المتهمون الخمسة بتدبير 11 سبتمبر يريدون قطع الطريق ويعترفون بالذنب

القاضي يتمهل بقبول الاعتراف.. ومحامون يتهمون خالد شيخ بترهيب الآخرين

صحافيون يتوجهون إلى المحكمة التي عقدت جلستها الافتتاحية أول من أمس في معتقل غوانتانامو لمحاكمة خالد شيخ محمد مدبر هجمات 11 سبتمبر و4 متهمين في القضية (أ.ف.ب)
TT

أعلن القاضي الذي يرأس جلسة المحكمة العسكرية في معسكر غوانتانامو أن العقل المدبر المفترض لهجمات 11 سبتمبر خالد شيخ محمد و4 متهمين آخرين معه الذين مثلوا أمام المحكمة أمس قدموا إعلانا يعترفون فيه بالذنب بشكل كامل في التهم التي يحاكمون بها.

والأربعة هم إضافة الى خالد محمد شيخ، رمزي بن الشيبة ومصطفى احمد الهوساوي وتوفيق بن عطاش وعلي عزيز عبد الله علي المعروف أيضا باسم عامر البلوشي، وبن الشيبة والبلوشي قريبان لخالد شيخ محمد. وتلا القاضي الكولونيل ستيفن هينلي هذا الإعلان بعيد بدء جلسة تمهيدية مخصصة للتحضير لمحاكمة خالد شيخ محمد والمتهمين الأربعة، تحضرها للمرة الأولى خمس من عائلات ضحايا. وقال «المتهمون قرروا سحب كل الطعون المقدمة والقيام باعترافات». وقال المتهم الرئيسي «لا نريد تضييع الوقت».

لكن القاضي قال انه لن يقبل الاعترافات بالذنب في جلسات الاستماع التمهيدية هذا الأسبوع قبل ان يستجوب الخمسة ليتأكد من انهم يدركون جيدا عواقب الدفع بالاعتراف بالذنب.

وكان القاضي قرأ الإعلان الذي قدمه الخمسة والذي يقولون فيه «إننا نحن الخمسة وصلنا الى قرار للطلب من اللجنة العسكرية جلسة استماع للاعتراف»، وإنهم وصلوا الى هذا القرار بدون التعرض لأي ضغوط أو تهديدات وترهيب من أي جانب أو وعود من أي طرف.

وكان القاضي سأل الخمسة إذا كانوا سيقرون بالذنب فرد خالد شيخ: نعم. ولكنه أضاف انهم لا يثقون بالأميركيين، كما قال ان الاستخبارات الأميركية (سي آي إيه) عذبته.

وقد قدم المتهمون الخمسة الدفع بالذنب بتاريخ 4 نوفمبر( تشرين الثاني) لكنه لم يعلن عنه سوى امس. وقد استجوب القاضي الخمسة للتأكد من انهم موافقون على الاعتراف بالذنب، وسأل خالد شيخ محمد، فأجاب بصوت عال: نعم، لا نريد ان نضيع وقتنا بتقديم التماسات، كلكم تدفع رواتبكم الولايات المتحدة، وأنا لا أثق في أي أميركي. أما رمزي بين الشيبة المتهم بأنه حلقة الاتصال الرئيسية بانتحاريي 11 سبتمبر الذين خطفوا الطائرات، فقال «نحن الإخوة الخمسة كلنا يود تقديم اعترافه بالذنب».

وقد طلب القاضي من الادعاء ان يقدم رؤيته القانونية عما اذا كانت اللجنة (المحكمة) العسكرية عما اذا كانت الإجراءات تسمح بقبول طلبات الاعتراف بالذنب في اتهامات تصل عقوبتها الى الإعدام. وحتى لو قبل الاعتراف بالذنب فان الأنظمة تسمح بدفوعات كثيرة بما يعني ان حكم الإعدام لو صدر لن ينفذ قبل سنوات.

وقال القاضي انه قد يسمح لبعض لمتهمين بالدفاع عن أنفسهم وعلى رأسهم خالد شيخ بسحب كل دفوعات المحامين وتقديم الاعتراف بالذنب، لكنه تساءل حول اثنين مشكوك في كفاءتهما هما بن الشيبة ومصطفي الهوساوي.

وقد رفضت محامية بن الشيبية، الكوماندر سوزان لاشلير، تقديم الاعتراف بالذنب من قبل موكلها، قائلة انه قد سمح له بحضور اجتماعات مع الأربعة الآخرين لاتخاذ هذا القرار بدون مشورتها. وكانت سلطات المعسكر سمحت للخمسة في الشهور الماضية بعقد اجتماعات اتخذوا فيها قرار الاعتراف بالذنب. وقالت ان خالد شيخ محمد قام بترهيب بن الشيبية والهوساوي لسحب التوكيلات من محاميهم.

وقد اتهم بن الشيبية الذي كان مفترضا ان يكون احد انتحاريي 11 سبتمبر، ولكنه لم يستطع الحصول على تأشيرة دخول للولايات المتحدة لتدريب الانتحاريين وتحويل اموال لهم، كما اتهم الهوساوي بنفس التهمة بينما اتهم البلوشي بانه حول 120 ألف دولار لخاطفي الطائرات من اجل تدريبهم في الولايات المتحدة.

ولم يأت قرار المتهمين الخمسة كمفاجأة، إذ انهم عرقلوا التعاون مع المحامين المعينين لهم منذ اسابيع، بينما رأى محامون ان قطع الطريق بإعلان الذنب سيحدث دعاية إعلامية لهم يمكنهم من اصدار بيانات بوجهة نظرهم السياسية. كما ان التوقيت احد العوامل مع تسلم ادارة باراك اوباما البيت الأبيض حيث وعد بإغلاق معسكر غوانتانامو وهو ما يعني تحويل المتهمين الى محاكم عادية.

ولم يكن قد سمح حتى الآن لأي من اقارب ضحايا الهجمات بحضور جلسات محاكمة في غوانتانامو.

واعتمد البنتاغون نظام القرعة لاختيار خمس عائلات من اصل مائة عائلة لحضور المناقشات على ما أوضح الناطق باسم البحرية كابتن الفرقاطة جاي دي غوردن. وجلست العائلات وراء واجهة في آخر القاعة وهي معزولة عن المتهمين وهيئة الدفاع والادعاء والقضاة العسكريين.

وقالت أليس هوغلاند، أم مارك بنغهام الذي قتل في هجمات 11 سبتمبر والتي حضرت الجلسة، انها سعيدة بالإجراءات أمس وبأن المحكمة لم تأخذ بقرار المتهمين الاعتراف بالذنب. يذكر ن المتهم الرئيسي خالد شيخ محمد ولد في 24 ابريل 1965 في الكويت لعائلة اصلها من بلوشستان في باكستان، وقال انه انضم في سن الـ16 الى جماعة الإخوان المسلمين، ومن ثم انتقل عام 1983 الى الولايات المتحدة لمتابعة دروسه العليا في كارولاينا الشمالية. وبعد ثلاث سنوات حصل على اجازة في الهندسة الميكانيكية. وقد جذبته محاربة الاحتلال السوفياتي لأفغانستان فتوجه الى شمال باكستان حيث التقى، على ما جاء في تقرير اللجنة الأميركية حول اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر، عبد الرب الرسول سياف احد قادة المجاهدين الافغان الذي اصبح مرشده.

ويضيف المصدر ذاته الذي يستمد معلوماته من تقارير مفصلة لوكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، ان شيخ محمد بقي في افغانستان حتى العام ،1992 انتقل بعدها للقتال ضد الصرب في البوسنة. ومن ثم عمل في وزارة الكهرباء والماء في قطر. ومن قطر أرسل 660 دولارا الى نيويورك للمشاركة في تمويل أول اعتداء على مركز التجارة العالمي الذي خطط له قريبه رمزي يوسف الذي فجر الشاحنة الصغيرة المفخخة في الطابق السفلي لإحدى ناطحتي السحاب. ومن ثم وضع مع رمزي يوسف كذلك انطلاقا من مانيلا مخططا لتفجير 12 طائرة تجارية أميركية فوق المحيط الهادئ في ما يعرف بـ«مخطط بوينكا» الذي احبط بعدما اجتاح حريق احد مخابئهما، ما سمح للشرطة في الفلبين بضبط جهاز كومبيوتر يحتوي على هذه لمخططات.

وينص احد هذه المخططات على استخدام طائرة سياحية صغيرة مفخخة كقنبلة طائرة لإسقاطها فوق مقر «السي آي إيه».

وفي 1996 التقى اسامة بن لادن في أفغانستان وأطلعه، على ما يفيد شهود، على مخطط سيتحول الى هجمات الحادي عشر من سبتمبر 2001. وبالنسبة لشيخ محمد اختيار البرجين التوأمين في نيويورك كان امرا مفروغا منه: فيجب النجاح حيث فشل قريبه بسبب عدم استخدام قنبلة قوية.

وبعد نجاح الهجمات اقام شيخ محمد المعروف لدى أجهزة الاستخبارات الغربية بـ «كاي إس إم»، وهي الأحرف الأولى من اسمه بالأبجدية اللاتينية، في باكستان. وفي روالبندي تم رصده وأوقف خلال عملية مداهمة في الأول من مارس (آذار) 2003.

واختفى لسنوات في سجن سري تابع لـ«السي آي ايه» قبل ان ينقل في سبتمبر 2006 الى غوانتانامو. وخلال جلسة ادارية بعد ستة اشهر على ذلك أعلن وفق أجزاء المحضر الذي نشره البنتاغون، مسؤوليته الكاملة عن هجمات 11سبتمبر، فضلا عن حوالي 30 اعتداء أو مخطط اعتداء آخر. ويبدو انه قطع رأس دانيال بيرل، مراسل صحيفة «وول ستريت جورنال». ويفيد عدة خبراء في أوساط الاستخبارات الغربية انه من غير الممكن ان يكون رجلا واحدا في صلب كل هذه المخططات. ويبدو ان هذه الاعترافات تهدف الى خلط الأوراق وحماية الناشطين الآخرين الذين لا يزالون طليقين.