الرئيس الموريتاني المخلوع يعود إلى مسقط رأسه بعد الإفراج عنه

عائلة ولد الشيخ لـ«الشرق الأوسط»: قدموا إلينا ليلا ونقلوه قسراً إلى العاصمة

TT

أفرج المجلس العسكري الحاكم في موريتانيا كلياً عن الرئيس المطاح به سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله. وأكدت آمال ابنة الرئيس المعزول أن عقيدين من المجلس الحاكم، هما محمد ولد مكت ومحمد ولد الهادي مدير الأمن الوطني، أشرفا على نقل والدها فجر أمس من بلدة لمدن (250 كلم جنوب شرقي نواكشوط) إلى بيته في العاصمة نواكشوط. لكنه سرعان ما عاد إلى مسقط رأسه بإرادته بعد وصوله بقليل، وصحبه الأمين العام السابق لرئاسة الجمهورية (نائب الرئيس) بيجل ولد حميد. وأكدت مصادر من عائلة ولد الشيخ عبد الله لـ«الشرق الأوسط» أن سيارات يستقلها عسكريون وصلت إلى منزلهم في لمدن في حدود الساعة الواحدة ليلا، بينما كان الرئيس المعزول نائما في بيته، وطلبوا بإلحاح إيقاظه أمام عناد ابنته آمال، وهددوا باتخاذ أساليب قاسية إذا لم تتم الاستجابة لمطلبهم، وتم نقله في موكب مؤلف من أربع سيارات إلى منزله في تفرغ زينة، أحد أرقى أحياء العاصمة نواكشوط وسط حراسة أمنية وصفت بالخفيفة.

وقال قيادي في الجبهة الوطنية للدفاع عن الديمقراطية المناوئة لانقلاب 6 اغسطس (آب) الماضي، إن القادة العسكريين حاولوا من خلال نقلهم لولد الشيخ عبد الله الحيلولة دون تنظيم تجمعات ومسيرات «لإظهار الفرح الشعبي بعودته للحياة السياسية»، بحسب تعبيره، مؤكدا أن الرئيس المطاح به «سيمارس صلاحياته الدستورية كرئيس منتخب وشرعي». وأكد مصدر من عائلة الرئيس المعزول أنه قرر العودة إلى «المنفى السابق» بمحض إرادته، وأنه «أخذ حريته بشكل كامل حتى الآن»، دون الكشف عن سبب عودته إلى هناك. إلا أن مراقبين يرون أن الهدف هو تنظيم مسيرات احتفالية على طول الطريق الرابط بين لمدن ونواكشوط.

واعتبرت جبهة الأحزاب المناوئة للانقلاب في بيان أمس، أن القادة العسكريين حاولوا من خلال نقل ولد الشيخ في نوفمبر (تشرين الاول) الماضي من معتقله في نواكشوط إلى الإقامة الجبرية في لمدن «إبعاده عن المشهد وتغييبه تماما، وهو ما أسفر عن نتائج عكسية ومخيبة لآمال الانقلابيين»، على حسب تعبير البيان، مذكرة بما أبداه مؤيدوه من استعداد ووحدة وانسجام حول قرية لمدن التي قالوا إنها تحولت إلى «قبلة لكل المناوئين للانقلاب على الشرعية الدستورية ووجهة للبعثات الدبلوماسية من مختلف دول العالم». واتهمت الجبهة المناوئة للانقلاب العقيد أحمد بمب ولد باية الأمين الدائم للمجلس العسكري الحاكم بدعوة سكان بعض الولايات الداخلية إلى «التظاهر ضد قرار إطلاق سراح رئيس الجمهورية».

وكانت المنظمات الإقليمية والدولية التي اجتمعت في بروكسل في الثاني عشر من الشهر الجاري قد كشفت أن الجنرال محمد ولد عبد العزيز قد تعهد لهم بإطلاق سراح الرئيس المخلوع قبل 24 ديسمبر (كانون الاول) الجاري، والشروع في إجراء أيام تشاورية تهدف لإيجاد صيغة توافقية لإنهاء الأزمة. وأكد سيدي محمد ولد الشيخ عبد الله الذي أطيح به في السادس من أغسطس (آب) الماضي في تصريحات صحافية رفضه المشاركة في تلك المشاورات، لأن ذلك ينطوي على «إضفاء الشرعية» على الانقلاب كما يرفض الدخول في أي حوار تحت سقف الانقلاب، على حد قوله. ويرى مراقبون أن ملامح الحل للأزمة السياسية في موريتانيا «لم تتضح بعد»، فيما يشكل الإفراج عن ولد الشيخ عبد الله خطوة هامة قد تسهم في حلحلة الوضع المتأزم منذ الانقلاب الذي وضع حدا لحكم أول رئيس موريتاني مدني منتخب. ورحب مكتب رئاسة الاتحاد الأوروبي في باريس بالإفراج عن الرئيس الموريتاني المعزول، لكنه قال إن الأزمة السياسية في موريتانيا لا يمكن أن تحل إلا من خلال «العودة إلى النظام الدستوري». كما أعربت إسبانيا عن ترحيبها بالإفراج عن الرئيس المعزول. واعتبرت الخارجية الإسبانية في بيان أن الإفراج عن سيدي ولد الشيخ إجراء «ضروري» و«إيجابي»، ومن شأنه أن يمثل خطوة مهمة على طريق عودة الديمقراطية إلى البلاد.