إيران تشكو هجوم الإعلام المصري والقاهرة ترد: الانتقادات لا تعبر عن الموقف الرسمي

صحف مصرية تحمَّل خامنئي مسؤولية تدهور العلاقات

TT

في تطور جديد لأزمة العلاقات المصرية الإيرانية توجَّه رئيس بعثة رعاية المصالح الإيرانية بالقاهرة السفير حسين رجبي إلى مبنى وزارة الخارجية المصرية أمس، حاملا صحفا ومجلات مصرية شبه رسمية نشرت موضوعات تتضمن انتقادات لاذعة للنظام الإيراني، وشيعة إيران، واصفة الجيش الإيراني بأنه «حشرة ضعيفة يدهسها الأميركان»، فيما بدا أن الدبلوماسي الإيراني يحاول الرد على استدعائه إلى مقر وزارة الخارجية المصرية، قبل عدة أيام لنفس السبب (نشر مقالات في وسائل الإعلام الإيرانية تنتقد مصر بشدة).

وتُحمِّل الصحف المصرية، التي حمل رجبي نسخاً منها أمس وقدمها إلى مسؤول الشؤون الآسيوية بالخارجية المصرية، السفير حسين هريدي، وبعضها مترجم عن صحف ومجلات أجنبية، المرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي، مسؤولية ما آلت إليه الأمور في إيران والمنطقة من تدهور. وبينما كان رجبي يعلن عن عدم رضاه عما نُشِرَ على غلاف مجلة «روزاليوسف» المصرية شبه الرسمية فوق صورة لـ«خامنئي» بعنوان كبير: «جرائم الحاكم بأمره»، كانت صحيفة «الجمهورية» شبه الرسمية أيضاً قد خرجت في عدد أمس تطالب الحكومة المصرية صراحة بسحب بعثتها الدبلوماسية من طهران لحماية أعضائها من الاختطاف والقتل هناك، فيما وصف رئيس لجنة الشؤون العربية في البرلمان المصري اللواء سعد الجمَّال «هجوم إيران على مصر دولة ورموزا» بأنه «محاولة مشبوهة لمغازلة الإدارة الأميركية الجديدة لا تصب إلا في خدمة المصالح الإسرائيلية».

وقال دبلوماسي إيراني مطلع لـ«الشرق الأوسط»: «تحدثنا مع الجانب المصري عن مقالات نشرتها مجلة روز اليوسف في عددها الأخير وصحف أخرى (لم يذكرها)، تضم مقالات ضد إيران وضد المذهب (الشيعي).. وشتائم وهجوم على إيران». ووفقاً للدبلوماسي الإيراني فإن المسؤول المصري رد عليه نافياً أن يكون ما نشرته الصحف يعبر عن الموقف الرسمي للدولة المصرية، وهو ذات الرد الذي تلقته القاهرة حين قدمت ذات الاحتجاج لإيران، وبدا أن الإدارتين (المصرية والإيرانية تفهمان بعضهما جيدا (تبادلا الاحتجاجات والردود).

وأبلغ الدبلوماسي الإيراني «الشرق الأوسط» أن المسؤول المصري نفى وجود علاقة بين ما تنشره الصحف وبين رغبة القاهرة في تحسين العلاقات (المقطوعة أصلا منذ نحو 28 عاما)، مشيرا إلى أن سبب اللقاء الذي جرى أمس في وزارة الخارجية المصرية لا يتعلق بأمر طارئ يخص انتقادات صادرة من «تيارات صغيرة بمصر وإيران»، وإنما «اللقاء يأتي في إطار لقاءات شهرية مدرجة مسبقا لمتابعة ملف العلاقات والتنسيق بين البلدين»، مشيرا إلى انتقادات لجنة الشؤون العربية والمطالبة بسحب البعثة المصرية من طهران، بأنها «أحاديث لا ترتبط بالحديث الرسمي الدائر بين البلدين والذي يتجه نحو مزيد من تحسين العلاقات..» وقال معلقاً «نحن ننظر لمصر باعتبارها دولة كبيرة ورائدة في المنطقة، ولا ينبغي أن تعرقل العلاقة بيننا تيارات محدودة التأثير هنا أو هناك». ولدى خروجه من مقر وزارة الخارجية المصرية جدد رجبي في رده على أسئلة الصحافيين نفي طهران وجود تأثير لمظاهرات الإيرانيين أمام مقر البعثة الدبلوماسية المصرية على العلاقات بين البلدين، وأكد أن كافة الجهات الرسمية في إيران لا توافق مطلقا على التظاهر ضد مصر في طهران.

وأضاف رجبي أن «الشرطة الإيرانية تعاملت مع المتظاهرين كما يجب واعتقلت أعدادا منهم، كما أن بعض أفراد الشرطة أصيبوا بجروح خلال التصدي لهم»، معربا عن اعتقاده بأن العلاقات الثنائية بين مصر وإيران «طيبة لأنها علاقات تاريخية وعميقة». وقال: «إننا في إيران نعتقد بشكل جازم بأهمية الدور المصري في المنطقة ونحترم كثيرا الشعب المصري ورموزه وثقافته».

وردا على سؤال حول ما يعتبره البعض في مصر إحجاما من إيران عن تقديم اعتذار رسمي لمصر بسبب تلك المظاهرات، قال رجبي: «كان يمكن تقديم مثل هذا الاعتذار لو كان للحكومة (الإيرانية) أو لأي جهة رسمية إيرانية دور في تنظيم تلك المظاهرة».

ومن جانبه أوضح السفير هريدي، عقب لقائه بالسفير الإيراني رجبي، أن اللقاء جاء في إطار «اللقاءات الدورية المنتظمة بينه وبين القائم بالأعمال الإيراني»، وأن رجبي شكر الحكومة المصرية على مواقفها المؤيدة لإيران في المنظمات الدولية، وأن وزير الخارجية الإيراني منوشهر متقي وجَّه خطابا بهذا المعنى لنظيره المصري، أبو الغيط، موضحا أن المقابلة تناولت عددا من القضايا المهمة ذات الاهتمام المشترك بين البلدين وحول قضايا المنطقة، بدون التطرق لمزيد من التفاصيل.

وقالت مصادر مصرية مطلعة إن السفير الإيراني (حسين رجبي) حمل أثناء توجهه للخارجية المصرية صحفا محلية مصرية بعضها شبه رسمي تضمنت انتقادات حادة لإيران، منها مجلة «روز اليوسف» التي حملت على غلاف عددها الأخير صورة للمرشد الأعلى للثورة الإسلامية علي خامنئي وعنوانا كبيرا يقول: «من عرش الطاووس إلى عرش أنصاف الآلهة.. جرائم الحاكم بأمره في إيران»، وتحت صورة لمقام الحسين في كربلاء كتبت في صفحتها الافتتاحية تقول: «بأي دين يدينون ولأي قبلة يتوجهون وهل حقا الفرس في إيران هم من المسلمين؟»، وأوضحت المجلة «إن سبب هذه الأسئلة والإجابة عنها تكشف الدور التعبوي لآيات إيران في حشد متظاهرين أمام مكتب رعاية المصالح المصرية في طهران للتطاول، قولا وفعلا، بحجة أن مصر أغلقت معبر رفح وتساند حصار غزة». وخاضت المجلة التي حملها معه السفير الإيراني بالقاهرة لمقر الخارجية المصرية، في معتقدات «شيعة إيران» و«ما يعتقدون من إمام منتظر وعتبات مقدسة وبشر أنصاف آلهة، يأتمرون بهم من دون الله ورسوله، يطيعونهم طاعة عمياء خرجوا عن صحيح الدين، رفعوا آل البيت إلى مرتبة أعلى من الرسول الكريم.. كل ذلك ويدعون أنهم جمهورية إسلامية ويتصورون أنهم فوق كل المسلمين، فبأي دين يدينون وعن أي إسلام يدافعون».