الكويت: صعوبات تواجه التشكيل الحكومي بعد اعتذار الإخوان المسلمين

نواب يطالبون رئيس البرلمان بإلزام الحكومة حضور الجلسات عن طريق المحكمة الدستورية

رئيس البرلمان الكويتي جاسم الخرافي يحيي النواب خلال ترؤسه الجلسة الاعتيادية أمس (رويترز)
TT

رفع رئيس البرلمان جاسم الخرافي الجلسة الاعتيادية المقررة أمس بداعي غياب الحكومة حتى نهاية الشهر الجاري، معلنا أن «عدم حضور الحكومة ولعدم اكتمال النصاب فقد تقرر رفع الجلسة إلى يوم الثلاثين من الشهر الجاري».

وأتى غياب الحكومة بداعي قبول أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد استقالتها مطلع الأسبوع، وشروعه اعتبارا من الأول من أمس إجراء مشاوراته التقليدية لاختيار رئيس الحكومة المقبلة، والتي قابل فيها بروتوكوليا رؤساء مجالس الأمة السابقين أحمد السرحان ومحمد العدساني وأحمد السعدون إلى جانب رئيس البرلمان الحالي جاسم الخرافي.

من جانبه، كان رئيس البرلمان جاسم الخرافي قد أعلن بعد التقائه الشيخ صباح الأحمد إثر مشاركته في المشاورات التقليدية لاختيار رئيس الحكومة أن الأجواء العامة في البلاد صحية متمنيا «الإسراع في تشكيل الحكومة حتى لا يكون هناك فراغ من شأنه خلق بلبلة وأجواء غير صحية». وحتى يوم أمس لم يعلن عن اسم رئيس الحكومة الجديدة، إلا أن التوقعات ترجح عودة الشيخ ناصر المحمد لمنصبه للمرة الخامسة خلال أقل من ثلاثة أعوام، إذ سبق له أن شكل حكوماته الأربع السابقة على مبدأ المحاصصة والتمثيل السياسي، بهدف خلق شبكة أمان تقيها من الاستجوابات والمعارضة الحادة داخل البرلمان، إلا أن جميع الحكومات أسقطتها استجوابات، كان آخرها الاستجواب المقدم بحقه نهاية الشهر الماضي.

وسياسيا، بدا المشهد أمس أكثر ضبابية، فرغم أن اسم رئيس الحكومة الجديدة لم يعلن رسميا، إلا أن تنظيم الإخوان المسلمين أعلن أمس اعتذاره عن المشاركة في الحكومة الجديدة، وأتت المفاجأة بتحول التنظيم الأكبر في الكويت إلى فريق المعارضة للمرة الأولى منذ مطلع حوالي الثلاثين عاما، كونه التنظيم الذي طالما وفر للحكومات الكويتية المتعاقبة مذاك غطاء سياسيا ونفوذا داخل الشارع الكويتي، وعلى الأخص الحكومات التي تولى رئاستها الشيخ الراحل سعد العبد الله خلال الفترة 1977 – 2003، وحكومات الشيخ ناصر المحمد الأربع الأخيرة منذ فبراير (شباط) 2006.

وبحسب بيان صدر أمس عن الحركة الدستورية الإسلامية (الذراع السياسي لتنظيم الإخوان المسلمين في الكويت)، فإن «الحركة لن تشارك في التشكيل الحكومي الجديد» مرجعة ذلك إلى «استمرار حالة التخبط والإخفاق الحكومي والتعثر الدائم في عدم تحديد رؤية واضحة لإدارة الشأن العام». وسلكت كتلة العمل الشعبي التي يقودها داخل البرلمان زعيم المعارضة أحمد السعدون مسلك الإخوان المسلمين، إذ رفضت المشاركة في الحكومة المقبلة بعد يوم واحد من إعلانها عن احتمال مشاركتها في التشكيل المقبل متى ما تم الاتفاق مع الرئيس الجديد على حزمة مطالب وإصلاحات جذرية في البلاد. وفي المقابل تبلور موقف التحالف الوطني الإسلامي (شيعة) بقبولهم مبدأ المشاركة في الحكومة المقبلة، فيما لم يحسم الليبراليون والسلف موقفهم من المشاركة، وهما التياران اللذان ساهما بقوة بتشييد الحكومة المستقيلة. ومساء أمس انتهز النائب الإسلامي محمد المطيري وهو أحد مقدمي الاستجواب بحق رئيس مجلس الوزراء فرصة معارضته لرئيس الحكومة وأكد أن «امتناع بعض الكتل النيابية عن المشاركة في التشكيلة الحكومية الجديدة وتدارس الأخرى مبدأ مشاركتها فيه رسالة واضحة للشيخ ناصر المحمد لطلب إعفائه من هذا المنصب لتجنيب دخول البلد في أزمات قادمة تلوح بالأفق».

إلى ذلك، طالب نواب أمس رئيس البرلمان بسؤال المحكمة الدستورية تحديد مدى التزام الحكومة بحضور الجلسات البرلمانية، على اعتبار أن تعمد الحكومة الغياب عن جلسات البرلمان يؤدي إلى تفريغ الدستور من محتواه، ويؤدي إلى خلق فراغ سياسي كما يرون.

إذ اعتبر النائب أحمد المليفي أن ما قام به رئيس البرلمان من رفع الجلسة جاء وفقا للائحة وما استقر عليه العمل، وذلك لعدم اكتمال النصاب وعدم حضور الحكومة، معتبرا أنه لا يوجد أي مبرر لعدم حضور الحكومة. وبين المليفي أن هناك أراء قانونية تشير إلى أن عدم حضور الحكومة لا يخل في النصاب طالما توجد أغلبية في مقاعد النواب، مشيرا إلى وجود نص بوجوب وجود الحكومة في الجلسة وضرورة ألا تعطل المجلس ليظل أسيرا بالحكومة، داعيا إلى «تمحيص الرأي القانوني بشأن حضور الحكومة والفصل فيه حتى لو كان ذلك بالذهاب إلى المحكمة الدستورية، فما يحدث بداية لنقاش دستوري جديد ويجب حسمه بقرار تفسيري من المحكمة».

ومثله اتخذ النائب الإسلامي فيصل المسلم نفس الموقف بقوله أن «مسألة عدم انعقاد الجلسات لعدم حضور الحكومة يستلزم الذهاب إلى المحكمة الدستورية أو تغيير العرف السياسي الجاري والأخذ بالرأي الدستوري القائل بعدم اشتراط حضور الحكومة لانعقاد جلسات مجلس الأمة». وأنحى باللائمة على الحكومة، واتهمها بتعطيل التنمية بالبلاد من خلال استخفافها بالبرلمان وغيابها عن حضور الجلسات، وهو ما رأى فيه «بداية سلبية في العلاقة مع المجلس»، متسائلا عن سبب تعمدها تعطيل المؤسسات الكبرى (البرلمان والحكومة) عن ممارسة دورها في إدارة الدولة، خصوصا وأن الحكومة لم تكتف ببدعة عدم حضور جلسات المجلس، بل عطلت أعمال مجلس الوزراء من خلال عدم انعقاده، وهو ما يدعونا للتساؤل عن تعريفها لتصريف العاجل من الأمور.

من جانبه، تمنى النائب الدكتور محمد العبد الجادر (ليبرالي) أن تأتي حكومة جديدة تدافع عن خططها في البرلمان وتتلافى سلبيات وأخطاء الماضي في ظل المتغيرات والمشاكل الصعبة في العالم، وأن تستعين بوزراء مشهود لهم الوزير بنظافة اليد وذوي خبرة ويدافعون عن برنامجهم والحكومة ويتعاونون مع البرلمان ويعملون بصورة جماعية داخل مجلس الوزراء. ومقابل ذلك، حمّل النائب المعارض مسلم البراك الحكومة المستقيلة ما آلت إليه الأوضاع، كونها ارتكبت تصرفات غير مقبولة، أخرها انسحابها من جلسة استجواب رئيسها، إضافة إلى كتاب استقالتها الذي تضمن كلمات وصفات من المفترض أن توصف بها الحكومة المستقيلة بدلا من البرلمان.

وشدد البراك على رئيس الوزراء المكلف بأن يعي تماما أنه إذا لم تأت حكومة قادرة على النهوض بقطاعات التنمية فإن ذلك سيكون أكبر دمار للكويت، وسنعود إلى المربع الأول، وانتشال البلد من الوضع الذي بلغناه خلال سنوات الماضية، معربا عن عدم استعداد النواب بأن «تأتي حكومة جديدة، وتمارس الفشل على حساب الشعب ومكتسباته».

وعلى الصعيد ذاته، نقل موقع الآن الإخباري المحلي أن زعيم الكتلة السلفية في البرلمان النائب خالد السلطان اقترح على مجموعة من النواب تشكيل وفد لمقابلة رئيس مجلس الوزراء لإبداء آرائهم في الحكومة الجديدة، إلا أن النائبين أحمد السعدون وناصر الصانع رفضا مقترح السلطان، وهو ما أكد معارضة كتلتي العمل الشعبي (معارضة) التي يمثلها السعدون، والإخوان المسلمين التي يمثلها الصانع، المشاركة في الحكومة الجديدة، مشيرة إلى أن اللقاء حضره عدد من النواب أبرزهم مسلم البراك، وعبد الله الرومي، وعبد الواحد العوضي، وأحمد لاري، وعبد اللطيف العميري، وعادل الصرعاوي، إضافة إلى السعدون والسلطان والصانع.