تونس: السجن 10 سنوات لقادة «التمرد المسلح.. والشغب» في قفصة

زين العابدين يتعهد بمزيد من الدعم لحقوق الإنسان

TT

اصدرت محكمة ابتدائية في مدينة قفصة (350 كلم جنوب غرب العاصمة) احكاما بالسجن لمدة عشر سنوات مع النفاذ، بحق ستة من قادة حركة الاحتجاج الاجتماعي في منطقة الحوض المنجمي بقفصة، وهي «التمرد المسلح.. والشغب»، الذي نتج اثر مظاهرات نادرة جرت هذا العام بالمنطقة، احتجاجا على غلاء المعيشة وتردي الاوضاع الاجتماعية. فيما قال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، ان الطريق مفتوح امام بلاده لمزيد من التقدم في مجال حقوق الانسان، متعهدا بمزيد من دعم المسار الديمقراطي خلال الفترة المقبلة التي ستشهد انتخابات رئاسية وبرلمانية.

واصدرت هذه المحكمة الحكم ليل الخميس الجمعة، بعد جلسة ثانية في محاكمة 38 تونسيا، بينهم عدنان الحاجي، المتحدث باسم حركة الاحتجاج الاجتماعي، كانوا اعتقلوا اثر اضطرابات استدعت تدخل الجيش بعد مقتل متظاهر بالرصاص في السادس من يونيو (حزيران) بمدينة الرديف، ابرز معاقل التحرك الاحتجاجي، الذي استمر لعدة اشهر على خلفية البطالة والغلاء والفساد والمحسوبية. وقال مصدر قضائي ومحامون، ان المحكمة قضت بسجن 25 شخصا لفترات تتراوح بين أربعة وعشرة أعوام، بعد ادانتهم بتهم «التمرد المسلح.. والشغب».

وبموجب الحكم الذي اعلنه مصدر قضائي في تونس، فان المحكمة «قررت اطلاق سراح خمسة معتقلين وإدانة الاخرين باحكام تتراوح بين عقوبة السجن لمدة عامين مع وقف التنفيذ، والسجن عشر سنوات مع النفاذ». واوضح المصدر ان المعتقلين حوكموا بتهمة «الانتماء الى عصابة والمشاركة في اتفاق اجرامي بهدف التحضير او ارتكاب اعتداء على الاشخاص او الممتلكات، والتمرد المسلح، وافعال اخرى من شأنها تعكير صفو النظام العام».

وكانت هذه المحاكمة قد انطلقت في الرابع من ديسمبر (كانون الاول) امام المحكمة الابتدائية بقفصة، التي مكنت ثمانية من المتهمين من السراح المؤقت قبل ان توقف جلستها في اليوم ذاته. وحضر المحاكمة التي خصصت لتقديم الطلبات الاولية للدفاع، وبينها بالخصوص الاستماع الى شهود واجراء فحوص طبية للمعتقلين، عشرات المحامين والمراقبين، بينهم محاميان وناشطان نقابيان من فرنسا، على ما ذكر المحامي شكري بلعيد لوكالة فرانس برس.

واندلعت هذه الحركة الاحتجاجية في يناير (كانون الثاني) 2008 اثر التلاعب بمناظرة توظيف في شركة فوسفات قفصة، اكبر موفر لفرص العمل في المنطقة، التي تعاني من ارتفاع نسبة البطالة. واخذ القرار الاتهامي على المتهمين «تزعم تظاهرات ادت الى الاخلال بالنظام العام، تم خلالها رمي حجارة وزجاجات حارقة على قوات الأمن». كما تم توجيه تهمة «التحضير لهجمات»، ضد مبان عامة وخاصة، واعداد «خطة تحرك تدعو الى العصيان المدني والتمرد»، للمتهمين، بحسب المصدر ذاته.

وقال الرئيس التونسي زين العابدين بن علي، في خطاب ألقاه امس بمناسبة الاحتفال بالذكرى السنوية الستين لصدور الاعلان العالمي لحقوق الانسان «عازمون على مزيد من الارتقاء بهذا البناء الى الافضل، وواعون بما يتطلبه من مقومات لتأمين مساره ووقايته من مخاطر الانتكاس او التراجع». وأوضح بن علي، الذي تواجه بلاده انتقادات من حقوقيين ومعارضين بانها تنتهك حقوق الانسان، ان الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المقبلة، «فرصة متجددة لتعميق تلك المقومات ومزيد من ترسيخ تلك الثقافة المطلوبة وسلوكياتها». وستجري خلال شهر اكتوبر (تشرين الاول) عام 2009 انتخابات رئاسية ينتظر ان يشارك فيها ما لا يقل عن ثلاثة معارضين، اضافة للرئيس بن علي. وتطالب احزاب المعارضة بمنحها فرصا حقيقية للمنافسة وعدم احتكار كل المنابر لصالح الحزب الحاكم.

وقال الرئيس التونسي، في ما يبدو انه رد على منتقدي سجل بلاده في مجال حقوق الانسان «ان قيم حقوق الانسان ومبادئها ارفع من ان تكون مطية لخدمة من أن يزج بها في تحقيق الاغراض السياسية ومصالح معينة وهي أنبل وأكبر من أن ينصب فيها طرف نفسه مانحا للدروس». ومضى يقول «نحن نعتبر ان الطريق مفتوح أمام بلادنا لمزيد التقدم على هذا المنهج، الذي استغرق لدى بعض الشعوب التي سبقتنا فترات طويلة امتدت على عشرات السنين».