طلاب لبنان ونقاباته قالوا كلمتهم لصالح تكتل «14 آذار» وأعطوا زعماءهم درسا في «الوحدة التي تنتج انتصارات»

«8 آذار» تصف ما يحصل بـ«الانتصار الوهمي» وتشكو المال

TT

يترقب اللبنانيون ومحيطهم والعالم من خلفهم نتائج الانتخابات النيابية المقبلة باعتبار أنها سوف تحدد هوية الأكثرية البرلمانية التي ستحكم لبنان بعد 4 أعوام حافلة بالأحداث والحوادث والتي كان عنوانها عدم اعتراف قسم من اللبنانيين بنتائج هذه الانتخابات ورفضهم التسليم بها.

وقبل أشهر من الموعد «الموعود» أجرت النقابات اللبنانية والطلاب انتخاباتهم طوال العام الحالي، فكان أن قالت صناديق الاقتراع النقابية والطلابية كلمتها لمصلحة قوى «14آذار»، وهو ما ترى فيه قوى الأكثرية دليلا على تفوق شعبيتها على شعبية قوى «8 آذار»، وتحديدا في الشارع المسيحي الذي ستكون له الكلمة الفصل في تحديد الفريق الفائز في الانتخابات المقبلة.

ويقول مسؤول النقابات في تيار «المستقبل» سمير ضومط، وهو نقيب سابق للمهندسين في لبنان، أن الوصاية السورية كانت تتمسك منذ ما بعد الطائف بأن يكون وزير العمل من بين مؤيديها لضبط وضع النقابات المهنية والحفاظ على قيادة الاتحاد العمالي العام التي لا تزال تدور في هذا الفلك الموالي لسورية، مستشهدا بعودة وزير العمل السابق طراد حمادة عن مقاطعته لأعمال الوزارة مرتين فقط خلال فترة الاستقالة إحداهما كانت لدعم الاتحاد العمالي العام ومنع إطاحة الاتحاد من قبل النقابات المنضوية تحت لوائه.

ويشدد ضومط على أنه منذ عام 2005 لم تستطع قوى «8 آذار» الفوز إلا في نقابة أطباء الأسنان بفارق 7 أصوات ونتيجة لأخطاء «14 آذار». وأوضح أن الشارع المسيحي كان يسير قبل 3 سنوات في النقابات مع عون بنسبة 65 في المائة مقابل 35 في المائة مع «14 آذار»، وفي عام 2006 تحول إلى 60 – 40 لصالح عون أما اليوم فالنسبة هي 43 لصالح «14 آذار» و40 لصالح «8 آذار» فيما النسبة الباقية لا تزال مترددة.

وفي المقابل يجزم مسؤول النقابات في التيار الوطني الحر إيلي حنا أن التيار حافظ على نسبة التمثيل المسيحي الأعلى منذ عام 2005 وحتى اليوم، مشددا على أن هذه النسبة لم تنزل تحت الـ60 في المائة في أي من الانتخابات التي أجريت ووصلت في بعض الأحيان إلى نسبة 80 في المائة. وإذ قال إنه يرفض التصنيف الطائفي وخاصة للنقابيين بين مسيحي ومسلم وشيعي وسني، أشار ردا على ما يقال من تراجع في شعبية التيار مسيحيا إلى واقع أنه في كل الانتخابات النقابية التي أجريت كانت المعارضة تفوز عندما يتساوى عدد الأصوات بين السنة والدروز من جهة والشيعة من جهة أخرى، مما يؤكد أن الغالبية المسيحية صوتت دائما مع خط «التغيير والإصلاح».

وإذ استغرب حنا «الهجمة» التي تقوم بها قوى «14 آذار» على النقابات وتسييسها العمل النقابي، تحدث عن «صرف ملايين الدولارات في هذه العمليات»، مشيرا إلى أن العديد من النقابيين المؤيدين للمعارضة لم يستطيعوا المشاركة في الانتخابات بسبب عدم قدرتهم على تسديد اشتراكاتهم في الوقت المناسب. ورأى أن ما تقوم به هذه القوى «يهدف إلى إيهام الرأي العام بتراجع شعبية العماد عون في الشارع المسيحي»، واصفا ما يحصل بأنه «انتصار وهمي». ورفض حنا ما يقال عن «الفتوى الشرعية» في الانتخابات النقابية، معتبرا أن الإحصاءات أثبتت أن أكثر النقابيين التزاما بقرار فريقهم السياسي هم السنة أولا يليهم الدروز ثم الشيعة فالمسيحيون.

ماذا عن الأرقام؟

كان عام 2008 حافلا بالانتخابات النقابية والطلابية، ففي مارس (آذار) كانت الانتخابات الأولى وكان مسرحها نقابة المهندسين. كانت هذه الانتخابات هي الأكثر حماوة في تاريخ النقابة إذ شارك فيها نحو 13 ألف ناخب من المهندسين في الشمال (1400 ناخب) وبقية لبنان الذي ينضوي تحت نقابة بيروت (12214). أسفرت الانتخابات في النقابتين عن فوز كامل للائحتي «14 آذار» فانتُخب منها نقيبان و10 أعضاء في مجلسي النقابتين بفارق وصل إلى نحو ألف صوت في بيروت، علما أن انتخابات نقابة الشمال أجريت في أبريل (نيسان).

المحطة الثانية كانت كبيرة أيضا، ففي يوليو (تموز) جرى انتخاب 4 أعضاء لمجلس النقابة و3 للمجلس التأديبي لنقابة بيروت، ففازت لائحة «14 آذار» بالكامل أيضا بعد انسحاب اللائحة المقابلة من الانتخابات. وتكرر السيناريو نفسه في نقابة أطباء الشمال فانسحبت اللائحة المنافسة وفازت لائحة «14 آذار» بكاملها (3 أعضاء). وفي انتخابات نقابة أطباء الأسنان التي جرت في 23 نوفمبر (تشرين الثاني) فازت لائحة «14 آذار» المؤلفة من 4 أعضاء بكاملها، وتكرر الأمر نفسه في انتخابات نقابة أطباء الأسنان في الشمال حيث فاز أعضاء اللائحة (3) بالكامل. وفي 11 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كانت المعركة الثانية من حيث الأهمية في نقابة المحامين في بيروت من أجل انتخاب 4 أعضاء لمجلس النقابة ففازت لائحة «14 آذار» كاملة على الرغم من فوز المرشح التابع للتيار الوطني الحر بأعلى نسبة أصوات فنجح وحيدا وسقط رفيقاه في اللائحة ما أثار موجة اتهامات خاضها الطرفان، فاستقال أحد أعضاء المجلس من أنصار عون ما أفسح في المجال أمام دخول مرشح حركة «أمل» التي يرأسها رئيس المجلس النيابي نبيه بري إلى مجلس النقابة. وبرر العونيون استقالة عضو النقابة القريب منهم بضرورة «الحفاظ على التوازن الطائفي» في المجلس بما يسمح بدخول شيعي إليه، غامزين من قناة المرشح الكتائبي (الاخير بين الفائزين) الذي لم يقدم على ذلك بناء على ما قالوا أنه عرف في النقابة، فيما لمحت «14 آذار» إلى أن العونيين «خانوا حلفاءهم» فأقدموا على التعويض.

وفي انتخابات نقابة المحامين في شمال لبنان، كانت المفاجأة خسارة «14 آذار» الكاملة، وفوز قوى «8 آذار» بمركز النقيب بالإضافة إلى عضو جديد. ويبرر النقيب ضومط هذه الخسارة بأنها حصلت بسبب الخلافات وسوء التنسيق داخل «14 آذار». وفي 13 نوفمبر أيضا أجريت انتخابات نقابة الطوبوغرافيين ففازت لائحة «14 آذار» بالكامل (12 عضوا)، وفي 23 منه فازت لائحة «14 آذار» (3 أعضاء) في انتخابات نقابة العلاج الفيزيائي. أما في نقابة خبراء المحاسبة فوقعت مشكلة قانونية حول مركز النقيب الذي كان من نصيب «14 آذار» لكن النقيب السابق رفض تسليم المركز بانتظار أن يبت القضاء النتائج، وقد فاز في هذه الانتخابات عضوان من «14 آذار» مقابل 3 أعضاء من «8 آذار»، وتقاسم الفريقان الأعضاء الفائزين في انتخابات نقابة التمريض بمعدل عضوين لكل منهما، فيما فازت قوى «14آذار» بمنصب نقيب مختبرات الأسنان بالإضافة إلى عضو أخر فيما فاز عضوان من «حزب الله» في المقابل. وكان ختام الانتخابات النقابية «مسكا» لقوى «14 آذار» التي فازت لائحتها بالكامل في انتخابات نقابة الصيادلة (4أعضاء) في الانتخابات التي جرت الأحد الماضي. ولم تكن الانتخابات الطلابية أقل حماوة من النقابية، ما دفع بالجامعة اللبنانية إلى إلغاء هذه الانتخابات، كما ألغت الجامعة اليسوعية النشاطات السياسية فيها بعد اشتباكات أوقعت جرحى بين الطلاب، فيما عمدت جامعات أخرى كالجامعة الأميركية في بيروت إلى محاولة نزع فتيل المواجهات بتوسيع الهيئات الطلابية إلى حد كبير.

في الجامعة اليسوعية جاءت النتائج متقاربة بين الفريقين مع أفضلية مقاعد لـ«التيار الوطني الحر»، أما في الجامعة اللبنانية الأميركية، بفرعيها في جبيل وبيروت، فقد فازت اللائحة المدعومة من قوى «14 آذار» بغالبية مقاعد الفرعين. أما الانتصار الكبير الذي تحقق لقوى «14 آذار» فقد كان في جامعة سيدة اللويزة التي كانت نتائجها دائما لصالح التيار العوني، والتي لم تجر الانتخابات فيها منذ العام 2005 بسبب عراك بين طلاب ينتمون إلى «القوات اللبنانية» وآخرين من «التيار الوطني الحر»، تطور إلى اشتباك مسلح. وفازت اللائحة المدعومة من قوى «14آذار» بـ 26 مقعدا مقابل أربعة للتيار. وقد اتهم النائب عون الخصوم بالتزوير، واتهم إدارة الجامعة بتعديل القانون الانتخابي لمصلحة القوات اللبنانية.

أما ختام الانتخابات الطلابية فقد كانت أيضا مسكا لقوى «14آذار» التي فازت بنحو 80 مقعدا من أصل 109 مقاعد في الجامعة الأميركية في بيروت، لكن رئيس المجلس الطالبي الذي انتخب لاحقاً ينتمي إلى «التيار الوطني الحر». وكان لافتاً استعادة العونيين السيطرة على الهيئة الطالبية في الجامعة الأنطونية ففازوا في عشر من كلياتها الإحدى عشرة، بعدما كانوا قد خسروا هذه الجامعة العام الماضي.