تقرير: باكستان تحولت إلى معقل لـ«القاعدة» في ظل انعدام الاستقرار فيها

قال إن قوى التطرف اكتسبت من القوة ما يمكنها من إثارة نزاع مع الهند

TT

لم تتمكن السلطة المدنية الباكستانية الضعيفة التي خلفت نظام الجنرال برويز مشرف بعد مخاض عسير عام 2008، من احتواء صعود التطرف الاسلامي الذي جعل من هذا البلد مركز الارهاب الدولي والمعقل الجديد لتنظيم القاعدة. وازاء تزايد المخاطر الارهابية في هذه الجمهورية الاسلامية البالغ عدد سكانها 165 مليون نسمة والتي تعتبر القوة النووية الوحيدة في العالم الاسلامي، ازدادت مخاوف الاسرة الدولية الى حد لم تبلغه من قبل. وحمل الامر الرئيس الاميركي المنتخب باراك اوباما على جعل باكستان وافغانستان البلدين اللذين لا يمكن الفصل بين مصيرهما، في مقدم اولويات سياسته الخارجية قبل العراق. وحذرت لجنة في الكونغرس الاميركي في تقرير صدر اخيرا من ان «القاعدة» ستدبر على الارجح اعتداءات بالاسلحة الكيميائية او البيولوجية من باكستان ضد البلدان الغربية قبل عام 2013.

وتطلق القوات الاميركية المنتشرة في افغانستان حيث تقاتل متمردي طالبان صواريخ في عمليات قصف شبه يومية على المناطق القبلية الخارجة عن اية سيطرة شمال غرب باكستان حيث اعادت القاعدة تشكيل قواها. واخيرا، زادت الاعتداءات التي نفذتها وحدة اسلامية مسلحة في مومباي عاصمة الهند الاقتصادية في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) واوقعت 163 قتيلا، من مخاطر نشوب نزاع جديد بين «الشقيقين العدوين» اللذين يملكان السلاح النووي، وقد اتهمت الهند باكستان المجاورة بكلام مبطن بانها حركت الارهابيين القادمين بحسب نيودلهي من باكستان، او على الاقل غضت الطرف عن نشاطاتهم.

وان كانت الهند تستبعد في الوقت الحاضر اي رد عسكري على باكستان، الا ان التوتر على اشده بين البلدين اللذين سبق أن دارت بينهما ثلاث حروب منذ استقلالهما عام 1947.

وتقف السلطة المدنية الجديدة المنبثقة عن الانتخابات التشريعية في فبراير (شباط) 2008 في موقع ضعيف جدا امام هذه التحديات الخطيرة، فالرئيس الجديد آصف علي زرداري زوج رئيسة الوزراء السابقة بي نظير بوتو لم يصل الى السلطة في سبتمبر (ايلول) الا بتزامن ظروف استثنائية وهو اساسا موضع جدل في بلاده، فقلة شعبيته وافتقاره الى الشرعية بنظر غالبية الباكستانيين قد يفسرا الصعوبة التي تجدها الحكومة الجديدة في تثبيت موقعها والاخطاء المتزايدة التي ترتكبها، بحسب الصحافيين الباكستانيين الذين لا يفوتون فرصة لتوجيه سهام انتقاداتهم اليه. فقد قتلت بي نظير بوتو في 27 ديسمبر (كانون الاول) 2007 في واحد من الاعتداءات الانتحارية الكثيرة التي تدمي البلاد، في وقت كانت تقوم بحملتها للانتخابات التشريعية التي نظمت في فبراير 2008. وباغتيالها وجد زرداري نفسه على رأس حزب الشعب الباكستاني الذي كانت تتزعمه والذي حقق فوزا انتخابيا كاسحا، وهو الذي كان حتى ذلك الوقت مقيما في المنفى بسبب ملاحقات قضائية تطاوله في قضايا فساد تعود الى تسعينات القرن الماضي.

وانتخبه النواب بعدها رئيسا للبلاد فيما يبقى بنظر الغالبية الكبرى من الباكستانيين «السيد عشرة في المائة»، وهو اللقب الذي اطلق عليه بسبب العمولات التي يشتبه بانه كان يتقاضاها على العقود العامة في التسعينات. وبالرغم من الهجوم الواسع النطاق الذي يشنه الجيش في المناطق القبلية منذ عام 2008 بضغط قوي من واشنطن، فان مخاطر الارهاب الاسلامي لم تتراجع بل كثف طالبان الباكستانيون اعمال العنف منذ ان اعلنوا في سبتمبر 2007 الجهاد على السلطة الباكستانية بمؤازرة اسامة بن لادن نفسه. وان كانت باكستان تعتبر ملاذا للارهابيين، الا انها ايضا ضحيتهم، حيث قتل فيها حوالى 1500 شخص جراء نحو 200 اعتداء خلال 16 شهرا. وقال رسول نقش ريس استاذ العلوم السياسية «ان قوى التطرف الاصولي اكتسبت من القوة ما يجعلها قادرة على اثارة نزاع بين الهند وباكستان»، ويضيف مبديا اسفه «حصلت حركة تعاطف دولية في نهاية 2007 مع مقتل بوتو لكننا عدنا الان معزولين على الساحة الدولية».