أشهر أوغاد حرب المخدرات المكسيكية لا صورة له.. وجرائمه تشل الشرطة خوفا

الرجل الغامض وراء موجة القتل المرعبة في تيجوانا

TT

يقال إنه يحب النساء والخيل السريع وتذويب جثث أعدائه في مواد كاوية.

يلقى باللوم على تيودورو غارسيا سيمينتال، أشهر أوغاد حرب المخدرات المكسيكية ولكنه أكثرهم غموضا، في انتشار موجة من العنف في جميع أنحاء باجا كاليفورنيا. تقول السلطات إن رجاله المسلحين يتركون مشاهد شنيعة للجثث المتفحمة والمقطوعة الرأس في جميع أنحاء المدينة، وعليها توقيع «الحروف الثلاثة» التي ترمز الى «تيو». وتعتقد السلطات أنه يدير شبكة من اماكن الاحتجاز حيث يحبس الضحايا في أقفاص. ويبدو أن آلافا من رجال الشرطة والجنود والعملاء في الولاية لا يجدون له أثرا. ولا تحتوي اللوحات الإعلانية التي تشير إلى أكثر المختطفين المطلوبين أمنيا في تيغوانا صورة لغارسيا، على الرغم من أن من المعتقد أنه وراء معظم حرب العصابات التي أودت بحياة 400 شخص منذ أواخر سبتمبر (آب).

وقال أحد مصادر إنفاذ القانون في أميركا، مشترطا عدم ذكر اسمه: «هذا يخبرك أنك لا تريد أن تكون المسؤول عن نشر صورة تيو للعامة. لا يوجد مستقبل في ذلك». ويظهر رئيس العصابة الإجرامية المزعوم ممتلئ الخدين ويرتدي ربطة عنق غير ملائمة ومعطفا في صورته الوحيدة المنشورة، وتحمل رقم 27 على موقع الإف بي آي narctip.com الإلكتروني. ولا تحمل صورته اسما، وهو مدرج كواحد من عشرات الأشخاص المطلوبين من أجل استخدام بطاقات شرطة مكسيكية مزيفة لها صلة بحوادث القتل والاختطاف وجرائم أخرى. ويلتزم الكثير من رجال الشرطة والمدعين والمواطنين العاديين الصمت عندما يذكر اسم تيو. يأتي ما يعرف عنه من الشهادات السرية التي يدلي بها المسلحون المقبوض عليهم، والرسائل التي يتركها مع الضحايا والأغاني الشعبية المكسيكية التي تغنى في أماكن المقايضات. تقول إحدى الأغاني: «انتبه أيها الرئيس (فيليب كالديرون).. في تيغوانا أنا الحاكم. سنريك كيف تكون الحرب الحقيقية».

ويقال إن غارسيا في منتصف الثلاثينات من عمره، فحتى تاريخ ميلاده غير معلوم. ووردت معلومات عن مراهناته في سباقات الخيل السرية في المزارع المنعزلة خارج إنسينادا. ووفقا لما ذكرته الوثائق وجاء في المقابلات، يستعين بعاملين يمنحهم 400 دولار أسبوعيا من أجل حراسة الضحايا المختطفين ولحام براميل المواد الكاوية المستخدمة في التخلص من بعض ضحاياه. وقال أحد مسؤولي إنفاذ القانون في المكسيك إن غارسيا قتل أشخاصا في حفلات ساخرا من ردود أفعالهم المتفاجئة.

وقال المسؤول، الذي طلب عدم ذكر اسمه لأسباب أمنية: «يكسب المجرمون الاحترام والمصداقية بأساليب القتل المبتكرة. وتعتمد مكانتك على قدرتك على ارتكاب أكثر التصرفات سادية. وبحرق الجثث واستخدام المواد الحارقة وقطع رؤوس الضحايا.. يضع هذا الجيل معيارا جديدا للوحشية». وتعتمد إمبراطورية غارسيا الإجرامية المزعومة إلى حد كبير على الاختطاف والابتزاز، وهو نموذج لرئيس العصابة فيما بعد حرب المخدرات، الذي يلجأ بسبب حرمانه من أرباح المخدرات إلى أنشطة داخلية أكثر دموية. وبدأت محاولة غارسيا في فرض القوة بعد أن شن كالديرون هجومه على المنظمات الإجرامية في ديسمبر (كانون الأول) عام 2006، بهدف تدمير عصابات المخدرات في البلاد عن طريق القضاء على قيادتها. يقول ديفيد شيرك، مدير معهد عبر الحدود في جامعة سان دييغو: «كانت إستراتيجية الحكومة هي تقسيم العصابات إلى أجزاء أصغر أكثر سهولة في التعامل معها. ولكن لا يعني أن تكون أصغر أن تكون قابلية التعامل معها أكبر.. لقد أصبحت أكثر عنفا.. وأكثر خطورة، والناس تحب ذلك الرجل».

نشأ غارسيا، الذي يقال إن أسرته جاءت من ولاية سيِنالوا، في تيغوانا وبدأ العمل في منظمة «أريلانو فيليكس» كمنفذ مؤتمن، ربما في التسعينات، ثم ازداد قوة فأصبح مساعد رئيس المنظمة، ليساعد على تحويل الاختطاف إلى صناعة تدر عدة مليارات دولار. وفي العام الحالي، حاول فرناندو سانشيز أريلانو، رئيس المنظمة، وابن شقيق مؤسسيها، ولكنه فشل في أن يوقف عمليات اختطاف الأطباء ورجال الأعمال والشخصيات السياسية المؤثرة. ووفقا للسلطات الأميركية والمكسيكية يبدو أن سانشيز كان قلقا من أن موجة الجريمة التي يشنها غارسيا تعوق عمل المنظمة في تهريب المخدرات. وتبدو الحكومة غير قادرة على وقف حوادث القتل. ويصاب رجال الشرطة الذين لم ينجذبوا للعمل كسائقين لدى غارسيا أو حراس أو قتلة مأجورين بالشلل من الخوف. ويقال إن غارسيا لديه قائمة بعنوان كل شرطي ورقم هاتفه. وقد تلقى أكثر من شرطي تهديدات عبر الهاتف من رجل قال إنه غارسيا. وفي أحيان أخرى، لا يوجد إنذار، كما حدث في يناير (كانون الثاني)، عندما أحاط مسلحون بمنزل نائب رئيس الشرطة مارغاريتو سالدا ريفيرا، وفتحوا النار فقتلوه هو وزوجته وابنتيه. وتحمل الشرطة غارسيا مسؤولية الحادث. يضع رجال الشرطة الذين يعملون في معقل غارسيا في شرق تيغوانا أشرطة لاصقة على أرقام سياراتهم، ويخرجون في الدوريات في مجموعات من سيارتين أو ثلاث. وإذا رأوا مجموعة من سيارات طراز فورد F-250 وكاديلاك إيسكاليدس، وهي الماركات التي تختارها عصابات المخدرات، وهي غالبا ما تكون مسروقة من كاليفورنيا، يسلكون في طريق أخرى.

قال أحد ضباط الشرطة: «نحن مرعوبون. لا يمكن أن يعمل رجال الشرطة الأميركية في ظل تلك الظروف». ويفضح الرد غير الفعال تشوش جهود مكافحة المخدرات في باجا كاليفورنيا، حيث تشوب العلاقات بين القوات الفيدرالية والمحلية عدم الثقة، ويقل تبادل الإطلاع على المعلومات.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز» خاص بـ «الشرق الأوسط»