جماعة «عسكر طيبة» الباكستانية توفر التدريب للمتطرفين الغربيين

الشباب المتطرف في الغرب يجد من الأسهل التواصل معها عن عرب «القاعدة»

TT

قد لا تكون جماعة «عسكر طيبة» التي تقف وراء اعتداءات مومباي سوى ظل بعيد بالنسبة للأميركيين، لكن التهديد أقرب بالنسبة إليهم أكثر مما يظنون.

وقد حاولت جماعة عسكر طيبة على مدى سنوات متصلة السعي وراء تجنيد غربيين في صفوفها خاصة البريطانيين والأميركيين، لتشكيل ما يطلق عليه فريق مزرعة للمقاتلين الذين يقومون بتنفيذ عمليات لحساب «القاعدة» الحليف الأقرب بالنسبة لهم. وتتيح الجماعة الباكستانية معسكرات التدريب الخاصة بها لمتحدثي اللغة الإنجليزية لتقدم مهارات من نوع خاص لجيل من الإرهابيين المولودين في الغرب والشباب الذين يزداد عددهم يومًا بعد يوم؟

وكان البريطاني عبيد خان واحدا من هؤلاء، فعندما ألقت الشرطة البريطانية القبض عليه في مطار مانشستر الدولي لدى عودته من باكستان في عام 2006 وجدوا مجموعة من الخطب وإرشادات لعمل الأسلحة على جهاز الكومبيوتر المحمول الخاص به والتي يصفها القاضي بأنها «واحدة من أكبر وأهم العمليات التي تم كشفها» فقد كان من بين ما وجدوه خرائط ولقطات فيديو لأهداف محتملة في نيويورك واشنطن.

وكان أحد أفلام الفيديو الأخرى الذي صور في أحد مناطق المتطرفين الباكستانية، قد أظهر خان برفقة شاب مبتسم من لوس أنجليس، وهو شخصية غامضة في قضية تظهر بوضوح مدى الأهداف التي يمكن أن تصل إليها «عسكر طيبة».

وكانت المحكمة قد أصدرت حكمها على خان في أغسطس (آب) بالسجن 12 عامًا لاتهامه بحيازة معدات لاستخدامها في أعمال إرهابية وتسهيل حصول الإرهابيين على تلك التسجيلات.

وجاء في المحاكمة أنه نظرا لكون خان العضو الرئيس في المجموعة الإرهابية، فقد قام بتنظيم رحلة استكشافية إلى باكستان لشركائه من الشباب المهوسين بالكمبيوتر، والذين أيًا كانت لغتهم الأصلية فإنهم يتواصلون بلكنة إنجليزية خادعة على الإنترنت ويقومون بمحاولة تدبير أعمال إرهابية ضد بلادهم في الغرب. وقال إيفان كولمان المحقق الأميركي المستقل الذي قدم الاستشارة في فريق الادعاء في قضية خان والذي أسهم في إعداد القضية ضده: «تعد هذه المعسكرات أماكن مثالية للناطقين باللغة الإنجليزية». وأضاف «يمكن لأعضاء الجماعات المسلحة القيام باتصالاتهم دون خوف لأنهم يعلمون أن جماعة عسكر طيبة لا تخضع لرقابة الحكومة، وأن من غير المحتمل أن يثيروا الشكوك، وأنها تعد سلمًا جيدًا للوصول إلى القاعدة».

وتجذب الدعاية التي تقوم بها جماعة عسكر طيبة المعتنقين الجدد للإسلام مثل الأسترالي ديفيد هكس الذي قال أثناء محاكمته إنه تدرب في معسكرات الجماعة والتي بعثت معه بخطاب تقديم إلى القاعدة في عام 2000. وقد تحدث هيكس مع أسامة بن لادن في معسكر أفغانستان واشتكى لابن لادن من نقص أدلة استخدام الأسلحة الإرهابية باللغة الانجليزية وقام بترجمة بعض منها قبل أن يتم إلقاء القبض عليه في عام 2001.

كان هيكس قد أطلق سراحه من معتقل خليج غوانتانامو الأميركي في كوبا بعد الاعتراف بتقديم الدعم المادي للإرهابيين.

وقد خرجت رموز إرهابية أخرى من معسكرات عسكر طيبة: من بينهم زعيم المجموعة التي نفذت تفجيرات لندن التي أودت بحياة 52 شخصًا، وكذلك المجموعة التي اتهمت في 2004 بالإعداد لتفجير حافلة في لندن. وتشير أوراق القضية إلى أن خان نشأ في مجتمع باكستاني كبير من المهاجرين في مدينة برادفورد الصناعية، وعند سن الثانية عشرة شارك في المواقع الإرهابية المتطرفة، وأنه ساهم في تشكيل مجموعة عالمية تتكون من عشرات من الشباب الذين يتقابلون في المنتديات الإسلامية الراديكالية على الإنترنت، والذين تم القبض على معظمهم، والذين كان من بينهم اثنان من الطلبة الجامعيين الأميركيين في اتلانتا والذين يواجهون الآن تهمة الإرهاب ورجل في تورنتو والذي تجري محاكمته بتهمة التآمر لمهاجمة البرلمان الكندي، وكذلك خبير الحاسبات المغربي الأصل الذي أدين العام الماضي بصلته بتفجيرات لندن وكوبنهاغن وسراييفو والبوسنة والهرسك، ومتهم آخر يبلغ من العمر 15 عامًا. وقالت كارين جونز المدعية العامة المشرفة على إدارة هيئة الادعاء الملكية الخاصة بمحاربة الإرهاب في تصريح صحافي بعد النطق بالحكم في أغسطس (آب) «كان عبيد خان منسق المجموعة، كما كان يستقطب الشباب الذي يجد فيهم نزعة التطرف ويحولهم إلى جنود لخدمة قضيته، مستغلا في ذلك برنامج المحادثة عبر الإنترنت لجذبهم ثم توجيههم إلى القتال، وقد رتب انتقالهم إلى باكستان للتدريب على الأعمال الإرهابية وتحدث عن معركة عالمية». وقد قضت المجموعة التي شكلها خان ساعات طوال في بث الكراهية، فكتب خان في رسالة على الإنترنت ذكرتها المحكمة «إنك لا تعلم كم الكراهية الذي أكنه لهؤلاء الأميركيين».

بدأ خان في عام 2005 تنظيم رحلات إلى معسكرات التدريب في باكستان والتي تديرها جماعة «عسكر طيبة» وجماعة «جيش محمد» الموالية لها بالقرب من الحدود المتنازع عليها بين الهند وباكستان في كشمير، وقد كان من الأيسر بالنسبة له الاتصال بالجماعات الباكستانية بدلاً من الاتصال بمراكز «القاعدة» التي يديرها ناطقون باللغة العربية.

وأشارت الأدلة التي ذكرتها المحكمة إلى أنه على الرغم من حظر جماعة عسكر طيبة في عام 2002، إلا أن مجموعة خان كانت مقتنعة بأن السلطات الباكستانية تسامحت مع الجماعة المناوئة للوجود الهندي في كشمير وسمحت لمعسكراتها ومدارسها ومكاتبها بالعمل.

وقد كتب واحد من طلبة أتلانتا في احدى المحادثات التي أرفقت كدليل ضده في المحكمة: «أعتقد أننا يجب أن نكون مع عسكر طيبة نقاتل ضد الهندوس، ولذا يجب ألا تزعجنا الحكومة الباكستانية». وفي مايو (أيار) من عام 2005 كان بعض الرفقاء يتنازعون التوقيت والأهداف، فطلب خان المساعدة من أحد الناشطين الباكستانيين الذي لم يتم التعرف عليه في رسالة قال فيها إنني أود أن أعلم ما إذا كان بإمكانك تقديم المساعدة في تنظيم وتدريب لمجموعة من الإخوة من الخارج والذين يضمون بينهم جنسيات غير باكستانية.

* خدمة: «نيويورك تايمز»