وزير العدل البحريني لـ«الشرق الأوسط»: مستعدون لمناقشة قانون الأحوال الشخصية «حرفا حرفا»

الشيخ خالد بن علي آل خليفة: هناك مآس تقع في المحاكم بسبب عدم وجود القانون

الشيخ خالد بن علي آل خليفة
TT

نفى الشيخ خالد بن علي آل خليفة، وزير العدل البحريني، لـ«الشرق الأوسط» أن يكون قانون الأحوال الشخصية، الذي أقرته الحكومة أخيرا، «قد أقر بصورته النهائية»، غير أنه أكد في الوقت ذاته أن ساحة البرلمان، لا غيرها، هي المكان المناسب لمناقشة فقرات القانون «حرفا حرفا وليس فقط بندا بندا» في حال استدعى القانون أي تغيير. واستغرب وزير العدل في مملكة البحرين موجة الاعتراضات التي صدرت ضد القانون، مشددا على أن مثل هذا الرفض «لا مبرر له في ظل أن القانون لا يزال في صورة مسودة وبالإمكان تعديله، كما هي القوانين الأخرى التي تحال من الحكومة إلى السلطة التشريعية». وتسبب قانون «الاحكام الأسرية» الذي أحالته الحكومة البحرينية، في مسودته الأولية الأحد الماضي، إلى البرلمان، في موجة احتجاجات عنيفة من قبل الشارع الشيعي. وفيما اعتبرت جمعية الوفاق الوطني الاسلامي، كبرى الجمعيات السياسية التي تمثل الشارع الشيعي في البحرين، إحالة القانون بأنه «إعلان حرب على المعتقدات الدينية والخصوصيات المذهبية»، رأى المجلس الإسلامي العلمائي، الذي يعد أعلى مجلس للطائفة الشيعية في البحرين، أن خطوة الحكومة «تمثل خطوة تصعيدية غير مبررة إطلاقاً، تم فيها تجاهل المواقف العلمائية والشعبية الرافضة لصدور هذا القانون بغير الشروط التي أُعلن عنها سابقاً»، وكان لافتا في بيان المجلس العلمائي تحميله الحكومة «مسؤولية كافة التداعيات الناتجة عن هذه الخطوة غير المحسوبة».

وخلال حواره في العاصمة البحرينية المنامة مع «الشرق الأوسط» اعتبر وزير العدل البحريني أن إصدار قانون للأحوال الشخصية في بلاده، تم «لظروف ملحة وحاجة مجتمعية وطبقا لأحكام الشريعة الاسلامية بعد أن تم تمحيصه من قبل علماء دين من الطائفتين (السنة والشيعة)، ويراعي الخصوصية المذهبية ولا يخرج أي من بنوده عن أحكام الشريعة».

وبشأن الخطوة المقبلة لإقرار القانون، أجاب الشيخ خالد بن علي بأن الحكومة فتحت الباب على مصراعيه لمناقشة القانون «ليس بندا بندا بل أيضا حرفا حرفا، متى ما كانت هناك حاجة تستدعي أي تغيير فيه»، وقال إن ساحة البرلمان ستكون هي المكان المناسب لتعديل أو إضافة أو حذف أي من بنود القانون «شأنه شأن أي قانون آخر».

الوزير خالد بن علي قال إن مسودة قانون الأحوال الشخصية ستحال للبرلمان «ومن يريد الإطلاع عليها، فإن قبة السلطة التشريعية هي المكان الذي تناقش فيه كافة القوانين قبل إقرارها»، في إشارة إلى عدم عرض الحكومة للقانون لأي من الجهات الدينية في البحرين، وعد قبولها مناقشة القانون خارج إطار السلطة التشريعية.

وأضاف «نحن مستعدون لأي حوار مفتوح داخل البرلمان بشأن بنود القانون.. نحن مصرون على أن نتحقق من عدم معارضته للخصوصية المذهبية، أو مخالفته للشريعة الإسلامية».

ونبه الشيخ خالد بن علي آل خليفة إلى أن الجدل الذي يثار حول القانون «غير مبرر لأن المسألة ببساطة تقول إن القانون لم يجز ولم يدخل حيز التطبيق، وكل ما فعلناه أن الحكومة أحالته إلى البرلمان، ليقوم النواب بدورهم بدراسته ومناقشته ومن ثم التصويت عليه».

وردا على سؤال بشأن المخاوف التي عرضها عدد من علماء الشيعة بأن النواب الشيعة في البرلمان يبلغ عددهم 17 نائبا، وأنه حتى في حال رفضهم للقانون، فإن الغالبية السنية (23 نائبا) ستمرر القانون، رفض الوزير آل خليفة هذا التعاطي، مؤكدا أن «كل نائب يمثل البحرين بأكملها، ودائما هناك احترام من الجميع للخصوصية المذهبية».

ويعتقد الوزير البحريني أن تعدد الاجتهادات في الدين الإسلامي «هو أمر محمود.. ولنا أن نختار من هذه الأحكام ما يناسبنا دون الخروج على الشريعة الإسلامية». ويلفت الشيخ خالد إن تجربة بلاده بتقنين أحكام الشريعة الاسلامية في قانون يؤطرها «ليس تجربة جديدة على المستوى الخليجي، حيث أقر قادة دول الخليج سابقا وثيقة مسقط للأحوال الشخصية».

وردا على سؤال آخر بشأن مطالب عدد من علماء الطائفة الشيعية بضمانات دستورية، قال وزير العدل البحريني إن دستور بلاده «هو أكبر ضمان لهذا القانون»، موضحا أن هذا القانون مثله مثل أي قانون آخر لا يتم تغييره إلا وفق ضوابط دستورية، مضيفا «لا توجد دولة في العالم تعطي ضمانات دستورية لقانون بعينه».

ويقول الشيخ خالد إن الدستور البحريني نفسه ينص على أن الشريعة الإسلامية أحد مصادر التشريع، «ونحن قمنا في هذا القانون بتأطير الشريعة في صورة أنظمة تعطي أفراد المجتمع حقوقهم» وزاد «من يدخل حاليا لقاعات المحاكم ويرى المآسي التي تتسبب فيها بعض الحالات، سيكون أول الداعين لإصدار مثل هذا القانون».

وكان مجلس الوزراء البحريني قد وافق على أول قانون لتنظيم الأسرة، للمذهبين الرئيسين في البلاد وهما السني والجعفري، ويسمح للمرأة بأن تشترط في عقد القران على الرجل عدم الزواج عليها، كما يسمح للمرأة أن تخلع زوجها ضمن شروط محددة مثل عدم الانفاق أو الغياب.

وبحسب المسودة التي أطلعت عليها «الشرق الأوسط»، يقع القانون في قسمين، أولهما «أحكام الأسرة وفقا للمذهب السني» والثاني «أحكام الأسرة وفقا للمذهب الجعفري». ويغطي القانون الزواج وآثاره الشرعية، الخطبة، شروط العقد، حقوق الزوجين، أنواع الزواج، نفقة الزوجية، النسب ووسائل إثباته، الطلاق، المخالعة، العدة، والحضانة.