البحرية الهندية تعتقل 23 قرصانا صوماليا ويمنيا في خليج عدن

البرلمان الصومالي يجتمع اليوم في بيداوة .. وتركيا ترفض قيادة قوة دولية

TT

أعلنت البحرية الهندية أنها اعتقلت 23 من القراصنة الصوماليين واليمنيين، الذين هاجموا أمس سفينة تجارية في خليج عدن.

وقالت البحرية الهندية في بيان نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، ان قطعة حربية هندية، ارسلت قواتها الخاصة في مروحية الى سفينة «ام في غايب» التي ترفع العلم الاثيوبي، بعدما تلقت نداء مساعدة مفاده بأن السفينة تتعرض لإطلاق نار من جانب مركبين.

وحاول القراصنة الفرار لدى مشاهدتهم القطعة الحربية، ولكن تمت ملاحقتهم، واستسلموا للقوات الخاصة حين صعدوا على متن المركبين. وأوضحت البحرية ان «23 شخصا استسلموا» هم 12 صوماليا و11 يمنيا. وأضافت انه سيتم تسليم القراصنة واسلحتهم ومعداتهم للسلطات المعنية، لافتة الى ان سفينتها الحربية ستعاود تسيير دوريات في خليج عدن.

وفي الشهر الفائت، اعلنت البحرية الهندية، انها اغرقت مركبا للقراصنة قبالة الصومال، وذلك ردا على هجوم تعرضت له الفرقاطة «اي.ان.اس تابات» قبالة سواحل هذا البلد. لكن المكتب البحري الدولي افاد لاحقا، بأن المركب المدمر تايلندي وكان قراصنة احتجزوه قبالة اليمن.

وهاجم القراصنة الصوماليون اكثر من مائة سفينة في خليج عدن والمحيط الهندي منذ بداية العام. ولا يزالون يحتجزون 15 سفينة على الاقل و300 شخص من افراد طواقمها. الى ذلك، وصف مصدر ملاحي كيني، عزوف القراصنة الصوماليين الذين يحتجزون منذ نحو شهر حتى الآن، ناقلة النفط السعودية الضخمة «سيريوس ستار» قبالة السواحل الصومالية، عن الحديث إلى مختلف وسائل الإعلام الدولية بأنه تكتيك جديد يتبعه القراصنة للضغط على الشركة المالكة للناقلة، لكنه أكد في المقابل أن ذلك لا يعنى أن شيئا ما خطأ يقع على متن الناقلة. وقال أندور موانجورا المسؤول في برنامج المساعدة الكيني على سواحل شرق أفريقيا لـ«الشرق الأوسط» في تصريحات عبر الهاتف من العاصمة الكينية «نيروبي»، إن صمت القراصنة لا يشير إلى حدوث أية أخطاء، ولكنه بمثابة تغيير في الأسلوب الذي يتبعه القراصنة عادة في المفاوضات الخاصة بهم.

وأوضح أندرو أنه يعتقد أن المفاوضات ما زالت جارية، مشيرا إلى تكتم القراصنة على تفاصيلها كافة. ولفت إلى أن القراصنة الذين يحتجزون أيضا سفينة الشحن الأوكرانية «فاينا» منذ أكثر من تسعة أسابيع، بدأوا أيضا في تخفيف معدل حديثهم إلى وسائل الإعلام الدولية، بعد نجاحهم في احتواء محاولة التمرد التي نفذها ضد القراصنة ثلاثة من أطقم السفينة التي تحمل 33 دبابة وعتادا عسكريا. وتقول مصادر في حكومة جيبوتي وإقليم البونت لاند (أرض اللبان) في شمال شرق الصومال لـ«الشرق الأوسط» إن هناك ضغوطا مكثفة يتعرض لها القراصنة من قبل قادة عشائريين، في محاولة لإقناعهم بإطلاق سراح الناقلة السعودية، والإفراج عن طاقمها المكون من 20 شخصا، بدون دفع أي فدية مالية.

وأوضح مسؤول جيبوتي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك بعض التقدم الذي تم إحرازه في هذا الصدد، متوقعا أن يتم الإفراج عن الناقلة خلال بضعة أيام.

وأضاف المسؤول أن هناك مؤشرات ايجابية، توحي بأن القراصنة بدأوا يستشعرون خطورة ما قاموا به من عملية قرصنة للناقلة السعودية، ونتوقع أن يتخلوا طواعية عن الناقلة من دون الحاجة إلى تدخل عسكري أو دفع أية أموال. لكن المسؤول الجيبوتي، الذي تحدث لـ«الشرق الأوسط» عبر الهاتف، مشترطا عدم تعريفه، رفض التطرق إلى تفاصيل المفاوضات لاعتبارات قال إنها تتعلق بنجاحها وبسلامة طاقمها البحري.

يشار إلى أن قراصنة صوماليين، أفرجوا أمس عن ناقلة النفط اليونانية «ام تي اكشن» وطاقمها المكون من 17 جورجيا وثلاثة باكستانيين، بعدما كانوا قد استولوا عليها في شهر أكتوبر (تشرين الأول) الماضي, فيما أعرب المسؤول عن برنامج المساعدة الكيني على سواحل شرق أفريقيا عن اعتقاده بأن ثلاثة من أفراد طاقمها ماتوا. وقال موانجورا الذي لم يحدد حجم الفدية المدفوعة مقابل إطلاق الناقلة اليونانية، إن «القراصنة أفرجوا عنها، ونخشى أن يكون ثلاثة من أفراد طاقم السفينة ماتوا في ظروف لم تعرف».

إلى ذلك سيعقد البرلمان الصومالي، اجتماعا حاسما اليوم بمقره في مدينة بيداوة الجنوبية، لمناقشة الاتفاقيات التي وقعها مؤخرا رئيس الحكومة الانتقالية العقيد نور حسن حسين(عدي) مع الشيخ شريف شيخ احمد رئيس جناح جيبوتي المنشق على تحالف المعارضة الصومالية، الذي يتخذ من العاصمة الاريترية أسمرة مقرا له. وقال رئيس الوزراء الصومالي لـ«الشرق الأوسط» في اتصال هاتفي من بيداوة إنه يأمل في أن يوافق البرلمان الذى سيعقد وسط إجراءات أمنية مشددة، وبحضور الرئيس الانتقالي عبد الله يوسف، على اتفاقيات السلام التي رعتها الأمم المتحدة، لفتح الطريق نحو تحقيق مصالحة وطنية وإعادة الأمن والاستقرار المفقودين في البلاد منذ نحو 17 عاما.

لكن مصادر صومالية أخرى قالت لـ«الشرق الأوسط» إن هناك توجها قويا داخل البرلمان لرفض تمرير هذه الاتفاقيات، التي اعتبرها الرئيس الصومالي بمثابة اتفاق قبلي، لا يحقق المصالح العليا للبلاد. وشهد مقر البرلمان حرب استقطاب بين يوسف وعدي، في محاولة لاستمالة مواقف أعضاء البرلمان المنقسمين على أنفسهم إلى كل منهما، فيما قدمت مجموعة برلمانية توصية بعدم قبول قائمة الحكومة التي سبق أن أعلنها عدي ورفضها يوسف بسبب تحفظه على بعض أعضائها.

وتضمنت التوصية التي حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منها وتحمل توقيع 23 برلمانيا، ضرورة أن تحوز القائمة الحكومية على موافقة الرئيس الانتقالي، قبل عرضها على البرلمان للتصويت عليها.

والتقت اللجنة العليا للبرلمان للغرض نفسه أمس مع رئيسه عدن مادوبي، في إطار التحضيرات لجلسة البرلمان المكون من 275 عضوا. إلى ذلك قال الشيخ شريف شيخ أحمد زعيم جناح جيبوتي، المنشق على تحالف أسمرة لـ«الشرق الأوسط» خلال مأدبة غداء أقامها له محمد عثمان (دحتحور) عمدة العاصمة الصومالية مقديشيو، ان قادة العشائر وممثلي المجتمع المدني وجميع الشرائح الصومالية، التي التقى بها منذ وصوله المفاجئ إلى المدينة قبل ثلاثة أيام، أعلنوا تأييدهم وترحيبهم بما توصلت إليه اتفاقية السلام، التي رعتها الأمم المتحدة.

وردا على اتهامات جماعة أسمرة له بالخيانة والتفريط في مبادئ التحالف، قال الشيخ شريف هذا «لا يحتاج منى إلى رد، لأن برنامجنا واضح وهو يبدأ بانسحاب القوات الإثيوبية وإعادة الأمن والاستقرار إلى الصومال، وتشكيل حكومة وحدة وطنية، مضيفا أن «هذا البرنامج إذا كان يمثل عندهم خيانة عظمى فليكن». ورفض شريف التكهنات بأنه سيدخل هو أو جناحه في تشكيلة الحكومة الصومالية الجديدة، أو أن يكون هو نفسه مرشحا لمنصب الرئيس أو رئيس الحكومة، لكنه أشار في المقابل إلى أنه حسب ما تم الاتفاق عليه في جيبوتي، سيتشكل البرلمان الجديد قريبا إيذانا بانطلاق مسيرة السلام واختيار القيادات، سواء رئيس البرلمان أو الحكومة والرئيس المقبل للبلاد.

ولفت إلى أن الحكومة المقبلة ستتشكل من مجموعتين، هما جناحه في تحالف تحرير الصومال والسلطة الانتقالية الحالية.

ورحب الشيخ شريف بالقرار الأثيوبي بانسحاب القوات الإثيوبية وقال لـ«الشرق الأوسط»، «نحن من جانبنا مستعدون للتعامل بحسن الجوار، وأيضا أن يكون هناك استقرار في المنطقة بأكلمها»، معتبرا أن الدول العربية مقصرة في حق الشعب الصومالي، وطالبها بالإسراع في إرسال قوات حفظ سلام، والمشاركة في القوات الدولية. وسئل عن صحة ترتيبات لقيامه بزيارة إلى العاصمة الإثيوبية أديس أبابا، فقال «ليس بعد، لكن نحن نبدي حسن النوايا»، معتبرا أن اختلاف لهجته في الحديث عن العدو الأثيوبي من عامين، يرجع إلى اختلاف الأوضاع على الأرض. وأضاف أن «المرحلة الآن تختلف عن المرحلة السابقة، دائما يحدث قتال ثم مصالحة، ولكل حديثه ومرحلته». وقال إن ما حدث من تراشق بالكلمات بينه وبين حليفه السابق الشيخ حسن طاهر أويس الزعيم الحالي لتحالف أسمرة، لا يمثل طلاقا سياسيا، مضيفا «ليس بيننا وبين الشيخ حسن شيء شخصيا، وإنما اختلاف في الرؤى».

على صعيد الجهود الدولية، قال دبلوماسيون في نيويورك إن الامم المتحدة اخفقت في تشكيل قوة عسكرية متعددة الجنسيات لتحقيق الاستقرار في الصومال، وهو الأمر الذي يقول دبلوماسيون انه يعني، ان الصومال قد يترك وحيدا للاعتناء بنفسه.

وفي تقرير لمجلس الأمن الدولي الشهر الماضي، أوضح بان كي مون الامين العام للأمم المتحدة، ان نوع القوة التي ستكون مطلوبة للصومال، تتجاوز امكانيات قوات حفظ السلام التابعة للامم المتحدة، والتي ترسل بشكل نمطي لمراقبة اتفاقية قائمة للسلام وليس لسحق تمرد. وأضاف بان أن قوة الاستقرار المبدئية ستحتاج الى نحو لواءين، أي نحو عشرة آلاف جندي، ولابد أن تكون مؤهلة بشكل كبير وتدعم نفسها.. وتملك القدرة بشكل كامل على الدفاع عن نفسها ضد التهديدات المعادية. وابلغ دبلوماسيون بالمجلس رويترز، ان مسؤولي الأمم المتحدة يضغطون على دول لقيادة أو الاشتراك في ائتلاف التطوع الدولي، ولكن لا توجد حتى الآن أي دولة مستعدة لتقديم قوات. وأضافوا أن بان كان يأمل في اقناع تركيا العضو في حلف شمال الاطلسي والتي تملك قوات مسلحة قوية، بالاضافة الى انها دولة اغلبها من المسلمين مثل الصومال بقيادة القوة. ولكن انقرة رفضت.

وقال دبلوماسي لرويترز، ان دولة عرضت توفير جسور جوية ودعما لوجستيا وتمويلا. وامتنع الدبلوماسي عن تحديد اسم هذه الدولة، ولكن آخرين قالوا انها الولايات المتحدة. واضاف «لا أحد يريد الذهاب الى الصومال انه محفوف بالمخاطر بشكل كبير».