مصدر رسمي لـ«الشرق الأوسط»: ساركوزي سيبلغ سليمان دعم فرنسا القوي لأدائه الرئاسي

باريس تقدر خروجه على لعبة المحاور في لبنان وانفتاحه على الجميع

الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي، خلال استقباله لزعيم حزب الليكود الاسرائيلي بنيامين نتنياهو في قصر الاليزيه. (رويترز)
TT

قالت مصادر فرنسية رسمية، إن الرئيس نيكولا ساركوزي الذي سيقوم في السادس من يناير(كانون الثاني) بزيارة من يوم واحد الى لبنان، سيحمل «رسالة دعم قوية» الى نظيره اللبناني ميشال سليمان.

وأفادت المصادر التي تحدثت اليها «الشرق الأوسط» بأن ساركوزي «سيثني بقوة على آداء الرئيس اللبناني» منذ تسلمه رئاسة الجمهورية الصيف الماضي، وذلك من خلال التركيز على محورين اثنين: البقاء فوق النزاعات الداخلية، وحرصه على ألا يحسب أنه يعمل لمصلحة هذا الفريق أو ذاك من جهة، ونجاحه في الإنفتاح على كل العالم العربي وعلى إيران، بحيث أعاد لبنان الى الخريطة السياسية والدبلوماسية.

وربط الخيوط مع كل الأطراف الفاعلة عربيا واقليما ودوليا. وفي هذا السياق، اشارت المصادر الفرنسية الى «تقدير» فرنسا لـ«التوازن» الذي تمثل في زيارات سليمان العربية والدولية وانفتاحه على الجميع، و«خصوصا خروجه على لعبة المحاور» في الداخل والخارج. وسيقول الرئيس ساركوزي لنظيره، وفق ما كشفته المصادر الفرنسية الواسعة الإطلاع، إنه «رئيس جيد وناجح» وأن فرنسا ومعها الاتحاد الأوروبي «يثقان به ثقة تامة، من أجل قيادة الحوار الوطني في لبنان، والمحافظة على روحية اتفاق الدوحة» الذي افضى الى وصول سليمان الى قصر بعبدا.

وفي هذا السياق، ترى باريس أنه من المهم للغاية أن «تستمر روحية الدوحة قبل وبعد الانتخابات» والتي شعارها «التوافق» مهما تكن هوية الجهة الفائزة في الانتخابات النيابية القادمة. وأكدت المصادر الفرنسية أنها «تعمل مع كل الفئات على الدفع باتجاه المحافظة على هذه الروحية» فيما تلج المنطقة «مرحلة أقليمية غير واضحة المعالم» في إشارة الى الانتخابات الإسرائيلية، وما يمكن أن تؤول اليه المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية والملف النووي الإيراني، والخط الذي ستسير عليه إدارة الرئيس الأميركي الجديد إزاء الشرق الأوسط. وقالت المصادر الفرنسية، إن باريس «تأمل أن تكون الجهات العربية والإقليمية، متمسكة بروحية الدوحة، مهما تكن نتيجة الانتخابات.

وتتوقع باريس ألا تفضي الانتخابات القادمة الى «تغيير جذري» في الخريطة السياسية اللبنانية، بعكس ما يوحي هذا الطرف أو ذاك، لا بل إنها تبدو «متأكدة» من أن كل الأطراف اللبنانية «ستجد نفسها مضطرة لإعادة إنتاج حكومة شبيهة بالحكومة الحاضرة» لجهة تشكيلها بالتوافق وبمشاركة كل الأطراف فيها. وعلمت «الشرق الأوسط» أن مسؤولا من حزب الله زار باريس مؤخرا، وابلغ رسميين فرنسيين التقى بهم، أنه «غير مهتم بحصول المعارضة، وعلى رأسها حزب الله بأكثرية الثلثين» وفي حال فوزها بالانتخابات، فإنها «ستطالب بالنائب سعد الحريري، رئيس كتلة المستقبل، رئيسا للحكومة الجديدة».

وتتوقع المصادر الفرنسية أن يراجع الرئيس ساركوزي مع نظيره اللبناني «خريطة الطريق» التي اتفق عليها مع الرئيس السوري بشار الأسد لجهة الخطوات المنتظرة من دمشق في لبنان، وخصوصا ما بقي حتى الآن عالقا منها وأهمها البنود الخاصة بوضع الحدود اللبنانية ومنع تهريب السلاح عبرها وموضوع مزارع شبعا والتعاون الأمني ومستقبل معاهدة الأخوة والتنسيق اللبنانية ـ السورية. ومع اقتراب موعد انطلاق المحكمة الدولية في الأول من مارس (آذار) المقبل في هولندا، أعربت المصادر الفرنسية عن «ثقتها المطلقة» بالمحكمة وبعملها «مهما تكن نتيجة الانتخابات اللبنانية». وترى باريس أنه في حال رفضت حكومة لبنانية قادمة التعاون مع المحكمة الدولية، فإنها «ستجد نفسها سريعا في مواجهة مجلس الأمن والمجتمع الدولي، ولن تجد أي طرف دولي ليدافع عنها أو يبرر رفضها التعاون». فضلا عن ذلك، سترى أن كل الوعود التي أغدقت على لبنان لمساعدته سياسيا واقتصاديا «ستتلاشى» إذ «سيكون من الصعب تبرير المساعدة للبنان فيما تتخلى الحكومة اللبنانية عن تنفيذ التزاماتها، إزاء مجلس الأمن والمحكمة الدولية». ولخصت المصادر الفرنسية وضع المحكمة بتعبير يقول، إنها «محفورة في الرخام» و«لا سبيل لا للالتفاف عليها أو إجراء صفقة معها».

وفي لبنان، سيلتقي ساركوزي الرئيس سليمان، من دون غيره فيما محطته الثانية هي الجنوب اللبناني، حيث سيزور القوة الفرنسية العاملة في إطار «يونيفيل». وسيقوم الرئيس اللبناني بزيارة دولة الى باريس يومي 16 و17 مارس المقبل، أي قبل الانتخابات النيابية.

وتراهن باريس على إمكانية حصول تقدم في المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية، وتحولها الى مفاوضات مباشرة. غير أن علامة الاستفهام الكبرى التي تطرحها تتناول وضع لبنان في حال اندلاع نزاع مع إيران بسبب برنامجها النووي. وكشفت المصادر الفرنسية عن أن بنيامين نتانياهو زعيم الليكود الذي تظهره استطلاعات الرأي متقدما على منافسته تسيبي ليفني على رئاسة الحكومة الإسرائيلية القادمة، أبلغ الجانب الفرنسي الخميس الماضي، أنه «لا يمانع في إجراء حوار أميركي ـ إيراني» ولكن بشرطين. الأول، تحديد المهلة الزمنية التي سيجرى الحوار خلالها، بحيث لا يمتد الى لا نهاية، والثاني أن يترافق مع تشديد العقوبات الاقتصادية والمالية والمصرفية على إيران. وبحسب باريس، فإن «النافذة الدبلوماسية» لتسوية سياسية مع إيران التي ستفتح مع وصول أوباما الى البيت الأبيض، «يمكن أن تستمر الى نهاية عام 2009 أو بدايات عام 2010» بعدها تصبح كل الخيارت «واردة».