الهنود يصبون جام غضبهم على الساسة

عبر شاشات التلفزيون والرسائل النصية والمدونات والفيس بوك

TT

في غضون معركة الأيام الثلاثة بين قوات الكوماندوز الأمنية والمسلحون العشرة الذين فرضوا حصارا على مومباي الأسبوع الماضي، اكتشف الكثير من الهنود فاعلين جدد متورطين في هذه المذبحة، ألا وهم الساسة. فقد نفس أبناء الطبقة الوسطى المدنية عن جام غضبهم، وإحباطهم من الهجمات عبر شجبهم للطبقة السياسية ككل لإخفاقها في حمايتهم. وقد تم توجيه الاستهزاءات، والانتقادات، بل والسباب للساسة في الشوارع، وعلى شاشات التلفزيون، وأعمدة الصحف، وحملات الرسائل النصية، والمدونات، فضلاً عن شبكات التعارف الاجتماعية مثل أوركوت، وفيس بوك. وبعد أسبوع من الغضب العارم، تفاقم التوتر مرة أخرى يوم الأربعاء، إذ خرج عشرات الألوف في مسيرة بشوارع مومباي مرددين الشعارات المناهضة الغاضبة مثل: «ألقوا جميع الساسة في البحر العربي»، «أوقفوا التصويت»، «نريد أن يحكمنا الجيش»! ويقول هينال بانشال، طالب بكلية التجارة في التاسعة عشر من عمره، شارك في المسيرة الاحتجاجية مع شقيقته: «لقد خيب الساسة آمالنا، إنهم يحتفظون لأنفسهم بأعلى درجة من الحماية الأمنية، بينما يلعبون بحياتنا. كما أن جل ما يهمهم التنافس في الانتخابات. إنهم يمارسون الألاعيب السياسية مع قضية خطيرة مثل الإرهاب». وبعد وصول المسلحين عبر البحر بيوم، ومهاجمتهم لمدينة مومباي، بدأت حملة للتعبير عن الغضب عبر الرسائل النصية، ونقرأ في إحدى الرسالات: «لن ننسى للحظة من قدموا عبر الزوارق، لكن يجب أن نقلق دوماً ممن جاؤوا عبر الاقتراع».وزادت تصريحات وتعليقات الساسة المتبلدة من تأجيج نار الغضب بين العامة، والتي كشفت عن عجزهم في تفهم الشعور العام السائد بين الشعب إزاء تلك الهجمات.

على سبيل المثال، في الجمعة الماضية، خرج آر. آر. باتيل، نائب رئيس حكومة ولاية ماهاراشترا ـ وعاصمتها مومباي ـ ليعلن رفضه واستيائه لفداحة هذه الهجمات المتعددة قائلاً: «عادة ما تحدث مثل هذه الحوادث المشؤومة في المدن الكبرى مثل مومباي». وبعد هذه التصريحات بثلاثة أيام، تقدم باتل باستقالته. وفي يوم الاثنين، ظهر مختار عباس ناكفي ـ الزعيم البارز في الحزب الهندوسي القومي باهاراتيا جاناتا ـ على التلفزيون الوطني ليقدم تحليلا فريدا من نوعه على موجة الاحتجاجات المبكرة التي خرجت إلى الشوارع الهندية قائلاً: «خرجت بعض النساء المتحلين بأحمر الشفاه ومساحيق التجميل، ورجال يرتدون البزات ورابطات العنق موجهين الإساءات والسباب إلى الساسة، وخرجوا إلى شوارع مومباي، وهم بذلك ينشرون السخط ضد الديمقراطية، وهذا بالضبط ما يفعله الإرهابيون في جامو، وكشمير». إلا أن تصريحات في. إس. أتشوثاناندان ـ رئيس حكومة ولاية كيرالا ـ كانت بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير، مثيرة أكبر موجة من السخط، فبعد أن رفض الوالد المكلوم على مقتل ابنه سانديب أنيكريشنان التابع لقوات الكوماندوز مقابلة السياسي لدى زيارته لمنزل أسرة القتيل يوم الاثنين لمواساتهم، قال أتشوثاناندان: «لولا أن هذا منزل سانديب، لم يكن حتى لشخص ما أن يعيره اهتمام أثناء مروره». وفي احتجاجات يوم الأربعاء، حمل أحد المشاركين في المظاهرة لافتة مكتوب عليها: «نفضل الكلاب على الساسة». وقد اعتذر أتشوثاناندان في نفس اليوم بعد أن أعلن رئيس حزبه استياؤه من تصريحه، وقال: «إنني حزين أن أسرة سانديب قد تأذت من تعليقي»، وتابع قائلاً: «لقد حرفت وسائل الإعلام، وأحزاب المعارضة تصريحاتي». وقال سانجاي نيروبام ـ الناطق باسم حزب المؤتمر الحاكم في مومباي: «إن قدر الغضب يمتلئ منذ فترة طويلة، لكن أحداث مومباي كانت بمثابة نقطة اللهب التي هشمت القدر». تجدر الإشارة إلى أن نيروبام يقضي ساعتين يوميا على صفحته في موقع فيس بوك في تناول قضية الازدراء العام للساسة. وعلى الصعيد الإعلامي، تحركت الحكومة الهندية يوم الخميس لاحتواء الغضب العارم بين جموع الشعب، ووجهت القنوات التلفزيونية للتوقف عن عرض «مشاهد دموية» من مواقع الهجمات، وبدلاً من ذلك «عرض صور تثبت أن الهند لم تهن عزيمتها».

*خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»