي ضد اسرائيل ويتوقف دعمها للإرهاب.

ويطلب القادة الاسرائيليون من سورية أن تبادر الى خطوات لبناء الثقة مع اسرائيل، حيث ان آخر استطلاعات الرأي دلت على ان الإسرائيليين المستعدين للتنازل عن القدس الشرقية أكبر من عدد الإسرائيليين الذين يتنازلون عن الجولان مقابل السلام وهذا بسبب غياب المبادرات السورية. ولكنهم أكدوا أيضا على أهمية التدخل النشط من الولايات المتحدة واعطاء ضمانات لهذا السلام. «فالولايات المتحدة لم تجر أية دراسة جدية حول سورية في السنوات الخمس الأخيرة وموقفها مبني على تقديرات الفترة السابقة. والأمل هو في أن تغير الإدارة الجديدة بقيادة براك أوباما هذا التوجه».