سكان حلبجة يطالبون بعقوبات صارمة للمسؤولين عن قصفها بالسلاح الكيماوي

مع بدء محاكمة «علي الكيمياوي» وعدد آخر من أركان النظام السابق على الجريمة

كردي يعاين عشرات القبور التي تضم رفات ضحايا عمليات الأنفال في بلدة حلبجة (أرشيف «الشرق الأوسط»)
TT

طالب سكان بلدة حلبجة بمحافظة السليمانية في إقليم كردستان العراق بإجراء محاكمة عادلة لرموز النظام السابق الضالعين في ارتكاب مجزرة حلبجة في ربيع عام 1988 وإنزال العقاب الصارم بهم وفقا للقانون، كما دعت أسر وذوو ضحايا الكارثة جميع الدول العربية والاجنبية في العالم الى عدم إيواء رموز النظام السابق الضالعين في ارتكاب تلك المذبحة، بل تسليمهم للقضاء العراقي لمحاكمتهم على ما اقترفوه من جرائم بحق الشعب الكردي. وتزامنا مع بدء القضاء العراقي أولى جلساته في قضية محاكمة الضالعين في عملية ضرب بلدة حلبجة بالسلاح الكيماوي المحظور دوليا وعلى رأسهم المتهم الاول علي حسن المجيد الملقب كرديا بـ«علي كيمياوي» والذي كان وقتذاك مسؤولا عن مكتب تنظيم الشمال لحزب البعث وعدد من كبار مسؤولي وأعوان النظام السابق، نظم صباح أمس المئات من أسر وذوي ضحايا مذبحة حلبجة تظاهرة سلمية حاشدة، جابت شوارع المدينة قبل ان تتجمهر في مقبرة الشهداء التي تضم رفات خمسة آلاف مدني من رجال ونساء وأطفال سقطوا جراء استخدام النظام السابق الأسلحة الكيماوية ضد سكان حلبجة العزل في 16 / 3 / 1988، أي في أواخر ايام حربه ضد ايران في محاولة منه لاسترجاع البلدة التي كانت قد سقطت في يد القوات الايرانية قبل ذلك بأيام، مما اسفر عن مقتل خمسة آلاف شخص من المدنيين خلال ثوان معدودات وإصابة اكثر من عشرة آلاف آخرين بحروق وتشوهات وأمراض مزمنة مازال الكثيرون منهم يعانون منها ويموت منهم العديد سنويا متأثرين بجروحهم العميقة العصية عن العلاج الطبي. وأصدر المتظاهرون بيانا تلي خلال التظاهرة جاء فيه «نحن أسر وعائلات الضحايا كنا نتطلع ونتوق جميعا منذ زمن بعيد الى اليوم الذي تجري فيه محاكمة جميع الجهات والاشخاص الذين ارتكبوا هذه المجزرة التي أودت بحياة الآلاف من سكان بلدة حلبجة وضواحيها المجاورة، وهنا نطالب بإجراء محاكمة عادلة لكل المتورطين في ارتكابها وخصوصا رموز النظام الدكتاتوري السابق». كما دعا البيان جميع الدول العربية والاجنبية الى عدم إيواء مسؤولي النظام السابق الفارين اليها وتسليمهم فورا الى العدالة والقضاء في العراق.

من جانبه، وصف فؤاد صالح رضا قائممقام البلدة في كلمة ألقاها بالمناسبة يوم محاكمة علي حسن المجيد ومرتكبي هذه الجريمة بـ«اليوم التاريخي»، وطالب بإحالة الشركات والمصانع التي باعت النظام السابق في العراق الاسلحة الكيماوية المحظورة ومواد ووسائل إنتاجها الى المحاكمة الدولية باعتبارهم شركاء في الجريمة.

وقال لقمان عبد القادر محمد رئيس جمعية الدفاع عن حقوق ضحايا كارثة حلبجة «ان التظاهرة جاءت تعبيرا عن مدى الآلام التي يكابدها أسر الضحايا واستذكارا وإحياء لذكرى اولئك الأبرياء الذين قضوا نحبهم خلال لحظات جراء استخدام أسلحة الدمار الشامل المحرمة دوليا ضدهم وهم عزل ومدنيون»، وأضاف محمد في حديث لـ«الشرق الاوسط»: «أن أسر الضحايا وجمعيتنا المدافعة عن حقوقهم يطالبون الحكومة العراقية الحالية وكل الجهات التي امدت النظام السابق بأسلحة الدمار الشامل ووسائل انتاجها بتعويضات مجزية لأسر الضحايا عن الأضرار الجسيمة التي لحقت بأبنائهم وأسرهم وممتلكاتهم علاوة على تقديم كل الضالعين في ارتكاب تلك المجزرة من قريب او من بعيد الى المحاكمة والقضاء».

وأعرب محمد عبد الله الذي فقد عشرة أفراد من أسرته بمن فيهم أبوه وأمه وإخوته وزوجته «اننا أهالي الضحايا كنا نحلم باليوم الذي نرى فيه مرتكبي هذه المجزرة البشعة وهم يمثلون أمام القضاء العادل وها قد حقق الله حلمنا، انه يوم سعيد جدا ونحن نشاهد عبر شاشات التلفاز (علي الكيمياوي) وأعوانه وهم يقفون في قفص الاتهام ويحاكمون على جريمتهم البشعة هذه»، وتابع يقول لـ«الشرق الاوسط»: «لقد طال انتظارنا لهذا اليوم التاريخي وعندما ينفذ القصاص في المجرمين ستسكن أرواح الشهداء وأنام قرير العين».

والمعروف ان محكمة الجنايات العليا في العراق تحاكم اربعة من كبار مسؤولي النظام السابق المتهمين بارتكاب كارثة قصف حلبجة بالسلاح الكيماوي؛ وهم كل من علي حسن المجيد ابن عم الرئيس السابق صدام حسين وسلطان هاشم وطارق رمضان المسؤول عن إلقاء القنابل الكيماوية على البلدة، فيما لازال عدد آخر من الضالعين في القضية هاربين عن وجه العدالة.