لبنان: بين سن الرشد السياسي وسن الرشد القانوني فرق ثلاث سنوات

اقتراح خفض سن الاقتراع إلى 18 عاما لم يقنع جميع الأحزاب

TT

لم يوقف اقرار قانون الانتخابات النيابية في لبنان السجال الدائر بشأن منح الذين تجاوزوا سن الثامنة عشرة حق الاقتراع. فالدستور اللبناني ينص في المادة الـ 21 منه على أن سن الحادية والعشرين شرط أساسي لكل مواطن لبناني كي يكون ناخبا فيمارس حقه في عملية انتخاب ممثليه في المجلس النيابي وفي المجالس البلدية والاختيارية. ورغم المحاولات التي تبنتها منظمات المجتمع المدني لم يتم تعديل هذه المادة.

وكانت «الهيئة الوطنية الخاصة بقانون الانتخابات النيابية» قد اقترحت قبل فترة وجيزة خفض سن الاقتراع. وجاء النص كالتالي: «لكل لبناني أكمل الثامنة عشرة من العمر سواء أكان مقيما أو غير مقيم على الأراضي اللبنانية، أن يمارس حق الاقتراع وفقا لشرعة حقوق الناخب والمرشح المكرسة في المادة 23 من الدستور ولأحكام هذا القانون». كذلك تطالب بعض الأحزاب اللبنانية بخفض سن الاقتراع ولعل أبرزها حزب الله الذي قال على لسان أمينه العام في ذكرى يوم الشهيد في 11/11/2008 «نحن نصر على مطلب خفض سن الاقتراع الى 18 سنة، من حق الشباب اللبناني الذي بلغ سن 18 عاما ان يكون شريكا حقيقيا كاملا في الانتخابات النيابية كما هو بالفعل، شريك حقيقي كامل في مختلف انشطة الحياة السياسية بل هو الخط الامامي ورأس الحربة في مواجهة العدوان وتحرير البلد...» في حين تبنى التيار الوطني الحر ايضا هذا المطلب بجدية. رئيسة قسم علم الاجتماع في جامعة القديس يوسف، كلية العلوم الإنسانية، الدكتورة رلى خوري قالت لـ«الشرق الأوسط»: «هذه المادة وواقع هذا القانون أفرزا نوعا من التناقض بين سن الرشد السياسي المحدد بـ 21 وسن الرشد القانوني المحدد بـ 18». وتضيف: «من المنطقي أن تكون سن الاقتراع 18 عاما فمن له الحق بقيادة السيارة ويكون مسؤولا عن نفسه، فيحاكم اذا ما قام بأعمال ضد القانون لا يمكن أن نحرمه من حقه السياسي وحقه باختيار ممثليه في الانتخابات. ولا يمكن منحه جزءاً من حقوقه وحرمانه من الجزء الآخر. كما أن 80 % من بلدان العالم تقريبا سن الاقتراع فيها 18 عاما. ففي ايران كان بإمكان من بلغ 15 عاما ان ينتخب، الا ان البرلمان رفع السن الى 18 عاما منذ مدة قريبة. لكن هذا القرار لم يدخل حيز التنفيذ بعد. وبالعودة الى لبنان لا أرى أن خفض سن الاقتراع قد يغير شيئا من المعادلة في الدورة المقبلة، ولكي نعرف التغيرات علينا أن نعرف التغير الديمغرافي في كل منطقة. وللأسف لا وجود لأرقام دقيقة في لبنان. من جهة أخرى، وفي المبدأ كلما انخفضت السن ازدادت الاتجاهات المتطرفة، ولكن هذه النظرية لا تنطبق على كل الأحزاب في لبنان. فحزب الله مثلا ليست لديه اية مشكلة بين سن 18 و 21، وذلك بسبب وجوده في أماكن جغرافية غالبية سكانها تقترع لمصلحة مرشحيه. وتشير الى «عدة مؤشرات تؤخذ بعين الاعتبار لمعرفة تأثير خفض سن الاقتراع ومنها المدارس التي بدأت تعمل بشكل غير مباشر للتأثير على وجهة النظر السياسية للطلاب وكذلك المؤشر الطبقي مهم جدا».

ولا ننسى أن الشباب في المجتمعات العربية عامة واللبنانية خاصة يتأثرون بآراء اهلهم، وذلك عبر الثقافة السياسية التي يعلمونها لهم منذ الصغر على قاعدة التبعية للقائد أو الزعيم. ولكن هذه الحالة لا تقف عائقا أمام تعديل المادة، فهي موجودة في معظم بلدان العالم وأكثرها ديمقراطية، أهم مؤشراتها يبقى المؤشر الاقتصادي. فالاستقلالية الاقتصادية التي تعتبر أهم مؤشر للشباب يمكن بشكل أو بآخر ان تؤثر في سلوكهم الانتخابي. فالكثير من الشباب ينطلقون من منطلق الثورة على ما هو تقليدي، ومنها الرأي السياسي المخالف لرأي الأهل، كما هو حال الطالبة رشا البالغة من العمر 19 عاما التي قالت: «أنا لو كنت أملك حق التصويت كنت أقترعت لصالح القوات اللبنانية، وذلك لأن أهلي سيقترعون للتيار الوطني الحر». كذلك فالكثير من الشباب لا يعتبرون ان خفض سن الاقتراع مهم او حاجة ملحة ذلك أنهم يعتبرون أن الثقافة السياسية تنقصهم واقتراعهم لن يؤدي الى تغيير في النتائج، كما يقول أحمد الذي لم يتجاوز العشرين.