ضغوط إسرائيلية تحول وثيقة استراتيجية الاتحاد الأوروبي للسلام في الشرق الأوسط إلى مجرد أفكار

باريس تعتبر الوقت ملائما لرفع مستوى العلاقة مع إسرائيل

TT

أفادت مصادر المفوضية الأوروبية بأن الاجتماعات متواصلة على مستوى كبار الموظفين في بروكسل للتحضير لاجتماع وزراء الخارجية الأوروبيين الذي سينعقد في العاصمة البلجيكية يوم الاثنين المقبل وعلى جدول أعماله الوضع في الشرق الأوسط وعملية السلام والدور الأوروبي فيها.

ويجيء اجتماع الاثنين الذي سيحضر للقمة الأوروبية يومي 11 و 12 من ديسمبر( كانون الأول) الحالي على خلفية الجدل الذي أثارته وثيقة «استراتيجية عمل الاتحاد الأوروبي لتحقيق السلام في الشرق الأوسط: الطريق الى الأمام»، وكذلك تأجيل البرلمان الأوروبي الخميس التصويت على «تعزيز» العلاقات الأوروبية ـ الإسرائيلية في إطار سياسة الجوار المتوسطي احتجاجا على الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة و سياسة الاستيطان الإسرائيلية.. وقالت مصادر المفوضية في بروكسل التي اتصلت بها «الشرق الأوسط» إن الوثيقة في صيغتها الأخيرة (نشرتها «الشرق الأوسط»، في عدد الخميس 4 ديسمبر( كانون الأول) «وزعت بداية هذا الأسبوع» على الأعضاء الأوروبيين كما وزع عليهم نصان يتضمنان مسودة خلاصات اجتماع الاثنين بخصوص موضوعي السلام في الشرق الأوسط وتعزيز العلاقة مع إسرائيل.

وبحسب هذه المصادر، فإن الوثيقة تم تحضيرها بناء على طلب من وزراء الخارجية وأعدها مكتب الممثل الأعلى للسياسة الخارجية خافيير سولانا ومكتب المفوضة للشؤون الخارجية بنيتا فيريرو فالدنر بمشاركة الأعضاء الأوروبيين. وقالت الخارجية الفرنسية إن باريس بصفتها رئيسة الاتحاد حتى نهاية العام الحالي قدمت «مساهمة مهمة» لإعداد الوثيقة.

وكان من المتوقع أن يتم تبني الوثيقة في اجتماع الاثنين. غير أن المصادر الأوروبية في بروكسل وكذلك الناطق باسم الخارجية الفرنسية أريك شوفاليه، أفادا بأن الاستراتيجية الأوروبية ستبقى «مجرد وثيقة للمناقشة أو أحد اسس النقاش الذي سيجري الاثنين ولكن لن يتم تبنيها»، وفق ما قال شوفاليه. وبذلك فإنها تفتقد هذه الوثيقة لأية قيمة قانونية وتبقى مجرد أفكار ليس إلا. وتساءلت مصادر دبلوماسية في باريس عن «قيمة» التسمية التي أعطيت للوثيقة : «استراتيجية عمل..» إذا كانت ستبقى مجرد أفكار في الهواء؟ وترى هذه المصادر أن «الضغوط الإسرائيلية» التي مارستها وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني «فعلت فعلها» مما جعل الأوروبيين يتراجعون عما كانوا ينوون فعله. وسيكتفى بالإشارة الى الوثيقة في خلاصات الاجتماع. وتبرر هذه المصادر التراجع الأوروبي بأن الوزراء الأوروبيين «لا يريدون إزعاج أو حشر» وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني بمواقف يمكن أن يستغلها خصومها السياسيون وتحديدا بنيامين نتنياهو، زعيم ليكود في مرحلة ما قبل الانتخابات التي ستجرى في شهر فبراير (شباط) من العام المقبل.

وبالمقابل، رأت الخارجية الفرنسية أن الوقت «ملائم» لتعزيز الحوار السياسي بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل «لرفع مستوى التعاون» معها وفق ما تفضي اليه عملية تعزيز العلاقات التي أقر مبدأها في شهر يونيو(حزيران) الماضي بمناسبة اجتماع مجلس الشراكة الثامن. ويريد الاتحاد الأوروبي أن تدخل العلاقات الجديدة حيز التنفيذ في شهر أبريل (نيسان) من العام المقبل. وترى باريس أن تعزيز العلاقة من شأنه المساعدة على «تمرير الرسائل» الى الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني. لكن الفلسطينيين يرون أن توقيت تبني تعزيز العلاقات مع إسرائيل الذي سيتيح ضمها الى البرامج الأوروبية العلمية والبحثية والأمنية والدفاعية لا يتم في الوقت المناسب بسبب استمرار الممارسات الإسرائيلية وعدم احترام إسرائيل لالتزاماتها وفق منصوص خريطة الطريق. وترى فرنسا أن رفع مستوى العلاقات مع إسرائيل «ما زال قيد النقاش». لكن المصادر الأوروبية ترى أن موافقة الوزراء «لا تطرح مشكلة خصوصا أن المبدأ اقره الوزراء أنفسهم». بموازاة ذلك، رحبت الخارجية الفرنسية باسم الرئاسة الأوروبية بقرار الحكومة الإسرائيلية إخلاء مستوطنين إسرائيليين من منزل فلسطيني احتلوه بالقوة في الخليل ووصفته بأنه «يتوافق» مع القانون الدولي، معربة في الوقت عينه عن «قلقها البالغ» إزاء أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين. ودانت الرئاسة الأوروبية هذه الممارسات داعية إسرائيل إلى حماية المدنيين الفلسطينيين التزاما بتعهداتها في إطار اتفاقات جنيف. كذلك دعتها الى وقف الاستيطان تنفيذا لمضمون خارطة الطريق التي لا يبدو أن إسرائيل تقيم لها وزنا.