ملفات سياسية واقتصادية على طاولة اللجنة العليا بين مدريد والرباط

يتصدرها نزاع الصحراء وتصويت المغاربة في الانتخابات بإسبانيا

لاجئون صحراويون في مخيم للاجئين بالقرب من تندوف جنوب غربي الجزائر خلال تجمع انتخابي (إ.ب.أ)
TT

أفادت مصادر حكومية إسبانية بأن عباس الفاسي رئيس وزراء المغرب، سيجتمع بنظيره الإسباني خوصي لويس ثباطيرو، صباح الثلاثاء المقبل في قصر «لامنكلوا» مقر رئاسة الحكومة في مدريد، ليفتتحا بذلك اللقاء أشغال الدورة التاسعة للجنة العليا المشتركة.

وطبقا لذات المصادر، فإن الفاسي وثباطيرو، سيعقدان مؤتمرا صحافيا مشتركا بعد انتهاء اجتماعهما، يجيبان فيه عن أسئلة وسائل الإعلام، تعقد بعدها اللجان القطاعية الحكومية المشتركة اجتماعاتها قبل أن تعرض النتائج التي ستتوصل إليها على أنظار الجلسة العامة، حيث سيتم التوقيع على عدة اتفاقيات تتعلق على الخصوص بالتعاون الاقتصادي والمالي، ما من شأنه أن يطور وينوع المبادلات التجارية بين البلدين.

وفي مجال التعاون العلمي والتقني والثقافي، ينتظر الإعلان عن إحداث لجنة مشتركة لتطوير الطاقات المتجددة، على اعتبار أن البلدين لا يتوفران على ثروة نفطية ما يدعوهما إلى تنسيق جهودهما في هذا الميدان.

وفي الشق السياسي، يناقش الطرفان، تطورات ملف نزاع الصحراء، على ضوء الجمود الذي يعرفه الملف حاليا، بسبب تباعد وجهات نظر طرفي النزاع التي عطلت الإعلان عن تعيين ممثل شخصي جديد للأمين العام الأممي، خلفا للدبلوماسي الهولندي بيتر فان فالسوم، الذي استقال من منصبه بعد استنفاد المحاولات. ولا يتوقع الإعلان عن جديد بخصوص الملف الصحراوي، إذ يسود الاعتقاد أن العاصمتين ستتريثان إلى حين انجلاء الغيوم الدولية، بعد استلام الرئيس الأميركي المنتخب، باراك أوباما، مقاليد السلطة في البيت الأبيض، لمعرفة توجهاته وأسبقياته في مجال السياسة الخارجية.

ويؤكد المغرب وإسبانيا استمرار التعاون بينهما في مجال الهجرة السرية التي عادت لتلقي بثقلها على الرباط ومدريد، وخاصة في غضون الأسابيع القليلة الماضية، حيث تكررت محاولات المهاجرين الأفارقة غير الشرعيين الدخول بقوة إلى مدينة مليلية المحتلة، متسللين من التراب المغربي الذي يدخلونه عبر حدود المغرب الشرقية الشاسعة مع الجزائر، ساعدهم على ذلك سوء الأحوال الجوية، مع الإشارة إلى أن الحكومة الإسبانية في مدريد، طالما أشادت وأثنت على تعاون الرباط في هذا المجال، ولا يأتي انتقاد هذه الأخيرة إلا من حكومتي مدينتي سبتة ومليلية، اللتين تريدان أن يتحول المغرب إلى دركي يحمي المحتلين لجزء من ترابه الوطني.

إلى ذلك، تسعى الحكومة الإسبانية إلى التوصل إلى تفاهم أو اتفاق مع المغرب، بخصوص السماح للرعايا المغاربة المقيمين في إسبانيا بصفة قانونية، بممارسة حقهم في التصويت في الانتخابات البلدية التي ستجري بإسبانيا مثل المغرب العام المقبل.

وكانت مدريد قد اشترطت أن يعامل مواطنوها المقيمون في المغرب بالمثل، رغم اعترافها بالصعوبات التقنية التي يمكن أن تعرقل تحقيق هذا المطمح الذي يبدو كذلك أن المغرب ليس مستعدا له وتطبيقه في الظروف الحالية، مع التذكير أن حجم الجالية الإسبانية المقيمة في المغرب، ضعيف إذا ما قورن بعدد المغاربة الذين يعيشون فوق تراب جارة بلادهم الشمالية.

وعلى الرغم من أن وتيرة الاتصالات الحكومية بين الرباط ومدريد، لم تعد بنفس الوتيرة التي كانت عليها خلال السنوات الأولى التي أعقبت عودة الاشتراكيين إلى السلطة في مدريد، فإن المسؤولين الإسبان، يشددون على القول بأن التفاهم والانسجام في المواقف قائم بين البلدين، وذلك ما سبق أن أكدته ماريا تيريسا دي لافيغا، نائبة رئيس الحكومة الإسبانية، في تصريح رسمي أدلت به خلال زيارتها للمغرب يوم التاسع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، على رأس وفد مهم من رجال الأعمال والمستثمرين الإسبان، لكن لوحظ في ذات الزيارة أن المسؤولة الإسبانية ذات التأثير القوي في الحكومة، لم تستقبل من طرف العاهل المغربي الملك محمد السادس، مما جعل المراقبين يميلون إلى الاعتقاد أن مسؤولي البلدين ربما يجاملون بعضهم البعض ويتجنبون الإفصاح عن حقيقة المشاكل التي تباعد في العمق بينهما، لكنهما مع ذلك مضطران إلى الوئام وترك المشاكل الخلافية جانبا للزمن ليطبق عليها قوانينه، ليتفرغا ويكتلا الجهود لمواجهة تحديات الإرهاب وآفة تجارة المخدرات.

وفي هذا السياق، يلاحظ أن المغرب شرع منذ مدة في توثيق علاقاته مع الحكومات المستقلة في إسبانيا، بداية مع إقليمي كاتالونيا والأندلس من دون أن يشكل ذلك أي إزعاج أو إحراج للسلطة المركزية أو يمثل تعاون المغرب مع المناطق الإسبانية المسيرة ذاتيا، خروجا على الاتفاقات المبرمة بين الرباط ومدريد.

وتجدر الإشارة في هذا الصدد الى أن رئيس باولينو ريفيرو، حكومة الأرخبيل الكناري الذي حل بالمغرب أول من أمس، أعلن أن الإقليم سيصبح له مندوب حكومي في المغرب، وسيكون مقره في مدينة أكادير، عاصمة جهة سوس ماسة درعة التي توجد بها فقط 56 شركة كنارية. وسيتولى المندوب الكناري الإشراف على تنسيق التعاون مع المغرب في شتى المجالات وخاصة السياحية والاقتصادية، من دون أن يتعارض نشاطه مع الدور التقليدي الموكول للسفارة الإسبانية في الرباط كما لن يتعارض عمله مع القوانين الأوروبية، حيث سمحت بروكسل للأرخبيل بممارسة سياسات تعاون مستقلة مع الدول الأفريقية المجاورة.