رسائل البريد الإلكتروني لبوش قد تبقى عصية على الكشف

ملايين الرسائل وآلاف صناديق الوثائق تواجه عملية أرشفتها معركة قانونية ومشكلات تقنية

TT

أشار عدد من المسؤولين الحكوميين والمؤرخين والمحامين إلى أن عملية نقل جميع رسائل البريد الإلكتروني والوثائق الخاصة بالبيت الأبيض في ظل إدارة بوش إلى الأرشيف الوطني ـ والتي كان من المفترض إنجازها في غضون أربعة أسابيع ـ قد جابهت معوقات بسبب خليط من مشكلات فنية ودعاوى قضائية وبطء الإجراءات القضائية المتعلقة بالحواسب الآلية. جدير بالذكر أن القانون الفيدرالي ينص على أن يقدم مسؤولو إدارة البيت الأبيض على وشك الرحيل، نسخا من سجلاتهم إلى الأرشيف الوطني. وتُقدر هذه السجلات بما يزيد على 300 مليون رسالة و25.000 صندوق من الوثائق التي ترسم ملامح جهود صنع بعض أكثر السياسات حساسية على امتداد الأعوام الثمانية السابقة. وبالنسبة لمسؤولي الأرشيف الوطني، فإنهم ليسوا على ثقة بعد ما إذا كانت عملية النقل سوف تتضمن جميع الرسائل الإلكترونية التي أرسلها واستقبلها المسؤولون، نظراً لأن الإدارة شرعت خلال الشهور الأخيرة فقط في استعادة مئات الآلاف من رسائل البريد الإلكتروني التي سبق أن تم الإعلان عن فقدانها من الملفات عام 2005 ومن الشرائط الإضافية الخاصة بالبيت الأبيض. كما تفاقمت مخاطر أن تتم عملية النقل على نحو غير كامل جراء المعركة القانونية الدائرة بين تحالف من عدد من المؤرخين والجماعات غير الهادفة للربح يرمي للاطلاع على سجلات ديك تشيني، نائب الرئيس الأميركي. ويطعن التحالف في تأكيد الإدارة أمام محكمة فيدرالية خلال هذا الشهر بأن تشيني «وحده يحق له تحديد ما يشكل سجلات تخص نائب الرئيس والأخرى ذات الطابع الشخصي» و«كيفية صنع والحفاظ على وإدارة والتخلص من» هذه السجلات بدون اعتراض من جهة خارجية أو مراجعة قضائية. من المعروف أن المؤرخين والصحافيين ـ بوجه عام ـ قد ترقبوا بشغف فرصة الاطلاع على السجلات الوثائقية الخاصة بفترة رئاسة بوش، لأن الرئيس ومساعديه عملوا على حجب الكثير من تفاصيل المشاورات التي جرت بينهم والتفاعلات مع مجموعات من خارج الإدارة عن الرأي العام. من جهتها، علقت أرنيتا إيه. جونز، المديرة التنفيذية للجمعية الأميركية التاريخية، والتي سبق أن تقدمت بدعوى قضائية ضد البيت الأبيض منذ عدة سنوات سعياً وراء الاطلاع على قدر أكبر من الملفات الرئاسية عما سمح به الرئيس بوش في إطار القرار التنفيذي الصادر عام 2001، بقولها: «يساورنا القلق. إن الإطار العام لا يبعث على الطمأنينة». يذكر أنه من المفترض أن تعمل الإدارة الوطنية للأرشيف والسجلات على المساعدة في مراقبة إنجاز عملية التسجيل التاريخي على الوجه الأكمل، لكنها لا تتمتع بسلطات على ممارسات إدارة السجلات التي ينتهجها البيت الأبيض. وفي تعليقه على رسائل البريد الإلكتروني المفقودة، قال المستشار العام بالإدارة لشؤون الأرشيف، جاري إم. سترن، خلال لقاء أُجري معه الأسبوع السابق: «نأمل ونتوقع أن توجد جميعها على النظام أو في الجزء الخاص بالسجلات التي يمكن استعادتها»، لكنه استطرد موضحاً أنه «ليس بإمكاننا التأكيد على ذلك». في المقابل، صرح سكوت إم. ستانزل، المتحدث الرسمي باسم البيت الأبيض، الأسبوع الماضي «أننا نحرز تقدماً كبيراً فيما يتعلق بوضع بيان بسجلات رسائل البريد الإلكتروني المخزنة على شبكة الحاسب الآلي الخاصة بنا»، لكنه رفض التعليق على كون الكثير من رسائل البريد الإلكتروني لا تزال مفقودة أو التوقع بالوقت الذي ستستغرقه عملية الاستعادة نظراً لأن الأمر تدور حوله حالياً دعاوى قضائية يجري النظر فيها.

يذكر أن كلا من «أرشيف الأمن القومي»، وهي مجموعة بحثية تاريخية، و«مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق داخل الحكومة»، وهي منظمة رقابية لا تهدف للربح، تقدمتا بدعاوى قضائية في سبتمبر (أيلول) 2007 لإجبار البيت الأبيض على الاحتفاظ بالشرائط الإضافية الخاصة برسائل البريد الإلكتروني، وفي نوفمبر (تشرين الثاني) 2007، أصدر القاضي هنري إتش. كنيدي حكماً يقضي باحتفاظ مسؤولي البيت الأبيض بهذه الشرائط.

وبالنسبة لسجلات نائب الرئيس، تعهد البيت الأبيض أمام قاض فيدرالي آخر الالتزام بقانون ينتمي لفترة إدارة نيكسون يُلزم بالحفاظ على ونقل كافة الوثائق المتعلقة بالمهام الرسمية لنائب الرئيس، إلا أن التحالف المؤلف من مؤرخين وجماعات هادفة للربح تقدم بدعوى للمحكمة يوم الاثنين يتهم فيها تشيني بالسعي نحو تضييق دائرة التعريف القانوني لما يشكل مهامه الرسمية، بحيث يتمكن من أن ينقل إلى منزله أو يدمر عددا لا حصر من الوثائق المتعلقة بكيفية صنع السياسات والتي يرغب المؤرخون في الاطلاع عليها. من ناحيتها، أعربت آن ويسمان، محامية الإدعاء، عن اعتقادها بأن تأكيدات تشيني بأن السجلات المرتبطة بالمهام الموكلة إليه بصورة خاصة من قبل بوش هي التي سيتم الاحتفاظ بها تشكل «ثغرة ... ضخمة الى درجة كافية بحيث تتيح تمرير كميات هائلة من الوثائق عبرها»، مستطردة بأن ذلك يعني أن تشيني لن يتعين عليه تسليم الوثائق المرتبطة بالتشريعات أو «المشورة التي قدمها للرئيس بمبادرة منه والنفوذ الذي تمتع به على قرارات الرئيس». خدمة «واشنطن بوست» ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»