أولمرت في أنقرة للدفع باتجاه مفاوضات مباشرة مع سورية.. ونتنياهو: لن نتخلى عن الجولان

الأسد: الانتقال إلى المفاوضات المباشرة ممكن على أساس قرارات مجلس الأمن

الرئيس السوري بشار الأسد خلال استقباله نظيره الكرواتي ستيفان ماشيك في دمشق أمس (رويترز)
TT

بدأ رئيس الوزراء الاسرائيلي، ايهود اولمرت، زيارة الى انقرة امس لإجراء مباحثات مع نظيره التركي، رجب طيب اردوغان حول المفاوضات غير المباشرة الجارية بين اسرائيل وسورية بوساطة تركية، وذلك على خلفية ما وصفته مصادر سياسية إسرائيلية بالتقدم الذي احدث جوا من التفاؤل في المفاوضات غير المباشرة بين السوريين والاسرائيليين. ونقلت صحيفة «معاريف» الاسرائيلية امس عن مصادر دبلوماسية ان رئيس الوزراء الاسرائيلي قد يلتقي موفداً سورياً خاصاً في العاصمة التركية التي وصلها امس، بهدف اطلاق مفاوضات مباشرة مع السوريين، إلا ان مصادر في ديوان رئيس الوزراء، نفت علمها بالامر.

وكانت المصادر التي قالت ان اولمرت تبادل مع الرئيس السوري أخيرا عدة رسائل سرية بحثت بعض التفاصيل، رجحت ان الرئيس السوري يريد مفاوضات مباشرة مع اسرائيل على امل ان تتدخل الادارة الاميركية الجديدة مباشرة وترعاها، وهذا سيعطي بلاده فرصة للمناورة، وكسر العزلة وإعادة سورية الى موقعها المؤثر في العالم العربي. وفي الوقت الذي طار فيه أولمرت الى انقرة، اصطحب زعيم حزب الليكود بنيامين نتنياهو، والمرشح لرئاسة الوزراء في اسرائيل، ابرز مسؤولي حزبه الى هضبة الجولان في رسالة الى السوريين وحكومة اولمرت، وقال من هناك «لا نعرف ما الذي يجري وسيتفق عليه اولمرت خلف أبواب مغلقة». واضاف «نحن هنا لنعلن بصورة لا لبس فيها، ان اي حكومة سيرأسها الليكود سوف تبقي على مرتفعات الجولان وتحتفظ بها باعتبارها رصيدا استراتيجيا». وكان نتيناهو قد اعلن سابقا ان اي اتفاق لا يلزم الحكومة لتي سيشكلها. وكانت سورية قد اعلنت أخيرا انها قدمت الى الوسيط التركي وثيقة ترسم فيها حدود هضبة الجولان لا سيما في منطقة بحيرة طبريا، وهي بانتظار رد اسرائيل عليها تمهيدا لاستئناف المفاوضات. ولم يوافق يمين اسرائيل ولا يسارها على تقديم اي تنازلات في الهضبة للسوريين، اثر تليمحات اولمرت التي قال فيها إن السلام مع سورية قابل للتحقيق، وإن «لإسرائيل مصلحة عليا في استمرار المفاوضات مع سورية». وكان وزير الدفاع الإسرائيلي، إيهود باراك، قد وصف المطالب السورية في المفاوضات مع إسرائيل حول استعادة هضبة الجولان بأنها «غير واقعية»، معتبرا أن أي حكومة إسرائيلية لا يمكنها قبول المطالب التي عرضتها سورية. وقال موشيه يعلون، رئيس الاركان السابق للجيش الاسرائيلي «لست بحاجة إلى أن تكون خبيرا عسكريا كيف تفهم انه لا يمكن الدفاع عن حدود عام 1967 إلا من هذه الزاوية». واضاف «الجولان هو الاوكسجين للدولة لليهودية، والتخلي عنه هو انتحار محتمل لدولة إسرائيل». وسيلتقى اولمرت الرئيس التركي كما سيجري محادثات مع نظيره التركي على عشاء عمل وليس من المقرر عقد اي مؤتمر صحافي. وفي حين يحاول اولمرت تحقيق الانتقال الى مرحلة المفاوضات المباشرة مع سورية، اعلن الرئيس السوري بشار الأسد ان المفاوضات غير المباشرة بين سورية وإسرائيل هي لبناء أساس عملية السلام، وأنه إذا كانت هذه الأسس سليمة ستكون المفاوضات المباشرة ناجحة، ويمكن المتابعة فيها نحو السلام. وأضاف أن «الأساس» بالنسبة لسورية هو «الالتزام بقرارات مجلس الأمن»، مؤكدا في الوقت نفسه ان بلاده قد تدخل في مفاوضات سلام مباشرة مع اسرائيل على اساس قرارات مجلس الامن الدولي. وقال الاسد خلال مؤتمر صحافي مع نظيره الكرواتي ستيبان ميسيتش الذي بدأ امس زيارة رسمية لسورية «لا نستطيع تحقيق السلام في المفاوضات غير المباشرة. ومن الطبيعي أن ننتقل في مرحلة لاحقة إلى مرحلة المفاوضات المباشرة. وشبه عملية السلام بـ«البناء الذي يحتاج إلى أسس متينة ومن ثم نبني البناء وليس العكس». كما أكد الأسد أن أمن العالم العربي وأمن أوروبا مرتبطان خلال التاريخ كما أن «مستقبل منطقتينا يواجه تحديات مماثلة، وهو ذو آفاق مشتركة»، منوها بأهمية تفعيل الدور الأوروبي في عملية السلام ودعم تنفيذ قرارات مجلس الأمن وضرورة الربط بين استجابة إسرائيل لهذه القرارات والعلاقات الأوروبية مع إسرائيل في مختلف المجالات. وعن الأوضاع في غزة، قال الأسد إنه ناقش مع الرئيس الكرواتي «الوضع المأساوي للشعب الفلسطيني في غزة والناجم عن الحصار الإسرائيلي الجائر وسياسة العقاب الجماعي الذي تمارسه إسرائيل». وحول الوضع في العراق، أكد الرئيس السوري ضرورة خروج القوات الأجنبية منه وضمان وحدته أرضاً وشعباً وتحقيق سيادته واستقلاله. وعما إذا كان الأسد يرى تغييراً قد يحصل في الشرق الأوسط مع تسلم الإدارة الأميركية الجديدة مهامها، قال «نحن بطبعنا نتفاءل، وهذا لا يعني أن ندخل في إطار التوقعات التي لا توجد لديها معطيات مادية واضحة بعد. ولذلك بدل إعطاء التوقعات نأمل (من الإدارة الأميركية) أولاً ألا نرى حروبا جديدة في أي مكان في العالم، وخاصة في الشرق الأوسط». وأضاف «ثانيا نأمل أن تعمل الإدارة بشكل جدي وعملي وواقعي من أجل تحقيق السلام في منطقتنا، وأن تقوم بعمل جدي، وأن تمتلك رؤية واضحة لحل المشكلة الكبيرة، وهي العراق من خلال العمل على سحب القوات، ومن خلال خلق عملية سياسية تؤدي لاستقرار العراق وتوحيد أراضيه في المستقبل». وتابع «لكن علينا أن ننتظر مجيء الإدارة المقبلة في الشهر المقبل قبل أن نحكم على أي شيء». وبدوره أوضح الرئيس مسيتش بأن اللقاء الذي تم بينه وبين الرئيس الأسد هو اللقاء الرسمي الأول بين سورية وكرواتيا، مؤكداً بأن لهذا اللقاء أهمية خاصة، مشيرا الى انه سيقوم بزيارة القوات الدولية في الجولان السوري والتي تضم كتيبة كرواتية. وأضاف أنه وجه دعوة للرئيس الاسد لزيارة كرواتيا وستكون هذه الزيارة دفعة لتطوير العلاقات ويمكن التعاون في جميع المجالات والأبواب مفتوحة من الطرفين. وكان الرئيس الكرواتي قد وصل الى دمشق مساء امس في زيارة رسمية الى سورية تلبية لدعوة من الرئيس الاسد. ووقع الجانبان أول من أمس على اتفاقية للنقل وتبادل الخدمات الجوية يسمح بموجبها دخول الخطوط الجوية الكرواتية السوق السورية، وبالعكس وتأتي هذه الاتفاقية إضافة إلى اتفاقيات عدة أخرى موقعة بين الجانبين في مجال النفط.