مرشح العراق إلى «الفاو»: نسعى إلى بروتوكول طويل الأمد لتقسيم المياه مع سورية وتركيا

الجنابي لـ«الشرق الأوسط»: اتفاق مبدئي مع المنظمة لنقل فرعها من عمان إلى بغداد

TT

يفخر الدكتور حسن الجنابي الذي صوت البرلمان العراقي مؤخرا على ترشيحه لمنصب مندوب العراق الدائم في منظمة الاغذية والزراعة الدولية التابعة للامم المتحدة، بان لاول مرة بعد عام 2003 يتم الترشيح لمنصب بعيد عن المحاصصة السياسية او الطائفية في العراق، وان اختياره جاء على اسس مهنية رصينة.

وقال الجنابي في حوار مع «الشرق الأوسط» انه بانتظار موافقة مجلس الرئاسة العراقي على مصادقة البرلمان ليتسلم مهام عمله بشكل رسمي نهاية العام الحالي في مقر المنظمة في العاصمة الايطالية روما. وبحسب الجنابي فان منصب العراق بقي شاغرا في المنظمة منذ تقاعد ممثل العراق السابق فيها قبل عام ونصف العام.

وقال الجنابي، الذي عمل كمستشار في وزارة الموارد المائية، ان «بعد استحصال موافقة مجلس الوزراء بالاجماع على الترشيح في مايو (آيار) 2008، وبما ان تمثيل العراق على هذا المستوى يعتبر درجة خاصة فكان لا بد من استحصال موافقة البرلمان»، واضاف الجنابي ان هناك مشكلات اخرى ينوي ايجاد حلول لها مثل «الديون المتراكمة على العراق للمنظمة، فالنظام السابق لم يستطع دفع الاشتراكات للمنظمة، فيجب ترتيب هذه الديون لانه لا يمكن الغاؤها، وهناك اتفاق مبدئي حول دفع هذه الديون»، كما اضاف بان هناك «اتفاقا مبدئيا ايضا على نقل مقر المنظمة المعني بانشطتها داخل العراق من عمان (العاصمة الاردنية) الى بغداد لكي تواصل العمل عن قرب مع الخبراء العراقيين وزارة الزراعة والوزارات المعنية الاخرى». وحول مشاكل العراق الزراعية، قال الجنابي ان الزراعة في العراق بدأت تتدهور منذ عام 1958 عندما صدر قانون الاصلاح الزراعي، اذ ادت نتائجه سلبية الى تفتيت الملكية الزراعية وحدوث الهجرة من الريف الى المدن وعدم امكانية الاستثمار الكبير في الزراعة، وأضاف ان مع وصول نظام حزب البعث الى السلطة تراجعت الزراعة الى المراتب الدنيا. وقال الجنابي ان «افقار المزارعين يكاد يكون مبرمجا عبر 20 او 30 سنة، فان عدم قدرة الفلاحين على الانتاج لغرض الربح، واعتمادهم على دعم الدولة في توفير البذور والاسمدة وغيرهما، تركت الفلاح العراقي يعيش ان لم يكن دون خط الفقر فهو على خط الفقر»، مضيفا ان «مع فتح الحدود، وبالتالي دخول البضائع الزراعية من دول الجوار التي هي افضل زراعيا من العراق، وانعدام اسس المنافسة، لم يعد القطاع الزراعي العراقي قادرا على منافسة المنتجات التركية والسورية والايرانية والكويتية وغيرها». وقال ان «القطاع الزراعي كان يشكل تقريبا 10 في المائة من الناتج الاجمالي للعراق، اما الان فلا يشكل سوى واحد او اثنين في المائة».

وحول مشاكل العراق المائية، قال الجنابي ان هناك خلافات «جدية» مع دول الجوار، واوضح قائلا ان دول اعالي النهر وهي تركيا وسورية بدأتا في اواسط سبعينات القرن الماضي بتطوير سلسلة من السدود والخزانات التي استحوذت على كميات كبيرة من المياه كانت عبر كل هذا التاريخ تأتي الى العراق. واضاف ان «كمية المياه الواردة الى العراق تناقصت نقصا كبيرا خصوصا من نهر الفرات، وبلغت 10-11 مليار متر مكعب سنويا مقارنة بالفترة ما قبل اقامة تلك السدود اي في عام 1975». وأكد الجنابي ان «هذه المشكلات جدية وكبرى ولا يمكن ان تعالج الا بتوفر شروط مفاوضات حقيقية وتوفر التكافئ في هذه البلدان عندما يجلسون على طاولة المفاوضات، فهناك مشكلات سياسية معروفة في العراق وقدرتنا التفاوضية قد تبدو اضعف من قدرة الجانب التركي مثلا، لكن هناك ارادة وتفهما بان تتكلل هذه المفاوضات الثنائية والعلاقات التي تعتبر طيبة باتفاق طويل الامد حول تقاسم المياه مع الدول المتشاطئة».

وشكك الجنابي في رغبة أنقرة ودمشق في وضع اتفاق دائم مع العراق لتقاسم المياه، وارجع السبب الى ان «الدول التي تقع في اعالي النهر ترفض ان تلتزم باتفاقيات، فيما ينصف القانون الدولي الدول التي تقع في اسفل النهر مثل العراق». وحول العلاقات مع الجانب الايراني، قال الجنابي ان «العلاقة شائكة بين العراق وايران فيها مصلحة كبيرة للبلدين، لكن هناك ايضا بعض الخلافات الاساسية المتعلقة بادارة المياه لان المقاربة الايرانية للمياه تشبه المقاربة التركية في الاستحواذ على اكبر قدر من المياه، ونحن نجد تأثيرات سلبية جدا للسياسة الايرانية خاصة على منطقة الاهوار». وقال الجنابي ان ايران اقامت سدا كبيرا على نهر الكرخة الذي يصب في هور الحويزة، كما اقامت سدة ترابية كبيرة في منتصف الهور بطول 80 كلم وارتفاع اربعة امتار وبالتالي قسمت هور الحويزة، الذي تمر الحدود العراقية الايرانية من خلاله، الى نصفين مما يؤثر بشكل «سلبي» على الهور وخصائصه البيئية.

وحول اتفاقية الجزائر مع ايران عام 1975 التي ابرمها النظام العراقي السابق وتضمنت بندا جعل حدود البلدين تمر في الخط العميق في منتصف شط العرب او ما يسمى بـ(خط التالوك)، قال الجنابي ان بسبب «تحويل جزء مهم من مجرى نهر الكارون الايراني بعيدا عن شط العرب، اصبح خط التالوك يتحرك باتجاه الجانب العراقي وبالتالي يضيف للحدود الايرانية مساحات اخرى كانت هي مساحات عراقية، وبسبب الحروب وانعدام الصيانة على شط العرب ادى الى حالة من التآكل وتقدم شط العرب باتجاه العمق العراقي بعيدا عن اتجاه الحدود الايرانية»، واضاف الجنابي ان هذه «الحالة غير منصفة، لكنها اتفاق دولي، غير ان على العراق ان يعمل جاهدا على التخلص من قيوده (اتفاق الجزائر)، اذ تحاول ايران ان تجعل الاتفاق هو الوحيد الذي، ضمن مداره، يتم الحديث عن شط العرب».